القاهرة من رياض أبو عواد: اثارت زيارة قام بها مؤخرا الكاتب المسرحي المصري علي سالم لاسرائيل ردود فعل متباينة في صفوف المثقفين المصريين تجاه مسالة التطبيع الثقافي مع اسرائيل. وكان على سالم، الذي يعتبر من المقربين من الروائي المصري الحائز على جائزة نوبل للادب نجيب محفوظ، توجه الاسبوع الماضي الى الدولة العبرية للمشاركة في مؤتمر لوسائل الاعلام الحديثة عقد في تل ابيب. فقد اعتبر فاروق خورشيد رئيس اتحاد الكتاب المصريين الذي كان من اول المؤسسات النقابية التي اعلنت رفضها لاتفاقيات كامب ديفيد قبل ربع قرن ان "الاتحاد لا يزال متمسكا برفض التطبيع مع اسرائيل وزيارة علي سالم لن تغير من الامر شيئا فهو لا يمثل الا نفسه". واضاف في تصريح لوكالة فرانس برس "نحن في الاتحاد وقفنا ضد اية محاولة للتطبيع وواجهنا الذين حاولوا زيارة اسرائيل وتطبيع العلاقات معها وقمنا بفصل علي سالم من عضوية الاتحاد بعد زيارته لاسرائيل وعدم اعتذاره عن هذا الموقف". وكان اتحاد الكتاب المصريين قام بفصل علي سالم من عضويته في ايار/مايو 2001 بعد قيام هذا الاخير بزيارة اولى لاسرائيل.
من جانبه ذهب الكاتب الروائي صنع الله ابراهيم الى حد اتهام سالم بانه "يعمل لصالح الموساد بشكل او باخر لانه يخدم خططهم للتوغل في الحركة الثقافية المصرية واضفاء نوع من العادية على تصريحات ومواقف وزيارات التطبيع". وفي هذا الاطار "استهجن" ايضا الروائي جمال الغيطاني زيارة سالم هذه "في الوقت الذي يقوم فيه كتاب اوروبيون وامريكيون وافارقة بزيارة الشعب الفلسطيني وقيادته للتضامن معهما في مواجهة المذابح التي يرتكبها الاسرائيليون". وراى في تصريح للوكالة ان هذا يطرح "علامات استفهام كبيرة حول ايهم احق بالزيارة دولة اسرائيل المعتدية والقمعية ام الضحية" مشيرا الى ان اي "كاتب حقيقي لا بد ان يدفعه ضميره للقيام بدعم الضحية وليس الجلاد". من جهة اخرى اعتبر الغيطاني، وهو ايضا من المقربين من نجيب محفوظ، ان علي سالم "لم ينجز اي نص مسرحي له قيمة يعتد بها خلال السنوات العشرة الاخيرة". ووصفه بانه "مجرد كومبارس يلعب في المساحة الخلفية للمسرح للدفاع عن اسرائيل في الفضائيات العربية ويبذل الجهود الجبارة في تحقيق اهدافه هذه".
وفي المقابل اعتبر جمال عبد الجواد الخبير في مركز الدراسات السياسية التابع لمؤسسة الاهرام ان علي سالم "كاتب مهم ولم يرتكب مخالفة قانونية بهذه الزيارة". وقال لفرانس برس "هناك رؤيتان حول هذا الموضوع: واحدة لمؤسسات نقابية تمتلك التاثير والقيمة الادبية والمعنوية على اعضائها الا انها غير ملزمة وموقفها معارض للتطبيع ولزيارة اسرائيل لانها ترى ان ذلك يضر بالموقف العربي وبحل القضية الفلسطينية".
والاخرى ترى ان "العلاقة مع اسرائيل مفيدة وقد تسهل حل القضية الفلسطينية وتحقق السلام في المنطقة وتحقق مصالح الشعب المصري" وفقا لعبد الجواد. واعتبر انه "كان من الخطأ وقف العلاقة مع اسرائيل لانه ترك الفرصة لليمين الاسرائيلي للاستفراد بالمجتمع الاسرائيلي خصوصا خلال السنوات الاربع الاخيرة حيث اتجه المجتمع الاسرائيلي الى اليمين اكثر". وقال ان "زيارة علي سالم تصب في اتجاه تغيير الراي العام الاسرائيلي ولا اعتقد انها خاطئة". وايده في هذا الراي امين مهدي عضو جمعية القاهرة للسلام مبررا ذلك "بان الجهات الرسمية في مصر تقوم بالتعامل مع اسرائيل وتبادل الزيارات".
وتساءل في تصريح لصحيفة "المصري اليوم" "كيف نتعرف على اسرائيل الا بالتعامل معها كمثقفين دون اللجوء الى المترجمات العبرية الضعيفة". واضاف "ان علي سالم من حقه ان يختار ما يشاء حتى ولو كان خاطئا لان حق المعرفة مكفول حتى ولو كان مع خصم او عدو" متهما "الدكتاتوريات العربية" بانها "حليف موضوعي غير مباشر للاسرائيل". واوضح ان "ما يريده اليمين الاسرائيلي من عزلة في المنطقة هو هدف من اهداف الدكتاتوريات العربية لان اليسار الاسرائيلي يطالب بالاندماج في المنطقة الامر الذي يقلق هذه الدكتاتوريات ويقلق اليمين الاسرائيلي". يذكر ان علي سالم قدم للمسرح العربي تعريبا لمسرحية "مدرسة المشاغبين" في مطلع السبعينات حيث اعتبرت من اهم المسرحيات الكوميدية التي قدمت على المسرح المصري. فقد حققت هذه المسرحية التي قام ببطولتها عادل امام واحمد زكي وسعيد صالح وسهير البابلي نجاحا كبير مع استمرار عرضها لسنوات طويلة.