د. محمد عبد الحليم غنيم: ولد الأديب فاروق خورشيد (فاروق محمد سعيد خورشيد ) فى القاهرة يوم 28 من مارس سنة 1928، تخرج فى كلية الآداب بجامعة القاهرة عام ا1951، عمل بالتدريس لفترة قصيرة، ثم انتقل للعمل بالإذاعة فى البرنامج الثقافي وقد ترقى ففي هذا العمل إلى أن وصل لا رئيس إذاعة الشعبثم أقيل منها مع بداية السبعينات من القرن الماضي.احترفت خورشيد الكتابة الأدبية وكان له مكتب فى وسط القاهرة انقطع فيه للكتابة والإبداع ن فقدم للمكتبة العربية العيد من الدراسات فى الأدب الشعبي والقصة والرواية والمسرحية أما آخر أعماله فهو رئيس اتحاد كتاب مصر ولفاروق خورشيد أربعة وخمسون كتاباً منشوراً موزعة ما بين الدراسات الأدبية والنقدية والأدب الشعبي والقصة القصيرة والرواية والمسرح وأدب الكلمة وأدب الرحلات وأدب الطفل، يمثل الإبداع الأدبي الجانب الأكبر منها فله فى الرواية والقصة القصيرة ستة عشر كتاباً، وله فى المسرح أربعة كتب وله فى أدب الكلمة كتابان وله فى أدب الطفل عشرون كتابا.

فاروق خورشيد و الإبداع عبر التراث الشعبي

فاروق خورشيد معروف ومشهور لدى العامة والمتخصصين كباحث في التراث الشعبي أكثر ما هو معروف كمبدع ، وقد أشرت في دراستي لإبداع فاروق خورشيد أن شهرته كباحث في التراث الشعبي طغت على جانب مهم عنده ألا وهو الفن القصصي ، فهو كاتب قصة قصيرة متميز وكاتب رواية من طراز رفيع وكنت أظن أنه لابد من الفصل بين هذين الجانبين ، ولكن ذلك الظن في غير محله، فلا يمكن فصل الجانبين، ولأن التراث الشعبي سيرمى بثقله و سيفرش ظله على إبداع خورشيد القصصي بصورة مباشرة وأخرى غير مباشرة . وليس من المبالغة إذا قلت أن أثر التراث الشعبي يمكنا أن نجده في كل صفحة يكتبها فاروق خورشيد في قصصه الطويلة والقصيرة على السواء وسأقف هنا عند توظيف خورشيد للتراث الشعبي وخاصة السيرة الشعبية في رواياته. وقد خصصت فصلا كاملا لهذا الموضوع، وضعت له عنوان " النص التراثي وقالب الرواية " وخلصت فيه إلى أن خورشيد في علاقته بالتراث الشعبي ، مر بمراحل ثلاثة متميزة متطورة .
1 _ في المرحلة الأولى:
يعيد الكاتب صياغة النص القديم ( السيرة الشعبية ) من خلال محاكاة هذا النص ، أي تقديمه كما هو ، ولكن في قالب جديد معاصر هو الرواية وهو بذلك أقرب إلى التلخيص أو على حد قول خورشيد نفسه " صياغة جديدة " والعلاقة المهيمنة هنا في إطار التفاعل النصي هي علاقة المحاكاة أما الأعمال التى تدخل تحت هذه المرحلة فروايتان هما " سيف بن ذى يزن 1963 م " و " على الزيبق 1967 م " .
2 _ في المرحلة الثانية :
يحاول فاروق خورشيد أن يتحرر من علاقة المحاكاة أو إعادة الصياغة قليلا سواء على مستوى الشكل أم على مستوى المضمون مستفيدا من علاقات التفاعل النصي المختلفة وهى المحاكاة والتحويل والمعارضة معا ، فلم يعد العنوان مطابقا للنص القديم من ناحية ، ولم تعد الصياغة حرفية له من ناحية أخرى ،بل ثمة استثمار لتيمة رئيسة منه مثل تيمة " المغامرات " في سيرة سيف بن ذى يزن و" الملاعب " في سيرة على الزيبق .وفى هذه المرحلة أيضا سنجد توازنا بين الأبعاد التراثية والأبعاد الحضارية ومن الأعمال التى تدخل تحت هذه المرحلة روايتان هما :"مغامرات سيف بن ذى يزن 1967 م" و "ملا عيب على الزيبق 1990 م"
3 _ المرحلة الثالثة :
في هذه المرحلة لسنا أمام إعادة صياغة أو محاكاة للنص القديم ،بل إن المؤلف لم يشر مطلقا إلى هذا النص القديم وعلينا نحن أن نكتشف هذه العلاقة ونحدد طرفيها والرؤية هنا ليست تسجيلية أو شبه تسجيلية كما في المرحلتين السابقتين ، لذلك لن يهيمن النص القديم على النص الجديد ومن الأعمال التى تدخل تحت هذه المرحلة رواية "حفنة من رجال " .
وقد تحدثت بالتفصيل عن هذه المراحل من خلال نظرية التناص وأنواعه المختلفة ويمكن الرجوع في ذلك إلى البحث ، وأرجو أن يكون بين يدي القارئ العام في أقرب وقت ، حيث أنه قابع منذ عام في أدراج سلسلة كتابات نقدية في هيئة قصور الثقافة .وإذا كان هذا الفصل تحدث بشكل مباشر ومفصل عن توظيف خورشيد للتراث وعلاقته به ، فإن أعماله الأخرى كما أشرت منذ قليل لا تخلو من تأثر بالسيرة الشعبية أيضا ، مثل رواية " الزمن الميت "على وجه الخصوص وكذلك قصصه القصيرة. ولا أعتقد أن مثل هذه العجالة تفي فاروق خورشيد حقه ، وللحديث عن أثر التراث الشعبي في أدبه ،وأتمنى أن تتاح فرصة أخرى للحديث بالتفصيل في هذا الموضوع .