طائرة رافال فرنسية

دخلت فرنسا والإمارات العربية المتحدة في مفاوضات من أجل صفقة حول طائرات الرافال الفرنسية، وتشير باريس إلى أنها في مراحلها النهائية، إلا أنها تعترضها بعض الاختلافات التجارية بين الجانبين. ويعتبر خبير اقتصادي أن هذه الصفقة، التي ستكون الأولى من نوعها إن تمت، لها أبعادها السياسية.


باريس: تجري في الوقت الحالي مفاوضات فرنسية إماراتية، في إطار إبرام صفقة سلاح بين الطرفين، من المحتمل جدًا أن تشتري بموجبها الإمارات العربية المتحدة طائرات الرافال الفرنسية الصنع قبل نهاية السنة الجارية.

وأشارت مصادر إلى أن هذا البلد العربي يسعى إلى تجديد أسطوله الجوي بعد 28 سنة من شرائه طائرات الميراج 2000، باقتنائه لـ 60 طائرة حربية من نوع رافال، حيث دخلت في مفاوضات مع شركة داسو المصنعة لها منذ 2008.

وذكرت صحيفة quot;لوموندquot; أن هذه المفاوضات توجد في مراحلها النهائية، حيث قال وزير الدفاع الفرنسي بشأنها إن quot;المشتري يطرح شروطه، والمُصَنِّع يدافع عن مصالحه، هذا أمر طبيعيquot;.

وعلق الوزير الفرنسي على رغبة المسؤولين الإماراتيين في شراء هذا النوع من الطائرات الحربية، بأنه quot;عندما تجهز قوة الطيران، فذلك يكون لمدة أربعين سنة، وهي قضية مهمة بالنسبة لهذا البلدquot;.

وكانت الإمارات العربية تفاوض في البدء حول المبلغ الإجمالي للصفقة ونوعية الرادار الذي تحمله هذه الطائرات، زيادة على استبدال محركها بمحرك آخر أكثر قوة من محركها الأصلي، إلا أن الحرب الليبية بيّنت أن هذا النوع من المحركات يناسبها، وليس هناك أي داعٍ لتغييره.

إلا أن النقطة التي تظل محل اختلاف بين الطرفين المفاوضين هي اشتراط الإمارات أن تأخذ منها فرنسا 60 طائرة حربية من نوع ميراج 2000 مقابل الصفقة.

ومن المرجّح، إن توصل الجانبان إلى اتفاق بشأن هذه الطائرات، أن تباع إلى إحدى الدول الأخرى، من أبرزها العراق، بمبلغ قدّرته صحيفة quot;ليزيكوquot; بـ20 مليون يورو. لكنها عملية، تراها فرنسا، غير سهلة، لما يلزم ذلك من إحضار لهذه الطائرات وإعادة بيعها.

صفقة سياسية

لهذه الصفقة دلالاتها السياسية، برأي الاقتصادي ساري كميل، إذ يرى فيها، بحسب إفاداته لإيلاف، quot;إشارة سياسيةquot; من لدن هذا البلد العربي quot;أكثر منها تجاريةquot;، نظرًا إلى التهديد الذي أصبحت تشكله إيران على المنطقة.

والدخول في هذه الصفقة بالنسبة إلى الإمارات العربية، يعني لمحدثنا، quot;كسب لدعم باريس في حالة تعرّض هذا البلد الخليجي لأي اعتداء من طرف دولة إيرانquot;، زيادة على ما قد يصاحبها من quot;إشراف فرنسي على تكوين الأطر الإماراتية وتوفير قطاع الغيار يخص هذا النوع من الطائرات.quot;

وهو ما قد يلخص جزءاً من الشروط التي تحدث عنها وزير الدفاع الفرنسي، والتي يمكن أن تكون الإمارات العربية جاءت بها في مفاوضاتها مع الطرف الفرنسي، لا سيما وأن هناك نوعًا من الاستعداد لدى باريس للانخراط فيها، لفك quot;عقدةquot; هذه الطائرات، التي لم تنجح في تسويقها حتى الآن.

ووصول هذه العملية التجارية حتى نهايتها، يوضح كميل ساري، quot;سيفتح أمام الطائرات الفرنسية الأسواق الدولية، والعديد من العواصم يمكن أن تسير على منوال الإمارات العربيةquot;.

ومن الشروط الأخرى التي قد تطرحها الإمارات في هذه الصفقة كذلك فتح السوق الفرنسية أمام رؤوس الأموال الإماراتية،باعتبار أن رأس المال الخليجي عمومًا لقي باستمرار مقاومة وطنية، بفهمها الضيق، من جانب بعض الأوساط الفرنسية، للاستثمار في بلد برج إيفل، كما يفسر محدثنا.

دليله في ذلك، أن قطر بدورها ظلت لسنوات تغازل السوق الفرنسية، إلا أنه في الغالب كانت تدير لها الظهر، ولم تتمكن من ذلك إلا أخيرًا، وأرجع هذا المحلل الاقتصادي ذلك إلى اعتبارات غير قوية، في غالب الأحيان، من أبرزها، ما أسماه quot;بالكبرياء الفرنسيquot;.

تسويق الرافال أو المهمة الصعبة

تجد باريس صعوبات كبيرة في تسويق طائرات الرافال، إذ تعثرت حتى الآنكل المفاوضات، التي أجرتها مع دول أخرى بخصوصها كالمغرب، وفي المدة الأخيرة البرازيل.

لم يستبعد كميل ساري أن تستفيد البلدان المشاركة في الحرب على ليبيا، وفي مقدمتها فرنسا ،التي قادت الحرب ضد نظام القدافي، من الدعاية لأسلحتها، حيث تكون quot;فرصة بالنسبة إليها لعرض فعاليتها في ساحة الحربquot;.

وكان رئيس البرازيل السابق لولا دا سيلفا عبّر عن إعجابه بها خلال زيارةٍ له للعاصمة الفرنسية، وانتزعت منه الحكومة الفرنسية تعهدًا بإبرام صفقة بين الجانبين تتراوح قيمتها المالية بين أربعة مليارات وسبعة مليارات، وهو ما اعتبره مراقبون مجرد مجاملة منه، وقتها، لأنه كان للرئيسة التي خلفته بشأن هذا التعهد رأي آخر.

وربط مسؤول حكومي برازيلي، تأجيل أي مفاوضات بشأن هذه الصفقة مع فرنسا، بالأوضاع الاقتصادية الحالية، كما عبّرت الرئيسة الجديدة ديلما روسف أنها غير مستعدة في الوقت الحالي لصفقة من هذا النوع.

وأظهرت روسف، التي خلفت لولا على رأس البرازيل منذ شهر نوفمبر الأخير، نوعًا من التقارب مع الولايات المتحدة الأميركية، ما يمكن أن يخلق لديها، بحسب مراقبين، ميلاً إلى الطائرات الأميركية من نوع ف18 على حساب منافستها الرافال الفرنسية.