علي الشطي من الكويت: قال رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الاحمد في كلمته التي افتتح بها منتدى الكويت الاقتصادي الاول أن المنتدى يمثل اضافة للجهود التي تبذلها الدولة على كل المستويات لاعادة بناء الكويت كمركز مالي وتجاري في المنطقة.
واكد ان الكويت سعت في ظل التطورات الايجابية والظروف الدولية والاقليمية الى المضي قدما في استراتيجيتها الهادفة الى تنويع مصادر الدخل وتطوير نشاطات اقتصادية تعزز من فرص العمل لابناء الوطن وتحقيق التنمية المستدامة التي تكفل الرخاء للجيل الحاضر وتضمن العيش الكريم لجيل المستقبل.

واوضح ان الدولة عملت لتحقيق تلك الاهداف من خلال ثلاثة محاور رئيسية اولها تطوير البنى التحتية التي تحتاجه تلك النشاطات الاقتصادية وثانيهما تطوير التشريعات والقوانين وتسهيل الاجراءات التي تسهم في تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية والمحور الثالث يتركز على بناء الانسان الذي هو الوسيلة لتحقيق الاهداف اذ خصصت ميزانيات كبيرة لقطاع التعليم والصحة من اجل تحسين بيئة التعلم وتطوير المناهج وتدريب المعلمين.

وقال الشيخ صباح ان تلك الاستراتيجية وبرامج تنفيذها لن تكتمل ملامحها ولن تتجسد على ارض الواقع دون مشاركة جادة وفاعلة من قبل القطاع الخاص مشيرا الى انه ومنذ الشروع في تنفيذ هذه البرامج وضعت الدولة نصب اعينها دعوة القطاع الخاص للنهوض بمسؤولياته الوطنية المشتركة وذلك من خلال المجالس المتخصصة مثل المجلس الاعلى للتخطيط والتنمية واللجان المشتركة وااللقاءات المستمرة.

واشاد بجهود القطاع الخاص الذي بدأ التنافس والفوز بمجموعة من المشاريع في العديد من دول العالم مما "يعزز قناعتنا بقدرات وامكانيات وخبرات هذا القطاع". وبين انه" في سياق تحقيق تلك الطموحات المأمولة سعينا مع اخواننا في دول مجلس التعاول لدول الخليج العربية الى تطوير وتكامل اقتصاديتنا ومشاريعنا التنموية وتعزيز القطاع الخاص وفتح الاسواق للشركات الخليجية انطلاقا من قناعتنا المشتركة باهمية التكامل الاقتصادي والدور الكبير الذي يمكن ان يلعبه القطاع الخاص في تعزيز النمو الاقتصادي وتنوع القاعدة الانتاجية في دول المجلس".

ونوه الى ان التكتلات التجارية اصبحت سمة اساسية من سمات النظام الدولي الجديد والتي تهدف الى ازالة كافة القيود الجمركية وغيرها على حرية تنقل السلع والخدمات بين الدول مبينا ان الكويت كبلد صغير في عالم مترامي الاطراف والمصالح لا تستطيع ان تقف منعزلة عن مجمل التحولات الاقتصاية والتجارية الكبيرة.

وكان المؤتمر دعا الى الاسراع في تطبيق برنامج للاصلاح الاقتصادي وزيادة افق التعاون والمشاركة بين الدولة والقطاع المالي.
وأوضح وزير المالية الكويتي بدر مشاري الحميضي في كلمة له في الجلسة المسائية للمؤتمر (مساء السبت) اهمية ان يكون الاصلاح المالي هو المدخل الرئيسي للاصلاح الاقتصادي وان يشمل تحديد دور الحكومة في النشاط الاقتصادي بما يؤدي الى التركيز على مستلزمات الاشراف والتوجيه وبناء الاطار المناسب للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الكويت.

وقال انه يتعين ايضا اعادة هيكلة سوق العمل المحلي بحيث يؤدي الى توفير الاجواء المناسبة لتحفيز القطاع الخاص على استيعاب الاعداد المتزايدة من المواطنين التي تدخل سوق العمل.

وشدد على ضرورة تفعيل دور قطاع الخاص في تنمية وتطوير الطاقات الانتاجية المحلية موضحا انه يستلزم لذلك "اتخاذ بعض الاجراءات للمضي قدما في ازالة التشوهات القائمة في آليات السوق".

كما دعا الى ضرورة "خصخصة بعض الانشطة الحكومية ووضع السياسات التحفيزية لتطوير التركيبة الهيكلية والمؤسسية لوحدات القطاع الخاص".

وبدوره قال الخبير الاقتصادي الكويتي علي رشيد البدر الذي كان يشغل منصب العضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار ان الصناعة المالية تمثل مجال التنمية الاقتصادية الاكثر واقعية للاقتصاد الوطني بعد الصناعة النفطية وقطاع الخدمات الحكومية.

