كامل الحرمي من الكويت: مع زيادة الطاقة الإنتاجية للدول المصدرة للنفط الخام وزيادة الطلب العالمي على النفط بدأت الدول النفطية في التحرك نحو تمديد سنوات العقود النفطية وتثبيت مددها بدلا من الإكتفاء بالتجديد التلقائي مع نهاية كل عام أو بما يسمي بـ Ever-Green contract.كما تتجه الدول النفطية للبحث عن مستوردين وزبائن جدد مع الاحتفاظ بالمشترين والمستوردين من المنافسين والعروض المنافسة الأخري.

وهناك تحرك وتطور جديدين في الأسواق النفطية لإيجاد منافذ مستقرة آمنة علي المدي البعيد للدول المصدرة للنفط.والموقع الجغرافي لجميع الدول الخليجية المصدرة للنفط يلزمها التوجه شرقًا نحو الزبائن في الدول الآسيوية المجاورة وهذا أمر طبيعي بسبب قربها من الدول الآسيوية التي تمثل أسواقها النامية أكثر من 50% من أسواق الدول النفطية الخليجية.

ويبلغ معدل استهلاك آسيا من النفط حوالي 23 مليون برميل اي مايعادل 29% من اجمالي الاستهلاك العالمي وهذا الرقم في تزايد مستمر وخاصة بالنسبة للصين ثاني أكبر مستهلك للنفط والتي يقدر استهلاكها بحوالي 7 ملايين برميل في اليوم. و لكن مع الزيادة المتوقعة للطاقة الإنتاجية للدول النفطية وخاصة دول الخليج والعراق لاحقا عند استتاب الأمن فيه فلا بد من ضمان أسواق آمنة علي المدي الطويل.وبعض الدول النفطية بدأت منذ أكثر من 20 عاما في الاستثمارات المباشرة في اسواق الدول المستهلكة وبدأتها فنزويلا بشرائها مصاف ومحطات وقود السيارات في بعض الولايات الأميركية التي تستخدم النفط الفنزويلي وتلتها الكويت في عام 1983 بشرائها مصاف و محطات بنزين في أوروبا و هي التي تعمل حاليا تحت شعار" "Q8 .

ودخلت شركة أرامكو السعودية في مشاريع ومشاركة مع شركة شل في الولايات المتحد تحت اسم " ستار" واليابان مع " شوا شل" ومع شركة " بترون" في الفلبين وفي كوريا حيث تمتلك واحدة من أكبر المصافي فيها.

وهذه الإستثمارات المباشرة هي استراتيجيات تسويقية بعيدة الأمد لضمان أسواق آمنة محصنة ضد المنافسين الآخرين المنتجين للنفط حاليا ومستقبلا. وفي حالة عدم وجود فرص ااستثمارات مباشرة تتوجه الدول النفطية إلى تثبيت عقودها مثل ما حدث عند توقيع اتفاق مؤسسة البترول الكويتية مع الشركة الكورية " "SK إذ نص العقد على أن يكون لمدة 10 سنوات بدلا من التجديد التلقائي السنوي.

ومن المتوقع ان تعمل الدول النفطية الأخري نفس الشئ وذلك لضمان عائد على إستثماراتها النفطية في البحث والتنقيب وحتي لاتكون لها طاقات انتاجية فائضة بدون اسواق مستعدة لإستهلاك الكميات الفائضة ولكي تضمن الدول النفطية في الوقت نفسه أسعارا مستقرة علي المدي البعيد.

وتنتظر الدول المستهلكة للنفط الشروط الجديدة للإتفاقات النفطية وتراجعها وتحاول في نفس الوقت الحصول علي مزايا أفضل أو ربط بعض المشاريع النفطية مثل مساعدتها في بناء المخزون الإستراتيجي أو استثمار مباشر في اسواقها المحلية او في بناء مصفاة تكرير.

طبعًا الدول النفطية ستتنافس فيما بينهما و لكن النصيب الأكبرمن الأسواق سيكون للدول النفطية الكبرى مثل المملكة العربية السعودية التي تزود آسيا بحوالي 4.5 مليون برميل أي ما يعادل 20 % من استهلاك آسيا من النفط وهذا شئ طبيعي لأن السعودية تمتلك الطاقة الإنتاجية الأكبر وتمتلك اكبر الاحتياطيات النفطية وتمتلك انواعا مختلفة من نفوط الخام و تستطيع بالتالي ان تزود الزبون بجميع متطلباته.

وهناك ايضا مبدأ المقايضة إذ بدلا من الدفع نقدا يتم بيع االنفط مقابل سلعة أخري وهنا يأتي دور الدول الأكثر كثافة بالسكان مثل ايران، أو العراق والمملكة العربية السعودية حيث تستفيد الدول المستهلكة من هذه الطريقة وقد تحبذها وتفضلها بعض الدول المستهلكة للنفط بدل الدفع المباشر وذلك للاستفادة أيضا من تسويق منتجاتها المحلية.
ومن الطبيعي أن الدول النفطية ستواجه منافسة كبيرة للإستحواذ علي حصص في الأسواق الآسيوية وكذلك في الدول المستهلكة الأخري ولكن لكل دولة منتجة ومستهلكة للنفط مزايا وعناصر وقواسم مشتركة وأهمها تنويع مصادر الإستيراد بدلا من الإعتماد علي دولة واحدة مصدرة للنفط. وستحصل كل دولة نفطية على حصتها من الأسواق حسب انتاجها وطاقاتها الإنتاجية بالإضافة الي استعمال آليات وأفكار تسويقية مبتكرة للحصول علي نسبة و حصص أكبر من الأسواق.

وحتما ستكون المنافسة شديدة وعلي جميع المستويات السياسية الأقتصادية والمالية للحصول علي حصص مناسبة في الأسواق الآسيوية وتثبيتها وتعزيزها. فالأسواق الآسيوية مهمة جدا وليس فقط لقربها الجغرافي ولكن لسبب آخر والأهم هو ان الاسواق الآسيوية تحقق ارباحا أعلي وأكبر من الأسواق العالمية الأخري بما يتراوح بين 3 الي 4 دولارات في البرميل الواحد. وهذه الميزة المالية الفريدة التي تعجل في زيادة الاستثمارات هناك.