أحمد نجيم من أصيلة: افتتح ضمن ملتقى أصيلة الثقافي الدولي السادس والعشرين معرضا فنيا حول "الخزف البرتغالي". لم يكن الرواق الذي اختير لعرض الأعمال الفنية البرتغالية ليخرج عن الاحتفال الذي خصصه دورة هذه السنة للبرتغاليين، إذ أقيم في "برج القمرة" وهو البرج الذي بناه البرتغاليون أيام احتلالهم لمدينة "زليس"( أصيلة)، ليعودوا بعد قرون ويمولوا إعادة ترميمه وجعله واحدا من أهم المآثر المعمارية بالمغرب.
يقدم رئيس معهد كامويس خورخي كاوتو، في مقدمة كتيب صغير أعد بمناسبة المرض، فن الزليج البرتغالي على أنه "خليط بين التقاليد والخصوصية" البرتغالية، وأنه "يعكس تاريخ" البرتغال و"تطور" مجتمعه وثقافته. ويقر كاوتو بقدرة "فن الزليج البرتغالي" على الجمع بين "المعرفة الإسلامية" و"روح النهضة" و غرائبية الاكتشافات البرتغالية. وتجسد اللوحات الصغيرة المعروضة بالرواق هذا التقارب بين الغرب والشرق، فسحر الشرق حاضر بقوة في اللوحات والصور الفوتوغرافية للبنايات الجميلة المزينة واجهاتها برسومات معبرة جميلة وساحرة.
يسافر زائر المعرض برواق القمرة إلى البرتغال العميقة من خلال واجهات المعامل وفضاءات الكنائس ومحطات الميترو وواجهات أحياء وعمارات المدن البرتغالية، سفر إلى أولى الاستعمالات للزليج في العام 1503 عندما استقدموه من شبيلية الإسلامية، وعرف هذا الفن الذي بدأ إسلاميا في البرتغال، تحولا في القرن السادس عشر بعد تأثر الصناع المحليين بالإيطاليين فظهرت أعمال فنية ساحرة في الكنائس. استمر هذا الفن في التطور طيلة خمسة قرون، ومازال يحضى حتى هذه الأيام بمكانة أساسية في الإبداع الفني البرتغالي.
إذا كان الزليج إبداع بصري برتغالي بامتياز فإن الفادو ظل التعبير الموسيقي الأساسي للبرتغاليين. هذا الفن "القدري" (الفادو بالبرتغالية تعني القدر) إذ أدت ألدينا دوارتي، بلباسها الأسود، أغاني الفادو ذات الإيقاعات الموغلة في الحزن والقدرية والفرح في الآن معا، تفاعلت كلمات الأغاني مع إيقاعات الفيتارة البرتغالية والفيتارة الإسبانية مسافرة بالحضور، القليل نسبيا، إلى تلك العوالم التي عكستها إبداعات الفنانين على الزليج.
موسيقى الفادو تحمل إيقاعاتها ذلك التلاقح الإسلامي المسيحي. لقد نجحت أصيلة في أن تقدم في موسمها الثقافي نمطين من الفن البرتغالي المترجم لذلك التلاقح الثقافي العربي الأوربي والإسلامي المسيحي.