واشاد باوضاع الكويت التي قال انها "توفر رأس المال اللازم والافراد المؤهلين لدفع هذا القطاع الانتاجي الهام بما يحقق زيادة دوره في تنمية الاقتصاد القومي".

كما ذكر ان الدولة وبالتعاون مع القطاع الخاص قاما بدور رئيسي خلال العقود الماضية في بناء اساس قوي لتلك الصناعة الهامة. وقال ان من الاهمية بمكان زيادة افق التعاون والمشاركة بين الدولة والقطاع المالي وذلك "لتمكين المؤسسات المالية الكويتية في تنمية اعمالها وتطويرها لتتمكن من منافسة مثيلاتها في المنطقة".

واكد اهمية مضاعفة الجهود لمواجهة التحديات المستقبلية وقال ان منطقة الشرق الاوسط على اعتاب مرحلة تاريخية في البناء والتطور يتوجب علينا الاستعداد لها.

واردف قائلا "علينا مضاعفة جهودنا لاسترجاع قصب السبق في احد اهم المجالات الاقتصادية التنموية التي فقدتها خلال المرحلة الماضية".

وكان وزير التجارة والصناعة الكويتي عبدالله الطويل الذي ادار الجلسة الاولى للمؤتمر قد شدد على اهمية التحاور مع القطاع الخاص حول استراتيجية الحكومة التي اعلن عنها رئيس الوزراء في خطابه في 17 اكتوبر من العام الماضي عندما حدد معالم رؤية الحكومة لمستقبل الكويت الاقتصادي من خلال اعادة بناء الكويت كمركز مالي وتجاري حديث لكي تاخذ مكانتها التاريخية المرموقة على المستويين الاقليمي والدولي.

من جانبه قال عضو مجلس التخطيط الاعلى ووزير المالية السابق ناصر الروضان في الجلسة ان الكويت فقدت موقعها المالي والتجاري بسبب عدة اعتبارات منها الامني والسياسي والقانوني.

واضاف ان من القضايا التي ساهمت في فقدان الكويت قدرتها على التفوق في المنطقة هي الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني لاسيما فيما يتعلق بهيمنة الحكومة على معظم النشاط الاقتصادي.

واوضح الروضان ان الحكومة توظف في مؤسساتها نحو 98 في المائة من العمالة الكويتية وتهيمن على نحو 75 في المائة من النشاط الاقتصادي.

وقال ان ان هناك امورا لعبت دورا اساسيا في ذلك مثل التشريع بما يتضمنه من افكار واجراءات والتي يحتاج بعضها الى تعديل جزئي وبعضها الى تغيير كلي بسبب جمودها وعدم صلاحيتها للرحلة الحالية.

واوضح ان من القوانين التي تحتاج الى تعديل قانون التجارة والشركات التجارية الذي مازال يراوح في مكانه في اجندة مجلس الامة وقانون الضرائب وقانون اقامة الاجانب وقانون التخصيص الذي يعد ركيزة الاصلاح الاقتصادي.

واضاف ان من القضايا التي تعرقل الاصلاح تتعلق بمنفذي التشريعات الاقتصادية وهم دون المستوى المطلوب بالاضافة الى الية صدور القوانين التي تحتاج الى دورة طويلة ومعقدة لاسيما القوانين المثيرة للجدل التي توجد داخل اروقة مجلس الامة.

ومن جهته قال النائب في مجلس الامة عادل الصرعاوي وهو عضو لجنة الميزانيات في المجلس في الجلسة الاولى لمؤتمر منتدى الكويت الاقتصادي انه في ضوء صدور كافة تشريعات الاصلاح الاقتصادي وتنفيذ الحكومة كافة السياسات الاجراءات فانه من المأمول به ان تتبوأ الكويت المكانة التي تستحقها كمركز مالي وتجاري اقليمي وعالمي.

واوضح الصرعاوي ان الكويت اصدرت سلسلة قوانين في مجال الاصلاح الاقتصادي مثل قانون دعم وتشجيع العمالة الوطنية لدى القطاع الخاص ومجموعة التشريعات التي استهدفت تشجيع الاستثمار الخارجي الاجنبي وقانون السماح لغير الكويتيين بتملك الاسهم في الشركات المساهمة الكويتية وغيرها.

وقال الصرعاوي ان الكويت تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي يتمركز في سوق شاسعة وواعدة تتكون من الجزيرة العربية وايران والعراق ودول اسيا الوسطى اضافة الى ارصدة خارجية ضخمة توفر لها ميزة نسبية عن طريق قيامها بربط رأسمالها العالمي بدورها التجاري والاستثماري.

واضاف ان للكويت بنية اساسية متطورة تتمثل في شبكة حديثة من الطرق والكباري وشبكة متطورة من الاتصالات السلكية واللاسلكية والطاقة الكهربائية والطاقة البترولية باسعار تنافسية والمناخ الاستثماري الامن والمستقر.

