من برلين: بمناسبة ذكرى مرور عام على وفاة برهان كركوتلي الفنان الناقد والكاريكاتوريست السوري الأصل الفلسطيني الانتماء كما كان يقول، أقامت عدة جهات ثقافية في ألمانيا أمسيات حضرها عدد كبير من المثقفين العرب والألمان تذكروا مآثر هذا الفنان الذي غادر هذا العالم ولم يبلغ بعد سن 72.
ومن يعرف برهان كركوتلي يشهد على تاريخه الحافل في خدمة قضايا الشعوب العادلة منها قضية الشعب الفلسطيني، وكرس فنه ليعبر عن ما كان يعانيه هذا الشعب تحت الاحتلال الإسرائيلي، كما وصف أوضاع الشعوب العربية أفضل وصف متحررا من ضغوطات أنظمة الدول العربية التي أعطاها ظهره وفضل البقاء في ألمانيا، لكن كانت أمنيته ولم تتحقق أن يدفن في مدينته دمشق التي لم تغادر نفسه وبانت واضحة بشكل أو بآخر في كل رسوماته.
ورغم جهل بعض المثقفين الألمان بخلفية برهان كركوتلي التاريخية إلا أن أحد المسؤولين في القسم الثقافي ببلدية برلين جهد في البحث عن معلومات أغنى خطابه بها ألقاه في أمسية أقامتها " جمعية عرب برلين" نهاية الأسبوع لإحياء ذكراه، وأول جملة قالها كان يؤمن بها الفنان العربي" الفن قوي لأنه يحلم ، وقوة الفن أنه يحلم بحرية".
وقال أيضا حلم كركوتلي كان مرتبطا دائما بالشعب الفلسطيني والحرية والعدالة كانا مطالب حاول عبر فنه ونشاطه السياسي الوصول إليها. وعكست رسوماته كما قصصه التي كان يرويها حلم بناء مجتمع شرقي غربي يسوده التعايش والأخوة لأنه كان فنانا عالميا جمع حزمة من الأفكار التقدمية عبر رحلاته العديد من المكسيك وحتى فنزويلا وتمكن من ربط جذور الفنون الشعبية لسكان هذه البلدان الهنود مع الجذور العربية فشكل بذلك مرحلة مميزة من الفنون الثورية.
وسل صحافي يوما برهان كركوتلي عن ما يكره فقال " القباحة" لكن القباحة بالنسبة له لم تكن الشكل القبيح بل اضطهاد الشعوب والفقر والاستعمار والتميز العنصري والفاشية والدكتاتورية.

وهجرته المستمرة في كل صقاع العالم لم تنسه دمشق التي احبها ولم يتمكن من رؤيتها لأسباب سياسية، فمات واللوعة في نفسه، أيضا لوعة شوقه لرؤية القدس متحررة من الاحتلال الإسرائيلي.
ووصفه عدة مثقفين ألمان بالفنان والثائر والإنسان الذي ظلت فلسطين جرحا بليغا في قلبه. لكنه ترك تركة فنية نادرة وقيمة هي محصلة عمل دام أربعين عام وضع خلالها أسسا لكيفية مزج الفن مع الثورة دون خداع أو تملق.
وهناك العديد لا يعرف برهان كركوتلي الذي عاش في سنواته الأخيرة أصعب ظروف حياتية، فعندما اتضح له بأن آماله في لبنان اندحرت واكتشف الزيف الذي عاشت فيه القوى الثورة هناك رفضت يده الرسم بعد ذلك، فاختار طريقا آخر لنقل أفكاره التحريرية بسرد القصص، فعمل حكواتي يتنقل من مسرح إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى في ألمانيا يروي قصص الحب ممزوجة بنفحة من التمرد والثورية. وكان من الفنان العرب القلائل اللذين عرّفوا الجمهور الألماني على " حكواتي الشرق".
لكن في الفترة الأخيرة خانه كبده فطرحه الفراش ولم يعد يتمكن من السفر ليروي للذين كانوا يتمتعون بحكاياتهم وينتظرونها بشغف، كما أعاق ازدياد المرض من تحقيق حلمه جمع قصصه في كتاب صغير.