اقتصاديات المنطقة العربية أمام 5 مفاجآت خلال 2005

- استقرار العراق سيرفع مستويات الاستهلاك والاستثمار الصادرات

- تأثير سلبي لضعف نمو الاقتصاد العالمي وتحقيق السلام الفلسطيني الإسرائيلي يساعد على جذب الاستثمارات وتحسين الأوضاع الاقتصادية في الشرق الأوسط

عصام المجالي من عمّان: رغم توقعات معظم المراقبين بأن تحقق الدول العربية معدلات نمو اقتصادية قوية خلال العام الحالي،حذر خبير اقتصادي من بعض المفاجآت والأحداث غير المتوقعة التي قد يكون لها تأثير بالغ على مجريات الأحداث بطريقة معاكسة لما يتوقعه معظم المراقبين.

وقال الدكتور هنري عزام الرئيس التنفيذي لـ جوردان انفست أن أهمية هذه المفاجآت تكمن في كونها مرتبطة بعضها مع بعض، وحدوث أي منها سينعكس على الأوضاع الاقتصادية سواء على الساحة المحلية أو العالمية .

وتشمل هذه التوقعات حدوث تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي العالمي، ابتداء بمجموعة الدول الأوروبية التي تراجعت صادراتها من جراء ارتفاع سعر صرف اليورو مقابل الدولار إضافة إلى تأثر الطلب المحلي بسبب ارتفاع أسعار النفط.

واضاف عزام أن الاقتصاد الياباني أخذ يظهر عليه خلال الأشهر القليلة الماضية بوادر ضعف في النمو الاقتصادي، وأصبح تراجع سعر صرف الدولار يشكل تهديداً رئيسياً للصادرات اليابانية التي كانت المحفز الأول للانتعاش الاقتصادي العام الماضي. وإذا ما نجحت الصين في جهودها لإبطاء معدلات نموها الاقتصادي فإن ذلك سيترك أثره السلبي على قطاعها المصرفي ذات البنية الهيكلية الضعيفة، وقد يؤدي إلى ضعف نمو الاقتصاد العالمي وإلى تراجع الطلب على النفط وانخفاض أسعاره وما لذلك من تأثير سلبي على النشاط الاقتصادي لدول المنطقة، وأرباح الشركات وتدفق الاستثمارات لأسواق هذه الدول.


وأوضح أن المفاجأة الثانية قد تكون حدوث إنخفاض حاد غير متوقع في أسعار النفط ليتراجع سعر برميل خام برنت إلى حدود 22 دولارا، نتيجة تحسن الأوضاع الأمنية في العراق وتوقعات أسواق النفط بأن يعود هذا البلد إلى معدلات إنتاجه السابقة، أو إذا ما شهد النصف الشمالي من الكرة الأرضية فصل شتاء معتدلا يؤدي إلى تراجع معدلات نمو الطلب العالمي على النفط،و قيام صناديق التحوط ببيع عقود النفط في الأسواق الآجلة.

وأكد أن مثل هذا الانخفاض في أسعار النفط سيساعد على انتعاش النمو الاقتصادي العالمي وسيكون له انعكاس إيجابي على أسعار الأسهم في نيويورك وأسواق المال الرئيسية الأخرى،ويشجع هذا التطور البنك الفدرالي الأميركي على إتباع سياسة نقدية أكثر تشدداً لترتفع أسعار الفائدة على العملة الأميركية بشكل أسرع كما هو متوقع الآن وهذا سيحسن من أسعار صرف الدولار في الأسواق العالمية.

وستعاني الدول العربية المنتجة للنفط جراء انخفاض العوائد النفطية وارتفاع أسعار الفائدة المحلية لتجاري مثيلتها على الدولار مما سيترك آثاراً سلبية على النمو الاقتصادي لدول المنطقة وأرباح الشركات المدرجة وأسعار أسهمها.


وأشار إلى أن الحدث الآخر غير المتوقع الذي قد يؤثر على دول المنطقة هو انخفاض الطلب على الائتمان، وإذا ما تم رفع أسعار الفائدة المحلية بشكل أسرع من ما هو متوقع، وقامت السلطات النقدية بإتباع سياسة نقدية متشددة تجعله أصعب على البنوك التوسع بتقديم التسهيلات الائتمانية، فإن ذلك قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي مع احتمال حدوث تصحيح في أسعار العقارات والأسهم.

ويتوقع معظم المراقبين استمرار عوامل عدم الاستقرار في العراق حتى بعد انتهاء الانتخابات المزمع عقدها في 30 كانون الثاني(يناير) من هذا العام، وكما حدث في السابق فإن الاضطرابات وعوامل عدم الاستقرار لن تسمح للعراق بزيادة معدلات إنتاجه من النفط مما سيبقي على الأسعار مرتفعة في أسواق النفط العالمية، إلا أن الحدث غير المتوقع هو عودة الأوضاع إلى الاستقرار بشكل تدريجي بعد أن تحقق الأغلبية الشيعية بقيادة آية الله علي السستاني فوزاً كاسحاً في الانتخابات، وتشكيل حكومة وفاق وطني تأخذ في الاعتبار مطالب الأقلية ويتم وضع دستور جديد للبلاد يحفظ حقوق كافة الأطراف. وقد تسمح مثل هذه التطورات للقوات الأميركية بالانسحاب التدريجي من المدن العراقية الرئيسية.

كما أن التحسن في الأوضاع الأمنية سيقنع المتعاملين في سوق النفط العالمي بأن العراق سيعود إلى مستويات إنتاجه السابقة وبالتالي ستتراجع الأسعار عن معدلاتها الحالية المرتفعة. إلا أن الأثر السلبي لذلك على معدلات النمو الاقتصادي لدول المنطقة سيتم تعويضه عن طريق ارتفاع مستويات الاستهلاك والاستثمار، وزيادة الصادرات لسوق العراق والأسواق العالمية المنتعشة وتقليص عوامل عدم اليقين للمنطقة ككل.

ورغم أن معظم المراقبين لا يتوقعون حدوث أي تقدم مفاجئ أو سريع في ما يتعلق بعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل يرجحون استمرار الاضطرابات وعدم الاستقرار هناك مع متابعة الجانب الإسرائيلي في مخطط الفصل الأحادي الجانب واستكمال بناء الجدار العازل، يرى عزام أن المفاجأة قد تكون بقيام الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للعودة إلى عملية السلام خاصة إذا ما أعلنت القيادة الفلسطينية الجديدة والتي اكتسبت شرعية محلية ودولية بعد الانتخابات الأخيرة عن معارضتها لعسكرة الانتفاضة ونجحت في توفير الحد الأدنى من الأمن والاستقرار في المناطق الفلسطينية.

وأكد أن أي تطور بهذا الاتجاه سيزيد من فرص تحقيق السلام ويقلص بالتالي من عوامل عدم اليقين التي ما زالت تهيمن على المنطقة، وسيساعد على جذب الاستثمارات وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وفرص النمو ليس فقط في المناطق الفلسطينية بل في الشرق الأوسط ككل.


وأكد عزام أن عام 2005 سيكون عاماً جيداً لدول المنطقة من ناحية النمو الاقتصادي، وأرباح الشركات، والموازين الداخلية والخارجية وأسعار الأسهم ووستتوفر الأموال لحكومات دول المنطقة لتنفيذ سياساتها المالية التوسعية وسينعم القطاع الخاص بمناخ استثماري مشجع، إلا أنه خلال هذه الأجواء الإيجابية يجب أن لا ننسى بأن أمورا غير متوقعة قد تحدث ولا بد من أن نكون مستعدين لها لكي لا تفاجئنا.