متطلبات حريمية لاتنتهي :
الشباب الخليجي يفضل العزوبية على الزواج

خالد طه : يمكن الحديث عن عدة اسباب لتفسير ظاهرة الاحجام عن الزواج عند الشباب الخليجي ، فالجواب الاول الذي يبادرك به حين الاستفسار عن سبب احجامه عن الزاوج "انا راض بهذا الوضع وهو حاليا الافضل لي بحيث اعيش حياتي بلا مسؤوليات او هموم او مطلبات".الا ان السؤال الذي يطرح نفسه هو هل منطق الشباب تجاه الزواج صائب؟ وهل هم محقون في آرائهم هذه؟ وهل الاعذار التي يتذرعون بها واعتبارهم الزواج حصار ومسؤولية وتكاليف ومشاكل عاصفة صحيحة ، ام انها اعذار واهية لا تعتمد على منطق سليم أو براهين قاطعة؟
هذه النظريات والتي عمادها "طلبات الانثى" غالبا ما تضع الزوج امام وضع يعجز فيه عن تلبية او تحقيق المتطلبات . عدد من الشباب اكدوا ان طلبات الزوجات الغريبة والتي برأيهم تمثل نوعا من الاجحاف والاسراف المحرم شرعاً هي السبب الذي دفع الكثيرين الى تأجيل فكرة الزواج حتى اشعار آخر.
هذه الطلبات التي غالبا ما تتمثل في ضرورة شراء الازياء الغالية وبصورة متكررة في الشهر الواحد ،وتغيير اثاث المنزل سنوياً وشراء الماكياج الفرنسي الباهض الثمن والاحذية الايطالية الفخمة والعطور الباريسية وتناول الوجبات الغربية في المطاعم الراقية وتوفير خادمتين _واحدة للاولاد والاخرى للزوجة_ اضافة الى إمضاء العطلة الصيفية في المنتجعات الاوروبية وغير ذلك من الطلبات التي يمكن الاستغناء عن الكثير منها .
لا يتردد اسحاق سيف ( اعزب) في وصف متطلبات بعض الزوجات بالمبالغ فيها والتي يعجر الزوج عن توفيرها " فتوفير سيارة مع السائق وشراء ملابس بماركات عالمية والعطور والماكياج تجعل الزوج على «الحديدة» ..واذا كان راتب الزوج 8000 ريال، فإن أكثر من ثُلثي هذا الدخل يذهب لطلبات زوجته وإذا كانت الزوجة موظفة تتخلص من راتبها بسرعة عجيبة، ثم تأتي على راتب زوجها. "
أما عبدالله عبدالرحمن فيبدو اكثر تعمقا بما تطلبه النساء ويرى ان السبب وراء " الاحجام" هو المتطلبات المتعددة كالموبايل وماكياج كريستين ديور الذي يبلغ سعره «880» ريالا " ناهيك عن متطلبات المناسبات فتطلب فستاناً بمبلغ 1500 ريال مثلا لحضور زفاف احدى صديقاتها ، والمثير للضحك ان الفستان يُلبْسُ مرة واحدة فقط وتبدأ بالمطالبة بشراء فستان آخر جديد إضافة إلى الطلبات الروتينية كالذهاب للكوافير والحناء وغير ذلك".
وخير مثال يعطيه عبد الرحمن هو شقيقه المتزوج .." يتقاضى شقيقي راتباً شهرياً قدره 6500 ريال ، لكنه لا يعلن افلاسه منذ اليوم الخامس من الشهر على الرغم أنه لم ينجب أطفالاً والسبب زوجته التي طلبت منه توفير الخادمة والطباخة والسائق"
خلافا للاراء السابقة ، يميل عبدالله راشد المهندي الى المزج بين حب الحرية لدى الشباب ومتطبات الزوجات لتبرير هروب الشباب الخليجي من الزواج " يسافر الشاب الخليجي ويعدو دون أدنى مسؤولية، وطبعاً الزواج مسؤولية ومصاريفه كثيرة.ان بعض النساء ينفقن كثيراً فهن مبذرات ويعطين المظاهر اهتماما يفوق الحد فيطالبن بالفيلا والسيارة الانيقة والجوال والسفر لاوروبا والعطور الباريسية الغالية والماكياج وغير ذلك". ويدين المهندي هذه التصرفات التي يرى ان عماد معظمها الغيرة " حين ترى احدى الزوجات المتطالبات فستانا جديدا عندصديقتها ، تشعر بالغيرة وتطالب زوجها بشراء فستان مماثل دون مراعاة لظروفه واوضاعه ".

