نهاد اسماعيل من لندن: تشير احصائيات وزارة المالية الاميركية الى تنامي العجز، وتشير اسواق صرف العملات استمرار انخفاض الدولار رغم الانتعاش القصير الامد، من جهتها تشير بورصات النايمكس في نيويورك وبورصة لندن العالمية للنفط إلى ان اسعار النفط تتصاعد وقد تخترق حاجز الخمسين دولارا.

وسط هذا الزحام من الارقام يوجه الاميركيون اصابع الاتهام للغير، فالصين واليابان والاتحاد الاوروبي واوبك كلها مذنبة ومشاكل العجز والدولار سببها الاخرون والولايات المتحدة "المسكينة" تبقى بريئة وضحية للمؤمرات الاقتصادية الخارجية.

اشارت احصاءات شهر تشرين الثاني(نوفمبر) ان العجز الاميركي ارتفع الى مستوى قياسي بلغ 60.3 مليار دولار اي بمعدل ملياري دولار في اليوم وهذا يمثل ارتفاعا يعادل 7.7% منذ شهرتشرين الاول(أكتوبر). هذه الارقام ازعجت الاميركيين و أغضبت الاوروبيين، فالاميركيون يأملون انخفاض الدولار وبالتالي تقليص العجز، اما الاوروبيون فكانوا يتوقعون انتعاشا للدولار يمكن صادرات منطقة اليورو من التنافس.

ويعزو بعض المحللين مثل ايروين ستيلزر من معهد هادسون الاميركي سبب العجز الى ارتفاع اسعار النفط إذ ارتفعت فاتورة استيراد النفط لشهرتشرين الثاني(نوفمبر) 20 مليار دولار.، اضافة الى انخفاض صادرات قطاع الطائرات. ويتوقع ايروين ستيلزر ان يصل العجز الاجمالي لعام 2004 الى 600 مليار دولار اي 6% من اجمالي الانتاج المحلي (GDP).

ويلقى غرين سبان رئيس الاحتياط الاتحادي للبنك المركزي الفيدرالي الأميركي باللوم على اوبك ، اما جون سنو وزير المالية الاميركي فيلوم اوروبا واليابان لعدم السماح لاقتصادهما بالنمو السريع الامر الذي من شأنه المساعدة في تنمية الصادرات الاميركية لهاتين المنطقتين الهامتين.

لكن دون ايفانز وزير التجارة الاميركي يلوم الصين لعدم رفع قيمة الرنمنبي مقابل الدولار مما يجعل اسعار المنتجات الصينية اقل رخصا في الاسواق الاميركية ويقلل فاتورة الاستيراد من الصين. وبلغ فائض الميزان التجاري بين الصين والولايات المتحدة في شهرتشرين الثاني(نوفمبر) 16.6 مليار دولار لصالح الصين.

ومن ناحية أخرى يلوم الاوروبيون والصينيون الولايات المتحدة لفشلها في تقليص الانفاق الحكومي الذي يغذي العجز وبدوره يؤدي الى انخفاض قيمة الدولار مقابل العملات الاخرى.

ومن المتوقع ان تسيطر هذه الاتهامات المتبادلة على جو مؤتمر مجموعة السبع المزمع عقده في لندن الشهر القادم، الا ان الامر يزداد تعقيدا بين اوروبا واميركا اذ واجهت المفاوضات بين الطرفين عقبات بخصوص الدعم المالي الذي تتلقاه شركة طائرات "ايرباص" من الاتحاد الاوروبي. يذكر ان ايرباص حققت نجاحا يعتقد الاميركيون انه عل حساب بوينغ إذ استطاعت ايرباص تصدير 320 طائرة مقابل 285 صدّرتها بوينغ العام الماضي وتشير ارقام العام الحالي الى 350 و 320 طائرة على التوالي.

ومهما يحدث من تطورات بين بوينغ وايرباص، ستستمر الصادرات الاميركية في التدهور. فعلى سبيل المثال يعاني قطاع الزراعة الذي سجل نجاحات كبيرة في مجال التصدير الاميركي من عجز حاليا. والقلق الاعظم هو من الصين التي بدأت تدخل تدريجيا مجال التصنيع الالكتروني والسيارت وليس فقط الملابس الرخيصة، مما يعزز الصادرات الصينية على حساب الولايات المتحدة ويؤدي الى استمرار تدهور الدولار، وضعف الدولار يبقى مصدر قلق شديد في اليابان واوروبا.