بروكسل: تسلم رئيس وزراء لكسمبورغ جان كلود يونكار بدءا من نهار اليوم السبت مهام الإشراف ليس على الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي(25دولة عضو) فحسب ولكن أيضا على إدارة شؤون منطقة الوحدة النقدية والاقتصادية الاوروبية التي تضم اثني عشرة دولة اعتمدت العملة الاوروبية الموحدة.

وهذه هي المرة الأولى في تاريخ التعامل النقدي الأوروبي الذي يتم فيها تكليف أحد المسؤولين بشكل رسمي لادارة أهم معضلة تواجه الاتحاد الأوروبي حاليا وهي معضلة تنسيق سياسة اليورو وتمثيله في المحافل و أمام المؤسسات الدولية. وفيما لا تتجاوز الرئاسة الدورية الاوروبية تقليديا فترة الست اشهر فان جان كولد يونكار سيتولى تمثيل اليورو لفترة العامين ونصف العام هذه المرة وفي مبادرة تعكس التحدي الكبير الذي يوجه الاوروبيون في التعامل مع تصاعد عملتهم الواحدة واحتدام تداعيات ذلك على أداء الاقتصاد الأوروبي. ويبدو اليورو في الواقع كفارس فعلي لم يخض أي من المعارك التي جعلته في الواجهة لكون صعوده في أسواق المال يعكس ضعف العملات المنافسة له وليس قوة الاقتصاد الذي يعبر عنه.

واختارت الدول الاوروبية في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي رئيس وزراء لكسمبورغ الذي احتفل منذ أيام فقط بعيد ميلاده الخمسين لتولي الإشراف على تمثيل اليورو والتحدث باسمه في المحافل الدولية نظرا للتجربة النقدية والاقتصادية المتينة التي يتمتع بها يونكار والذي تولى إدارة الاقتصاد في بلاده لفترة ثلاث وعشرين عاما متتالية إلى جنب توليه رئاسة حكومة تعبر إحدى أثرى حكومات أوروبا على الإطلاق. و سيرأس يونكار مجموعة اليورو التي تم إرساؤها عام 1999 وضلت في الواقع دون تمثيل فعلي و غير قادرة على مواجهة تقلبات أسواق المال والرد على تحديات المضاربين الذين سيستمرون في إثارة العملة الاوروبية طيلة العامين المقلبين على الأقل. وسيشرف يونكار على محاولات كبح تصاعد سعر صرف العملة الاوروبية وهو الهاجس الرئيسي لدول الاتحاد والتي ستعقد قمة استثنائية اقتصادية خلال شهر آذار (مارس) المقبل في مرحلة جدية لحفز النمو والدفع بما يعرف باستراتيجية لشبونة الاقتصادية والطامحة في جعل أوروبا أول منطقة تنافسية في العالم مع مطلع عام 2010.

ويقول المسؤولون الاوروبيون ان تكليف جان كلود يونكار بمهمة تنسيق سياسة اليورو يندرج ضمن نفس المنهج الذي اتبعته دول وجهات أخرى وفي مقدمتها اليابان والولايات المتحدة . وفي طوكيو وواشنطن فان الإدارة الداخلية لشؤون العملة هي من اختصاصات المصرف المركزي الياباني والخزانة الاتحادية ولكن سياسة التحكم في أحجام الصرف تعود إلى رجال السياسة بالدرجة الأولى وهو ما يريد الاتحاد الأوروبي التوجه إليه.
وإذا ما تمكن جون كلود يونكار هذا العام من تحييد المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت ودفعه نحو القول بازدواجية الإدارة الفنية والسياسية لليورو فان الاتحاد الأوروبي قد يتمكن في نهاية المطاف ولكن خلال العام المقبل فقط من التأثير على المضاربين في أسواق المال.

ولم ينجح المصرف المركزي الأوروبي حتى الآن سوى لفظيا وبشكل محتشم في التأثير على الأسواق . وفيما تبدي السلطات الأميركية هدوءا مثيرا في التعامل مع تراجع الدولار الذي بدا منذ عامين بهدف الحد من العجز في ميزان المدفوعات العامة فان الدول الاوروبية تأخرت في التحرك للتأثير سياسيا على أسواق المال ولم توجه إشارات عملية حاسمة . وتمكنت أوروبا خلال السنوات الثلاث الماضية من الحد من اثر تصاعد حجم صرف اليورو لسبب رئيسي واحد والمتمثل في الأداء المتميز لاقتصاديات آسيا وقدرة أوروبا التصديرية رغم ارتفاع أسعار المحروقات . ولكن وتيرة النمو العالمي وإذا ما اتجهت إلى التراجع كما هو متوقع ستدفع هذه المرة بالمسؤولين في منطقة اليورو إلى التدخل وهو ما سيسعى إليه رئيس وزراء لكسمبورغ والذي وضع الشؤون الاقتصادية من بين أولويات رئاسته الاوروبية.