وحول امكانية تطوير استراتيجية معينة لاسترجاع مكانة الكويت السابقة قال رئيس المصارف الكويتية ناصر مساعد الساير الذي يشغل ايضا نائب رئيس مجلس ادارة بنك الكويت الوطني في الجلسة انه يجب ان نقيم الوضع الراهن من خلال عدة تداعيات وتحديات تواجه الكويت والعالم العربي خلال المرحلة المقبلة.

وبين الساير ان تيار العولمة الذي اصبح تيارا قويا واسع الانتشار لا يحتمل الرجوع الى الوراء في هذا العصر مبينا ان "العولمة ستفرض علينا ان نواجه المنافسة على المستوى العالمي بحيث يتوجب علينا القيام بتغيير جذري وليس جزئي لخلق اطارا جديدا لاقتصاد مبني على العلم والمعرفة ونقل التكنولوجيا وتبنيها وتوطينها".

واكد اهمية سد الفجوة التقنية والمعلوماتية الموجودة "وليس بالضرورة بيننا وبين الغرب ولكن على الاقل بيننا وبين دول الشرق الامر الذي يتطلب منا تأسيس هيكل مؤسسي صلب ترتكز دعائمه على المعرفة باوسع افاقها والتعليم باعلى مستوياته وتأمين مايلزم من الوسائل لتطوير المهارات والكفاءات في القطاعين العام والخاص".

كما اكد الساير وجوب الوعي ببروز لاعبين جدد على الساحة الدولية وهم بالتحديد الصين والهند الامر الذي يؤكد ان النموذج الاقتصادي الناجح هو الذي يعتمد على مؤسسات قوية تراعي مقومات السوق الحر وليس على ايدولوجيات سياسية او ثقافية او فردية.

وقال ان الاتجاه الاخير هو استمرار تزايد الطلب على النفط مما يرجح بقاء اسعاره في مستويات مرتفعة نسبيا على المدى المتوسط "وهذا يوفر لنا فرصة مهمة لاستغلال الزيادة في ايرادتنا النفطية لتطوير البنية المؤسسية والاستثمار في التعليم والتخفيف من وطأة عمليات الاصلاح على المواطنين".

ومن جانبه طالب رئيس مجلس الادارة العضو المنتدب في شركة الصناعات الوطنية الدكتور عادل الصبيح والذي كان يشغل منصب وزير النفط والاسكان سابقا في الجلسة الاولى لمؤتمر منتدى الكويت الاقتصادي ان يتم القضاء على الاحتكار في بعض الانشطة الاقتصادية مثل العقار والتجارة والصناعة وخلافه.

واوضح الصبيح ان الكويت تعد الدولة الوحيدة في العالم التي لا يستطيع مستثمرا ان يقيم مشروع صناعي او زراعي او ترفيهي او رياضي او استثماري من نوع الضخم الا على ارض تملكها الحكومة الكويتية.

وقال ان اي مشروع متميز يبقى مرهونا بموافقة الدولة عن طريق منح الاراضي مبينا ان معظم الاراضي الموجودة قبالة الساحل هي ملك للدولة باستثناء شريط ساحلي يمتد من منطقة البدع وحتى النفطاس طوله 20 كيلو يملكه القطاع الخاص.

واضاف ان ذلك حرم القطاع الخاص من تطوير الكثير من الاراضي الساحلية والمسطحات المائية كما هو معمول به في الدول المجاورة.

وقال الصبيح ان العملية ليست مرهونة فقط باحتكار العقار اذ ان الحكوممة تحتكر ايضا الموانىء البحرية والجوية والبرية والاتصالات الارضية وبوابات شبكة المعلومات دولية (انترنت) وخدمات البريد وكذلك مزاحمة القطاع الخاص بانشطة اقتصادية اخرى مثل بيع الخبز والطحين والدهن واللحم والرز والحليب عن وحتى شركات تدريب قيادة السيارات.

واضاف ان الكثير من المشاريع الاقتصادية التي اقرت او التي لم تقر تواجها مشكلة التأخير في تنفيذ المشاريع الامر الذي يكلف الدولة ملايين الدنانير مبينا ان بعض المشاريع مثل محطات الوقود استغرق عملية التفكير وحتى عملية الاكتتاب فيها نحو 12 سنة.

وذكر ان اي مشروع يجب ان يسير وفق قنوات بيروقراطية معقدة تصل الى نحو 17 جهاز رقابي وهي تبدأ من لجنة المخطط الهيكلي مرورا بلجنة الميزانيات والفتوى والتشريع وديوان المحاسبة ولجنة المناقصات وبلدية الكويت والهيئة العامة للبيئة وحتى تنتهي في مجلس الامة التي يدخلها ايضا في قنواته الطويلة.