من باريس: على بعد حوالي ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية الأمريكية دخل المثقفون والفنانون الأمريكيون إلى معترك الحياة السياسية واتخذوا موقفا معاديا للرئيس الأمريكي جورج بوش وسياسته الخارجية كما الداخلية. فقد نظم مؤخرا الفرع الأمريكي لـ"نادي بين كلوب" الذي يرأسه حاليا الكاتب البريطاني من أصول باكستانية سلمان رشدي صاحب "الآيات الشيطانية" مهرجانا ضخما في مدينة نيويورك شارك فيه خمسة عشر كاتبا أمريكيا قرؤوا خلاله نصوصا تدين السياسة الأمريكية الحالية داخليا وخارجيا، مدينين التراجع الكبير التي تعرفه الحريات العامة في الولايات المتحدة تحت ذريعة محاربة الإرهاب والحفاظ على الأمن القومي. وفي طليعة هؤلاء الكتاب نجد الكاتب بول أوستير صاحب الثلاثية النيويوركية الشهيرة "مدينة الزجاج" والروائي الشهير دون دوليلو والكاتب المعروف راسيل بانك والكاتب الشيلي الحاصل على الجنسية الأمريكية أرييل دورفمان بالإضافة إلى نجم الغناء الذائع الصيت بروس سبرينغستين. ورغم أن هؤلاء لم يعلنوا صراحة مساندتهم للمرشح الديمقراطي جون كيري فإن دخولهم المعترك السياسي في سياق الحملة الانتخابية المحتدمة بين بوش وكيري يصب منطقيا في خانة هذا الأخير.أما المطلب الأساسي لهؤلاء الكتاب والفنانين فهو إلغاء القانون الذي أصدرته، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيلول، إدارة الرئيس جورج بوش المسمى بـ" باتريوتيك آكت" والذي يخول لأجهزة الاستخبارات الأمريكية حق مراقبة مراسلات المواطنين بما فيها طبيعة ونوعية ما يطالعه قراء المكتبات العامة تحت ذريعة ملاحقة الإرهابيين.
وينتقد الكتاب الأمريكيون المناهضون للإدارة الأمريكية الحالية تلويحها بـ"فزاعة الإرهاب" من أجل تقليص الحريات العامة وتكريس ثقافة الخوف من الآخر وفرض سياسة قمعية اتجاه المعارضين لسياسة المحافظين الجدد الذين يشكلون النواة الأساسية لإدارة الرئيس بوش.
وتعتبر هذه هي المرة الأولى منذ حرب الفيتنام التي يحتشد فيها المثقفون والكتاب والفنانون لأسباب سياسية بشكل جماعي ومنظم. ويعتزم هؤلاء تنظيم عدد من المهرجانات والحفلات الموسيقية في عدد من الولايات الأمريكية تعبيرا عن مناهضتهم لسياسة الإدارة الأمريكية. ورغم أن النخبة المثقفة الأمريكية كانت دائما تنأى عن الخوض في مجال السياسة فمن حين لآخر كانت بعض الأسماء الشهيرة تعبر عن رفضها للسياسة الأمريكية مثلما كان الأمر في الماضي مع آلن غينسبرغ وأرثير ميلير ونعوم شومسكي أو حاليا مع المخرج مايكل مور صاحب فيلم "فارهانايت ناين إلفن" الحائز على السعفة الذهبية في آخر دورة من مهرجان "كان" السينمائي.
- آخر تحديث :
التعليقات