القاهرة: في تجربة تثري الشعر والفن التشكيلي معا يقدم كتاب (مواقيت لاحزان سبأ) حوارا بصريا تتحاور فيه قصائد الشاعر اليمني أحمد العواضي ومواطنته التشكيلية امنة النصيري. والكتاب الذي أصدرته وزارة الثقافة والسياحة اليمنية في الآونة الاخيرة يقع في 182 صفحة من القطع الكبير مع انتهاء العام 2004 الذي كانت فيه صنعاء عاصمة للثقافة العربية.
نصوص العواضي لا تحمل عناوين وتبدو كأنها نص واحد من مقاطع متصلة "أصعد شجونك كي ترى بلدا يمر وخلفه الاهات / اصعد كي ترى هذا المسمى الوقت ملقى في العراء / ترى امتداد الارض مراة محطمة / وحزنك والمدى خطان مؤلتفان." التشكيل في الكتاب لا يقتصر على لوحات النصيري بل يستخدم حجم الحرف وانسيابه وعلاقته بما قبله أو بعده لتشكيل الكلمة والجملة في لوحة لا تقل جمالا عن الرسوم كأن الخطوط كتبت بالصلصال "بعصا النقوش ومئزر السبئي / سوف ترى من الاشياء دهشتها / وغيرك لا يرى الا هواه."
وتفوح رائحة اليمن الذي تنسب اليه الاساطير والتاريخ ملكا عظيما من النصوص والرسوم التي استخدم فيها اللون الاسود وحده. في حين تبدو الحروف كأنها نقوش على جدار أحد الكهوف حتى أن بعض الصفحات تبدو كأنها مخطوطات أثرية تحمل رائحة زمن تستعيده النصوص والرسوم "ربما تتبدل الآيات / نمل الارض خلفك صاعد / سترى وتبكي من يراك وأنت تجمع ما تساقط من كلام الطير / عن بلد يمر وخلفه الاهات / اه بعد اه بعد اه."
ومفردات الكتاب حافلة بكثير مما يشير إلى أرض اليمن أو يدل عليها إذ شهد هذا البلد سيلا شهيرا هو (العرم). وهنا يلح الكاتب على ألفاظ الطير والسيل والطوفان "خذ كثيرا من رماد القلب / وانثره على شجر الخوارق / ربما تتجنب الاقدار قبل وقوعها / وترى ابتداء الخلق في غيبوبة للمسند الملقى على شجن يقوم كأنه الصلصال / انفخ بعض روحك فيه / سوف ترى بأنك قاب قوس واحد من شوكة المعنى التي مامسها بشر سواك." ولا تسعى اللوحات إلى تفسير النصوص بل تتحاور معها وتقدم لها تأويلا تشكيليا مختلفا. وأحمد العواضي صدرت له مجموعات شعرية هي (ان بي رغبة) و (مقامات الدهشة) و(قصائد قصيرة) أما امنة النصيري أستاذة الفلسفة بكلية الاداب جامعة صنعاء فترأس تحرير صحيفة (تشكيل) وسبق أن أقيمت لاعمالها ثمانية معارض في اليمن وموسكو.