عماد ابو سنبل من اريحا (الضفة الغربية): حرفتهم صناعة الفرح وهدفهم إسعاد الأطفال الذين نالت منهم الصراعات وغابت البسمة عن شفاههم .. متطوعون قطعوا الاف الاميال ليرسموا هذه البسمة على شفتي طفل فلسطيني .. انهم "مهرجون بلا حدود". المنظمة اسبانية وهي تجوب المدن الفلسطينية منذ الثاني والعشرين من الشهر الماضي سعيا الى اضفاء شيء من الفرح على وجوه الأطفال الفلسطينيين وذويهم.
الفريق الذي يضم تسعة افراد قدم عروضه في اكثر من خمسة وعشرين تجمعا فلسطينيا في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة ، بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، التي تسهل له العمل في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية. ويقول رئيس المنظمة الاسباني ميكيو سوني كاوا (31) عاما "نحن منظمة تهدف إلى إسعاد الأطفال وإخراجهم من الضغوط النفسية التي يرزحون تحتها، ولا نسعى في الوقت ذاته إلى أية أهداف سياسية".
ويضيف "من خلال الموسيقى والسحر واللعب والرياضة وأعمال التهريج التي نقوم بها نرسم البسمة على وجوه الأطفال وذويهم، فالتهريج لغة دولية يفهما الجميع ولا حاجة إلى ترجمتها.. مجرد النظر إلينا يعني الابتسامة وهذا ما نهدف إليه إلى جانب إخراج هؤلاء الأطفال من الضغط النفسي الذي يرزحون تحته جراء الظروف التي يعيشونها". ويشير ميكيو إلى أن لمنظمته التي تتكون من تسعة مهرجين سبعة منهم من إسبانيا واثنان من تشيلي فروع في فرنسا وبريطانيا، وهي تركز عملها في مناطق الصراعات في العالم وبينها فلسطين "حيث جبنا المدن الفلسطينية واليوم نحن في أريحا لإسعاد أطفالها الذين أرهقهم الحصار".
ويتابع "اكثر ما آلمني خلال العروض هو حيرة الأطفال بين البكاء والضحك وهي صورة لم أعهدها إلا على وجوه الأطفال الفلسطينيين وذويهم ، ولهذا فقد عملت مع الفريق على اسعادهم ، واعتقد أننا نجحنا ، فالعديد من الأطفال حاولوا منعنا من المغادرة وامسكوا بنا، وهم يقولون لنا بالإنكليزية +لا تذهبوا+ .. هذه مشاعر يصعب الحديث عنها".
المهرج خابيير اريثا (21) عاما إسباني الجنسية قال "هذا أول عمل لي خارج حدود إسبانيا، وقد صدمت مما رأيت في المدن والمخيمات الفلسطينية فالصورة التي كانت لدي من وسائل الإعلام مغايرة .. الأطفال وذووهم في فلسطين يعيشون ظروفا صعبة جدا ولا وجه للمقارنة بين الأطفال في إسبانيا وفلسطين". وأضاف " لأول مرة في حياتي اقدم عرضا يسعد الاطفال لكنه يملأني بالحزن .. وعندما كنت انهي العروض ، غالبا ما كنت أجهش بالبكاء في غرفتي، لما يعانيه هؤلاء الأطفال".
أما المهرج خابيير ري من إسبانيا (41) عاما فقال " لقد زرت اكثر من خمسة وعشرين تجمعا فلسطينيا وقدمت فيها العروض، والشعور الوحيد الذي انتابني أن هذا الشعب بحاجة ماسة إلى العدالة اكثر من أي شيء آخر وهو شعب غني بالقيم المثيرة للاهتمام". وقارن المهرج خوان تورو (28) من تشيلي وهو من اصل هندي بين الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني والمعاناة التي تلقاها الجالية الهندية في تشيلي "خاصة الفقر .. ولذلك شعرت بان هذا الشعب قريب من قلبي لان المعاناة واحدة".
وراى ماهر الناطور ممثل جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ان ما تقوم به منظمة "مهرجون بلا حدود" "عمل قيم ويهدف إلى إخراج الأطفال وذويهم من الظروف الصعبة المحيطة بهم جراء الاغلاقات المستمرة" وقال "ليس بالضرورة أن تكون المساعدة دائما عينية أو طبية أو غيرها من المساعدات ، حيث يجب أن يركز بين الحين والآخر على إخراج المجتمع المحلي الفلسطيني مما يعانيه من كبت". ويوضح رئيس المنظمة ميكيو انه إلى جانب الفعاليات التي قامت بها المنظمة داخل فلسطين من عروض فقد انجزت فلما وثائقي يحمل عنوان (القمر الأحمر) نسبة إلى شعار الهلال الأحمر الفلسطيني والى الانف الكروي الاحمر للمهرجين.
وسيتم عرض الفيلم في إسبانيا والعديد من الشبكات التلفزيونية، وهو يصور كما قال ميكيو "الواقع والبيت الفلسطيني عاريا كما هو". واكد ميكيو اخيرا ان المنظمة ستقوم ببناء جدار وسط مدينة برشلونة خلال شهر سبتمبر/ايلول المقبل "وسنقوم بهدمه تعبيرا عن رفضنا للجدار الذي تقوم إسرائيل ببنائه حاليا في الضفة الغربية".