شو بنج يومي

لا ينكر عبد العزيز حمد كثرة وعدم منطقية بعض طلبات الزوجات ، لا بل يفتدها ويفصلها مؤكدا ان عدم التنفيذ يؤدي الى مشاكل ولجوء الزوجة الي منزل دويها وامكانية الطلاق .. " الطلبات كثيرة ولا تنتهي وهي اولا ، تغيير السيارة سنويا (موديل العام)، ثانيا، السفر الى لندن وباريس ومدريد، ثالثا ، التسوق يوميا في المراكز التجارية الفخمة من اجل الشراء كي تظهر الواحدة امام صديقاتها انها تعيش حياة زوجية هانئة والزوج اما يذعن ويستسلم ويحتمل أو يطلق." وعلى الرغم من ذلك يشدد عبد العزيز على اهمية التفاهم من اجل التوصل الى ارضية مشتركة قادرة علىانجاح الزواج .

ويجمع ناصر الهاجري وعلي وناصر الشهواني على أن عدم الثقة والهروب من مسؤولية الزواج وطيش الشباب والتسلية وعدم الثقة في الطرف الآخر وغلاء المهور والفراغ وعدم الحصول على عمل هي الاسباب الحقيقية وراء احجام الشباب عن الزواج وليس طلبات الزوجة فقط. " الكثير من الشباب يعتبرون الزواج متعة ومصالح شخصية وليس مسؤولية ومشاكل " ويضيف حمد راشد " فتراهم يقولون لانفسهم
الافضل ان نصرف المال على امور ممتعة مثل السيارة والكمبيالات والسلفيات ولذلك ترى راتب الشاب كله يذهب على شكل اقساط واجبة الدفع والكثير منهم يفضل هذه الأمور على الزواج.
ويقول طارق محمود ان ظاهرة كثرة طلبات الزوجة موجودة خاصة إذا كانت الزوجة من عائلة كبيرة وزوجها ميسور الحال وقبل الزواج يكون التعارف والحب والولع والوعود المعسولة ولكن بعد الزواج الطلبات القاصمة للظهور والعاصفة بالراتب من تغيير ديكور المنزل والعفش سنوياً وهذا من رأيه من التبذير الذي ذمه القرآن الكريم.

ثقافة الأسرة
من جانبه يرى عبدالله الدوسري ان اقتصاديات الاسرة وطلبات الزوجة تعتمد على التربية الدينية للزوجة فإذا كانت متدينة وتخاف الله لا تحمل زوجها اكثر مما يطيق والعكس، فالدين له أكبر الاثر في هذا الجانب واشار إلى ان هناك شريحة من النساء يطالبن باشياء كثيرة ترهق كاهل الزوج وليس كل النساء.
ويتفق أحمد المزروعي مع الطرح الذي ذكره الدوسري ويضيف ان بعض النساء يشاهدن الافلام والمسلسلات الاجتماعية ويحاولن تقليد ذلك بالحرف خاصة فيما يتعلق بالازياء والسفر للخارج "بعض الزوجات يتعرفن على صديقات ميسورات ويحاولن محاكاتهن في قضاء اشهر الصيف في فرنسا واسبانيا ويرى ان هذا الامر اصبح عدوى بين الكثيرات من النساء".
ويقدر المزروعي ان نسبة الزوجات المبالغات في الطلبات تصل الى 40% ،"من الامور المؤكدة والشائعة ان الكثير من الزوجات يلبسن الفستان في مناسبة واحدة ولا تعود الى ارتدائه بحجة ان الاخريــــات رأينــــه من قبل .. الا ان الوضع ليس كذلك لجميع العائلات ، فهناك الكثير من العائلات عنوانها الحب والتراحم والتعاون والتفاهم بين الزوج والزوجة بل ان بعض الزوجات تساعد زوجها في مصاريف البيت وتساعده في تسديد ديونه إن وجدت خاصة اللائي يردن الستر ولا اعتقد انها ترى زوجها محتاجا وترفض مساعدته".

