ّمجلة "المرأة اليوم" تجد شريكها :
لا للرجل الغبيّ.. نعم للمرأة "الكرتونيّة"
نسرين عزالدين : وكانت البداية مع السيدات أولا . فصدرت مجلة "المرأة اليوم" لتتبعها بعد مئة وسبعة وأربعين عددا "الرجل اليوم". وبين العدد الأول "الذكوري" والعدد ما فوق المئة "الأنثوي" فرق شاسع .
مجلتان متخصصتان في شؤون المرأة والرجل كل على حدا.
وإنطلاقا من مبدأ الترويج من خلال ردة "الفعل العكسية "وذلك عبر تحديد "جنس الجمهور " وإستقطاب الآخر ، فإن المعني الأول بالمجلات النسائية هو الذكر والعكس صحيح .وبالتالي فإن المادة المطروحة في النسائية منها تخاطب الرجل أكثر مما تخاطب المرأة .من هنا فإن "الأنثى" التي ستحتويها هذه المجلات هي الصورة التي يستسيغها الرجل .. أنيقة جميلة طابخة ماهرة متطلعة على الأمور الفنية والإجتماعية والثقافية مع بعض التحفظات حول الإحتمالين الأخيرين .
وبعيدا عن الطابع الإقتصادي أو السياسي للمجلات "الذكورية" برزت "الرجل اليوم" بطروحات جديدة مختلفة عن سابقاتها في حين تابعت "المرأة اليوم" مسيرتها على الخط العام المتدوال للمجلات النسائية . ولو كانت صدرت "المرأة اليوم " من دون نصفها الأخر لما فرضت المقارنة نفسها ولما كانت الهوة بين التعاطي مع الجنسين ،من خلال هاتين العينين ، فاضحة إلى هذا الحد .
المجلات المتخصصة :
تعج الأسواق بالمجلات النسائية التي تتعاطى مع الفن أو الموضة أو الطبخ بالإضافة إلى عدد قليل يتوجه إلى المرأة كشخص يفكر ويحلل أكثر مما يتأنق و يطبخ .صورة"نمطية " عززتها مسيرة طويلة من التأكيد على ضرورة حصر الإناث في هذه الخانة ، فانتقلت المرأة من المطبخ "الواقعي" إلى آخر أكثر أناقة تزينه المجلات النسائية بألوان وأناقة وأطباق " غير تقليدية" .
في المقابل تأخذ المجلات الذكورية طابع آخر ، وتتنوع بين السياسية والإقتصادية والمعلوماتية وحتى تلك عن الخيول أو الأسلحة أو السيارات .وبإنعدام صفة "التخصيصة "الذكورية البحتة فإن هذه النوعية من المجلات قابلة لجمهور من الجنسين .الأمر الذي ينطبق على سائر المجلات بشكل عام وإن كانت الهوية المطروحة هي التي تحدد "جنس" الفئة التي من المتوقع أن تشتري المجلة .
ما يضع مفهوم المجلات المتخصصة "حسب الجنس" موضع تساؤل . فالمجلات التي تعنى بالسيارت أو الخيول أو الأسلحة حددت جمهورها وفقا لإهتماماته لا جنسه .وبالتالي فإن تعبير مجلة نسائية أو ذكورية عام ولا ينطبق بأي شكل من الأشكال على الواقع . ومع إصرار الجهات المنتجة على هذا التوجه وتحديدا مع المرأة اليوم والرجل اليوم فالمقارنة فرضت نفسها .
المرأة والرجل اليوم :
ما قامت به "الرجل اليوم" عبر صدورها هو فضح الخلل الكبير الذي تعاني منه "المرأة اليوم"، خلل لم "يبتكره" المعنيون بإصدارها وإنما تم نقله من الواقع، المشكلة هنا هي وضعه تحت شعار المرأة اليوم ، تعميم "مجحف" بحق المرأة خصوصا بعد وضعها بمواجهة "الرجل " .
لنبدأ أولا من الغلاف ، إعتمدت "الرجل اليوم "الملك محمد السادس كغلاف لعددها الأول مقابل ديانا حداد للعدد المئة وسبعة وأربعين للمرأة اليوم. تتوزع مواضيع الأولى بين أبواب متنوعة منها عن السيجار وعلاقته بالمشاهير إضافة إلى مقابلة فنية مع فنان "رجل " بالطبع ، ومقابلة مترجمة مع الملك محمد السادس ومواضيع عن رجال سياسة ودين ودراسة عن الرجل وعلاقته بسن الأربعين ،إضافة إلى باب موضة لا يتعدى الصفحتين .
في المقابل تمتلىء صفحات الثانية بمواضيع عن الموضة والمكياج وفساتين الأعراس والطبخ ، إضافة إلى مقابلة مع فنانة ،وإعلامي "رجل " مع موضوع سياحي .
حسنا .. على ما يبدو أن المرأة اليوم ، وفقا لمعايير المعنيين عن هذه المجلة هي كالتالي .. إمرأة عليها الإهتمام بشكلها وإلا فقدت "رجلها " . من هنا عليها التمعن بألوان المكياج المختلفة المقدمة لها ، وقراءة نصائح العناية بالبشرة بتركيز . لتنتقل بعدها إلى صفحات الموضة لانتقاء أجمل الملابس وأكثرها أناقة ، من هناك يمكنها التعريج ، لو أرادت ، إلى قسم "ثقافي " إلى حد ما للإطلاع على آراء وأفكار كاتب أو أديب أو مثقف أو عالم حول ميادين أو مواضيع مختلفة . وبعد توقف بسيط مع الآراء الذكورية حول مواضيع مختلفة تخضع المرأة إلى "إستراحة السؤال و الجواب" عن الحب ، والرجل .. والرجل والرجل . لتصل إلى محطتها الأخيرة .. المطبخ .
وهناك بعد أن تأنقت المرأة و تبرجت و تثقفت ، تبدأ بتحضير أشهى المأكولات
. هذه المأكولات التي ستضمن لها من دون أدنى شك ،سبل الحفاظ على شريكها .وختاما تضع المجلة جانبا مع إبتسامة هانئة مصحوبة بشكر كبير لأنها منحتها هذا الكم الهائل من النصائح" المفيدة " والأساسية لحياتها كأنثى .
من جهته يبدو الرجل أكثر ثقة بنفسه ، فلا نصائح من أجل شكل أفضل لكنه يمكنه أن يتطلع على صفحة أو صفحتين من الأناقة .وبالتالي يتفرغ كليا إلى ذكوريته ، فينتقل من "أرباب " السيجار إلى مقابلات مع زعماء وأدباء ومحللين .وفي حال أراد أن يتطلع على نصفه الأخر ، فسيجد الجميلة الأنيقة صاحبة المهارات "العالية" في الطبخ .
هكذا أرادوا أن تكون المرأة اليوم بعد مئة وسبعة وأربعين محاولة ،وهكذا خرج الرجل في عدده الأول .ما يطرح تساؤلا .. ماذا لو قام المعنيون عن إصدار هذه المجلة بإلقاء نظرة على "المرأة " الواقعية ، على المرأة "الحقيقة " اليوم ، هل سيختلف العدد المئة والثامن والأربعون ؟ من المرجح أنه لن يتخلف ، فالمرأة اليوم كما هي لا تعنيهم على ما يبدو .
التعليقات