نهاد إسماعيللندن
شهد التعاون السوداني الصيني نشاطا متزايدا في العامين الأخيرين في تجاهل للحملة السياسية الغربية الشديدة على السودان بشأن الحرب في الجنوب والتطورات السلبية في اقليم دارفور.
ولا شك أن الحل السلمي لهذه النزاعات سيعود بفائدة كبيرة على السودان بتركيز الاهتمام على تنمية الاقتصاد وتطوير القطاع النفطي.
المهندس يحيى أبوالعلا المستشار الفني في قطاع النفط لمجموعة شركتي أسينديكو وساماسو أويل العاملتين في قطاع الطاقة في السودان يرى أن السودان «يمر حاليا بمرحلة تطوير هائلة في مجالات التنقيب والانتاج وأن الشركات الصينية أخذت حصة الأسد من المشاريع بالاشتراك مع شركة بتروناس الماليزية، وهناك اكثر من 10 مربعات نفطية (بلوكس) جديدة اكتشفت أخيرا، وهي قيد التطوير». واستغلت الصين تردد الشركات الغربية الكبرى في ضخ استثمارات لتطوير صناعة السودان في اطار التزاحم الدولي على مصادر النفط التي تزداد شحة، ورفضت الصين بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن الضغوط الأميركية بفرض عقوبات على السودان. وبنت الصين على تركة من العلاقات القديمة الطيبة بين السودان والصين. وأثار التطور السريع في الاقتصاد الصيني وتحولها من بلد زراعي الى عملاق صناعي في العشرين عاما الماضية شهية شديدة لديها لزيادة مواردها من المواد الأولية.

وحاولت الصين أن تلعب دورا في مجالات الطاقة في مناطق مثل كازاخستان والشرق الأوسط ولكنها فشلت امام المنافسة الشديدة من الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات التي تسيطر على مصادر الطاقة في العالم. وباءت طموحات الصين في الوصول الى الاحتياطات الروسية في سيبيريا بالفشل بسبب المنافسة اليابانية. وحتى العراق بات مغلقا في وجه الصين بسبب العنف وهيمنة الاحتلال الأميركي على المشاريع، ولكنها نجحت في توقيع صفقات ضخمة مع ايران كان آخرها استثمارات تبلغ قيمتها 70 مليار دولار في مشروع غاز «جنوب بارس» العملاق. واستوردت الصين في اوائل التسعينات 6 في المائة من حاجتها النفطية، ويتوقع أن تستورد 60 في المائة من احتياجاتها للطاقة بحلول عام 2020. وباتت الصين ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة وحلّت محل اليابان. وأبدت الصين اهتماما غير عادي في السودان خاصة بعد أن تخلّت عنها الشركات الأجنبية الغربية مثل شيفرون ـ تكساسكو في اوائل التسعينات لاسباب سياسية، وتبعتها شركات كندية كانت آخرها تاليسمان التي غادرت السودان نتيجة للضغوطات الأميركية، كما تتعرض الشركة الصينية الوطنية لضغوط مشابهة ولكنها قاومت وقررت البقاء في السودان. وكبلد زراعي نام مثل السودان بحاجة لاستثمارات خارجية مالية وتقنية لتطوير الصناعة النفطية، وجدت الصين ضالتها هناك، وإذا عدنا إلى تاريخ الاستثمار الصيني في السودان، نجد أنه بدأ أوائل التسعينات وازداد بشكل ملحوظ عام 1996 عندما التحقت شركة نفط الصين الوطنية «بمجموعة اتحاد شركات» وبالتعاون مع وزارة الطاقة السودانية في بناء أكبر مصفاة في السودان.

واستثمرت العام الماضي 300 مليون دولار لمضاعفة انتاج المصفاة. وتمتلك شركة نفط الصين الوطنية 40 في المائة من «شركة النيل العظيم» للبترول، وتعمل أيضا بمشاركة مع شركات من السودان وماليزيا والهند.
وينتج الحقلان هجلج والوحدة اللذان يقوم اتحاد الشركات بتشغيلهما 350 ألف برميل يوميا حسب بيانات وكالة الطاقة الاميركية، فضلا عن ذلك تمتلك الشركة الوطنية الصينية للبترول معظم حقل الملوط الذي يتوقع أن ينتج 300 ألف برميل يوميا في عام 2006. وتمد شركة صينوبك خط أنابيب من هذا الحقل إلى بورسودان على البحر الاحمر حيث تبني شركة صينية أخرى «مجموعة البناء الهندسية» (اينجنيرينك كونستركشن غروب) ميناء لتصدير النفط، وقدر استثمار الصين حتى الآن بين 7 و8 مليارات دولار.
السودان ليس عضوا في منظمة أوبك ولكنه حصل على صفة مراقب عام 2001 وهذا دليل على أنه اصبح منتجا نفطيا مهما، ويبلغ انتاج السودان الحالي 400 ألف برميل يوميا ويتوقع أن يرتفع إلى نصف مليون برميل يوميا في أواخر عام 2005 وإلى 1.4 مليون برميل يوميا في غضون 4 سنوات.
وعلى صعيد ثروات السودان النفطية، تبلغ احتياطات البلاد المؤكدة 563 مليون برميل وفقا للدراسات المتاحة لدى الحكومة، وهذا ضعف تقديرات عام 2001 فيما تستمر الدراسات الجيولوجية والارتجاجية، وقد تزداد هذه التقديرات مع زيادة الاكتشافات، ويزود السودان الآن الصين بـ 6 في المائة من احتياجاتها النفطية. ويتوقع المهندس الاستشاري السوداني أن السودان يؤمن فرصا كبيرة للاستثمار في قطاع الطاقة.