الجزائر: اصبحت الصين المزود الأول للجزائر بعد عقود من السيطرة الفرنسية لكن هذا النمو المتصاعد للصادرات الصينية بدأ يتراجع بسبب انهيار اسعار النفط ما ادى الى توقيف العديد من المشاريع التي تمولها الدولة.

وخلال الاشهر الستة الاولى من 2015 بلغت الصادرات الصينية الى الجزائر 6,96 مليار دولار، محافظة بذلك على مكانتها التي انتزعتها من المستعمر القديم في 2012.

وجاءت فرنسا في المركز الثاني ب4,47 مليار دولار ثم إيطاليا واسبانيا، بحسب احصائيات حصلت عليها وكالة فرنس برس من الجمارك الجزائرية.

وترسخ التواجد الصيني في اكبر بلد افريقي خلال العقد الاخير كما في باقي القارة حيث اصبحت المتعامل الاقتصادي الاول لها. لكن هذا التوسع بدا يتراجع نتيجة تباطؤ النمو في الاقتصاد الصيني وهو الموضوع الاهم في منتدى التعاون الصيني الافريقي الذي يعقد في جوهانسبرغ حتى السبت.

وحصدت الشركات الصينية في الاعوام الاخيرة كل صفقات المشاريع الكبرى في مجالات البناء والاشغال العامة بالجزائر. فقد انجزت نصف مشروع الطريق السيار شرق غرب (1200 كلم) بقيمة 12 الى 18 مليار دولار، وهي بصدد بناء جامع الجزائر الكبير ثالث أكبر مسجد في العالم. كما حصلت على صفقة توسيع مطار الجزائر.

وبدأ الزحف الاقتصادي الصيني نحو الجزائر منذ سنوات 1990 مع مغادرة المتعاملين الفرنسيين الهاربين من الحرب الاهلية التي تسببت في مقتل ما لا يقل عن 200 الف شخص منهم حوالي 30 فرنسيا.

واليوم تضاعف عدد الصينيين المقيمين في الجزائر ليصل الى 50 الفا، اغلبهم عمال في شركات صينية حكومية استفادت من نمو قطاع البناء في الجزائر بفضل ارتفعا اسعار النفط في تلك الفترة.

لكن انهيار اسعار النفط ابتداء من من صيف 2014 ادى الى تراجع مداخيل الجزائر التي تعتمد بنسبة 95% على تصدير المحروقات، ما اضطرها الى تجميد العديد من المشاريع غير المستعجلة.

وقررت الحكومة الاستغناء عن الشركات الاجنبية في بعض المشاريع والاعتماد على الشركات المحلية كما في الطريق السيار شمال جنوب، واتمام مشروع المدينة الجديدة بسيدي عبد الله بالضاحية الجنوبية الغربية للعاصمة، والممتدة على مساحة سبعة الاف هكتار بها اكثر من 30 الف مسكن.

- فرنسا تستعيد مكانتها الاقتصادية -

ولعل هذا الوضع الجديد يسمح لفرنسا باستعادة مكانتها الاقتصادية بل ان مصدرا ديبلوماسيا فرنسيا اكد ان "فرنسا مازالت في المركز الاول بسيطرتها على 13% من السوق الجزائرية مقابل 12% للصين" معتمدا في ذلك على احصائيات صندوق النقد الدولي.

وبحسب الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول فان بكين "استفادت من ارتفاع اسعار النفط لكنها لم تستثمر الا قليلا في الجزائر". واضاف لوكالة فرنس برس "اذا تمكنت فرنسا من المحافظة على موقعها الذكي بمشاريع شراكة مربحة للطرفين، فستستعيد مكانتها".

وتبقى فرنسا المستثمر الاول في الجزائر خارج قطاع المحروقات باكثر من ملياري دولار ما سمح بانشاء 40 الف وظيفة مباشرة و100 الف وظيفة غير مباشرة.

وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اكد خلال زيارته الى الجزائر في حزيران/يونيو ان فرنسا " هي المتعامل الاقتصادي الاول للجزائر" و" تنوي الحفاظ على مكانتها بل وزيادة تواجدها" بعد "انشاء العديد من الشركات الكبرى".

وتصدر سبعة الف شركة فرنسية للجزائر بعينما تعمل بها 450 شركة منها مجموعات كبرى كالستوم ولافارج وسانوفي ودانون او رونو وسويز بالاضافة الى شركات متوسطة.

ومن المنتطر ان تلتحق المجموعة الفرنسية العملاقة لصناعة السيارات بيجو بالسوق الجزائرية من خلال مصنع تم الاعلان عنه، بعد مصنع رونو بهران (غرب) الذي بدأ الانتاج قبل سنة.

وبحسب مصدر دبلوماسي فان قلق الشركات الصينية اصبح باديا لان "افاق النمو غير مطمئنة بسبب ذوبان احتياطي العملة الجزائري".

وبدا بعض التجار الصينيون في غلق محلاتهم نتيجة الازمة الاقتصادية كما اوضح لي صاحب محل في حي بوسحاقي (الحي الصيني) بباب الزوار غير بعيد عن المطار.

وبعد اكثر من عشر سنوات من رفع شعار "لا للمديونية الخارجية" اثر تسديد الجزائر لكافة ديونها، عادت الحكومة للحديث في الاسابيع الاخيرة عن امكانية اللجوء الى الصين من اجل تمويل بعض المشاريع الكبرى.