نيويورك من كلوديا بارسونز: رأى العالم صورا من الحرب الدائرة في العراق أكثر من أي صراع اخر في التاريخ ابتداء من أفلام عن زحف الدبابات الى بغداد وانتهاء بصور عن انتهاكات لسجناء عراقيين ولكن الفنان ستيف مامفورد يقدم شيئا اخر. يبدو مامفورد (44 عاما) المقيم في نيويورك الذي من بين أعماله السابقة لوحة لذئاب داخل غابة وأسماك قرش تحت الماء وريثا مستبعدا للشخص الذي يعتبره بطلا له وهو وينسلو هومر الذي أرخ الحرب الاهلية الامريكية لصحيفة هاربر الاسبوعية. ومع عدم وجود صلة رسمية تربط بين مامفورد والجيش الذي لديه فنانيه التابعين له قرر التوجه الى العراق بمفرده بصورة مستقلة خلال أيام من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.
ولم يراسل الا موقعا للفنانين على الانترنت ليكتب "مذكرات بغداد" عن تجربته التي توضحها رسوماته ولوحاته التي تعرض منذ ذلك الحين في معرض بنيويورك وستعرض في أماكن أخرى في أوائل هذا العام. ويقول مامفورد ان قراره امتداد منطقي لاهتمامه بالصراعات بصفة عامة التي تحولت الى ولع بحرب فيتنام قبل عام من حرب العراق. وقال مامفورد في مقابلة أجريت معه "فجأة خطر لي أنني مهتم بالحرب. قصة الحرب. لست متأكدا من سبب ذلك." وأضاف "أنا مهتم أيضا بالفن الذي يتحدث عن القتال الذي كان يمثل نوعا بمفرده منذ فترة طويلة جدا ولكن نجمه أفل ببطء منذ الحرب العالمية الثانية. قلت لنفسي لم لا أخوض التجربة.."
واقترض عشرات الالاف من الدولارات لشراء سترة واقية وخوذة ومعدات اتصال تعمل بالاقمار الصناعية وغيرها من التجهيزات. بعد ذلك توجه مامفورد الذي نشأ في بوسطن الى العراق عبر القاهرة ثم الكويت في ابريل نيسان عام 2003. ويتذكر تلك الفترة قائلا "بما أنني لم أذهب أبدا الى منطقة حرب من قبل ظننت أنني سأصاب بالذعر بمجرد وصولي الى مدينة الكويت ثم سأعود الى وطني على الفور." ولكن بدلا من ذلك وصل مامفورد الى بغداد وقام الان بأربع رحلات الى العراق وبقى عدة أشهر في كل مرة اما مقيما مع الجنود الامريكيين أو كان يعيش ويعمل بشكل مستقل.
وقال في ستوديو الرسم الخاص به في نيويورك "الذي يهمني حقا هو العودة الى فكرة الفنان كشاهد. الرؤية المباشرة رؤية العين لحدث ما ووصف الحدث برمته بصورة شخصية وذاتية."
وتضمنت الحلقات الاولى من المذكرات صورا للحياة العادية في بغداد مثل لاعبي الطاولة(النرد) في مقهى أو الباعة في شوارع المدينة. وهناك حلقات أخرى تسجل الوقت الذي أمضاه مع أفراد الجيش الامريكي في تكريت وبعقوبة والرمادي وهي تلك المدن التي تستدعي أسماؤها صورا للعنف. قال مامفورد "اجتذبت الرسومات قدرا كبيرا من الاهتمام وان كان هذا الاهتمام يرجع لاسباب مختلفة... أغلب الفنانين يتخذون مواقف سياسية قوية ضد الحرب لذلك كانت هناك انتقادات بأن الرسومات شديدة الحياد." ويقول انه لم يشعر أن هناك حاجة الى أن يكون موضوعيا بما أنه فنان لا صحفي. وأردف قائلا "اذا كنت مع وحدة عسكرية وشعرت أن هؤلاء الاشخاص يقومون بمهمة رائعة... وانهم أشخاص طيبون فانني كنت أميل الى التوحد معهم ودعم مهمتهم."
وتابع "في الوقت ذاته اذا كنت مع العراقيين خاصة أصدقائي العراقيين فانني كنت أحاول أن أعكس ذاتيتي أيضا." وفي أحدث زيارة له التي استمرت من يونيو حزيران وحتى أكتوبر تشرين الاول من العام الماضي انضم مامفورد الى دورية تحرس جزءا من بغداد. وتتحدث مذكراته عن كيفية ركوبه سيارات برادلي المدرعة وسط عدد من الجنود وكيف وصل الى سطح مبنى خلال معركة بالاسلحة النارية لاجراء الاتصال اليومي بزوجته الفنانة أيضا وكيف أنه رقد وراء قناص أمريكي ليرسمه أثناء تعرضه للنيران.
عرضت أعماله الفنية في معرض بنيويورك كما ستعرض في ميشيجان في نهاية الشهر الجاري وفي ميامي في ابريل نيسان. ومن المقرر اصدار كتاب يضم ما بين 200 و250 صورة في سبتمبر أيلول. وفي حين أن أسر الافراد العسكريين قد يكونون هم المشترون البديهيون لهذه الاعمال فان مامفورد يقول ان سعر اللوحة الكاملة الذي يبلغ 1500 دولار قد يكون مرتفعا للغاية بالنسبة للكثير منهم. وقال مامفورد "هذه الرسومات ليست سجلا نادرا لما قمت به هناك فحسب بل انها أيضا جزء مهم مني لكسب الرزق."
وذكر مامفورد أن التشاؤم زاد بشكل متزايد لديه منذ أول زيارة له بسبب تدهور الوضع الامني الى حد قوله ان العراق في حالة حرب أهلية تقريبا قبيل أسابيع من الانتخابات المقررة في يناير كانون الثاني. وهو ما زال على اتصال بعدد من الاصدقاء العراقيين وكذلك عدد محدود من الجنود الامريكيين ولكنه لا يعتزم العودة. ومضى يقول "الوجود في منطقة حرب خبرة محفزة للغاية مثل الدواء. ولكني أشعر في كل مرة ركبت فيها سيارة برادلي أن الخطر يتزايد نوعا ما.