من الدوحة: عن وزارة الاوقاف والشئون الاسلامية القطرية صدر حديثا (نظرات في فقه الخطاب) للكاتب والمفكر عمر عبيد حسنة مدير مركز البحوث والدراسات ويناقش الكتاب الذي يضم بين دفتيه 66 صفحة من الحجم المتوسط الازمة التي تعانيهاا الامة الاسلامية اليوم في وقت تشهد فيه الساحة الثقافية والدعوية اضطرابا في لغة الخطاب سواء الموجه الى المرسل او المتلقي اضافة الى خلط في مواصفات هذا الخطاب وحالات تنزيله ويرى المؤلف ان هذا الامر اورث المسلمين الكثير من الفتن والبلاءات والتناقضات والاضرار وافقدهم الحكمة مشيرا الى ان الخطاب الدعوي
التربوي التعليمي هو المسئول الاول والاخير عن الفشل الذي لحق بالامة وعدم قدرتها على حسن التعامل مع قيم الكتاب والسنة واكد حسنة ان الامة المسلمة التي تشكلت من خلال الخطاب الدعوي التربوي لا مخرج لها الا بالعودة الى اعادة صياغة خطابها التربوي وفق معطيات الكتاب والسنة وتطورها طبقا للمتغيرات الاجتماعية والانسانية ويرى الكاتب ان الازمة التي تعيشها الامة هي ازمة نخبة وليست ازمة امة وان الخلل يكمن اساسا في تربية وبناء النخبة الذي ارتقى الكثير منهم في مناصب قيادية بما يمتلكون من حناجر سميكة وصوت مرتفع وقدرة على اتقان الخطاب في وقت تلاشى فيه التفكير السليم الامر الذي اوصلنا الى هذه الازمات المتلاحقة وقال حسنة في موضع اخر من كتابه ( اننا هزمنا بذهنية بعض الخطباء وانتصر اعداؤنا بالخبرة والخبراء ذلك ان بروز الخطباء عديمي الخبرة وكذا غياب الفقهاء واهل الاختصاص هو الذي احدث اشكالية النهوض لدى امتنا ) وراى ان عملية التحول الفكري والتشكيل الثقافي المطلوب لاعادة بناء النخبة ومعاودة اخراج الامة من جديد تتطلب تخصصات ومهارات في شعب العلوم الانسانية جميعا وعملا مؤسسيا متكاملا مسبوقا برؤية تتحقق بالمرجعية الشرعية اضافة الى رؤية فقهية فكرية ثقافية قادرة على استلهام التجربة الاسلامية التاريخية وفي نفس الوقت قادرة على تنزيل القيم في الكتاب والسنة على واقع الناس من خلال استطاعتهم ومدركة للمتغيرات والنوازل وراى عبيد حسنة ان عملية احياء هذه النخبة تتطلب كذلك التحقق بالمنهجية السننية لحركة الحياة والاحياء وامتلاك القدرة على وضع الواقع بكل استطاعته ومكوناته وحالاته في الموقع المناسب من مسيرة السيرة والخلافة الراشدة ليشكل هذا الموقع مجال الاقتداء بعد التحقق بالرؤية الشاملة ذلك ان اشكالية النهوض فكرية ذهنية ثقافية تربوية بالدرجة الاولى كامنة في كيفيات وادوات النظر الى قيم الكتاب والسنة واستلهامها في التعامل مع الواقع وؤية المستقبل،كما يتناول الكتاب عددا من الاشكالات المتصلة بالخطاب الدعوي منها متطلبات التحويل الفكري واشكاليات ادوات النهوض و ملامح الخلط في مواصفات الخطابومسئولية الخطاب الدعوي التربوي واشكالية تنزيل القيم على الواقع والعلاقة بين عطاء الوحي واجتهاد العقل وشروط فقه الحالة والتاكيد على ان الاستطاعة هي مناط التكليف وان الانسان هو محل الحكم كما اهتم المؤلف بتاكيد التنوع في الخطاب طبقا للظروف والحالات فاللحرب والمعركة والجهاد خطابها وللدعوة خطاب اخر مختلف له ادواته وصفاته كما ان للعقيدة خطابها الخاص بها ويرى حسنة ان الامة ستكون بائسة اذا انزلت الخطاب وقيم النصر على ساحة الهزيمة وقيم الدعوة على مجال الدولة مشيرا الى ان هذا الامر ادى الى الكثير من المجازفات والممارسات والتضحيات والاساءات وساهم في اجهاض القيم وعمل الكاتب على تاطير العلاقة بين عطاء الوحي واجتهاد العقل منوها الى ان معرفة الوحي تمنحنا الدين ومعرفة العقل تقدم لنا الاجتهاد لكيفية التطبيق والتنزيل كما اكد الكاتب على ان التربية بكل ابعادها ومجالاتها هي اشبه بالوسيط الكيميائي الذي يحدث التفاعل المطلوب ويعيد صياغة الامة ويؤهلها لكيفية التعامل مع قيمها وتوظيف امكاناتها الحضارية مشددا على ان الكثير من الفشل والتخلف الذي تحياه الامة في افكارها ومشاريعها يحتاج الى عمليات نقدية شديدة وربما قاسية في بعض الاحيان لعلها تحرك الرواكد وتصوب الخطوة وتبني ثقافة المراجعة والمقارنة والمقايسة والحوار.
- آخر تحديث :
التعليقات