الشرع
ما هو رأي الاسلام في الطلبات التعجيزية التي تطالب بها بعض الزوجات ازواجهن من تغير لاثاث المنزلي والسيارة سنويا، وهل يرضي الاسلام للمرأة بإرتداء الملابس الغالية مرة واحدة فقط بحجة ان صديقاتها قد رأين هذه الملابس عليها من قبل؟ وهل يجوز للزوجة ان تحمل زوجها اكثر من طاقته؟
عن هذه التساؤلات اجاب الشيخ صادق سليم عضو لجنة الافتاء في احدى فتاواه " القرآن الكريم صرح بان المبذرين كانوا اخوان الشياطين ولا يجوز في الاسلام التبذير سواء في المأكل أو المشرب او الملبس، وانصح الزوج ان يوجه زوجته ويرشدها الى طريق الشرع فاذا كانت عاصية وصممت على رأيها فهو مخير بين احد الضررين، هنا قال العلماء عليه ان يأتي اخف الضررين وهو الامساك على زوجته وفي هذه الحالة يكون الزوج مرغماً وهو كاره على تلبية طلباتها وتكون هي آثمة في حق نفسها وزوجها وهذه التصرفات تكون بمثابة اعلان العداوة مع الله خصوصاً حينما تكون الزوجة متعمدة ومجحفة في طلباتها. وإذا ما تعرض زوج لمثل هذا الأمر .. يحاول اقناعها عن طريق أهلها أو عن طريق الجيران".
من جانبه قال الشيخ عبدالسلام البسيوني الموجه الشرعي في مركز قطر للتعريف بالإسلام ان المبالغة في الطلبات التي تمارسها بعض الزوجات تعد من قبيل التصرف غير الشرعي وغير الحكيم ومن العوامل والسلوكيات الاجتماعية السيئة لان الله تعالى لم يكلف نفساً إلا وسعها ولم يحملها ما لا طاقة لها به " فاذا حمل أحد أكثر مما في وسعه فقد دخلنا في باب من أبواب الغلو الذي يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اخبرنا ان خير النساء أيسرهن مؤونة، كما انه عليه الصلاة والسلام في زيجاته وفي تزويج بناته وفي حالات تزويجه للصحابيات أو الصحابة الذين لجأوا إليه كان يبسط الأمر جدا حتى انه زوَّج رجلا بنعلين وطلب من رجل آخر ان يأتي ولو بخاتم من حديد ليكون مهراً وزوَّج ثالثا بسور من القرآن الكريم يحفظها لزوجته ولو استخدمنا هذا المنهج في التزويج ويسرنا وراعينا حال المتقدم لما بارت السلع وتراكمت في المخازن كما نرى في الواقع المعاش اذ نسمع عن الكثرة الكاثرة من النساء اللاتي يجلسن في البيوت بانتظار فارس الأحلام الوسيم الذي يملك القصور واليخوت والشركات عابرة القارات الذي لن يأتي ابداً حتى ولا في الأحلام فانصحك يا ابنتي ان تخرجي من هذه الأحلام هداك الله".
من المؤكد ان هذه المطالب تشكل مشكلة حقيقة تمنع الشباب الخليجي من الزواج ، لكنها ليست المشكلة الوحيدة وراء الاحجام عن الزواج . فهذه المعضلة ، وعلى خصوصيتها الخليجية ، تحتاج الى حلول جذرية تسهل سبل الارتباط بين الرجل والمرأة وتحافظ عليها .