جيروم ريفيه من واشنطن: شكك الروائي الاميركي مايكل كرايتن كاتب رواية "جوراسيك بارك" في كتابه الاخير الذي لقي رواجا كبيرا بحقيقة سخونة المناخ مما اذكى الجدل القائم حول هذه المسألة التي ينقسم بشأنها العلماء واهل السياسة. فكتابه بعنوان "دولة الخوف" وضع على لائحة الكتب الاكثر مبيعا في الولايات المتحدة بعد شهر فقط على توزيعه في الاسواق، كما يحتل مكانة في المناقشات الادبية غير اعتيادية بالنسبة لكتاب من نوع الخيال العلمي. فالكتاب الذي يقع في ستمئة صحفة يتضمن كل عناصر المغامرة والتشويق ولكنه يضيف الى ذلك عنصر حداثة غير مألوف عبر اعطائه دور "الشرير" لمنظمة مدافعة عن البيئة تجنح نحو الارهاب وتخطط لكوارث طبيعية مثل تسونامي او انتزاع جبل جليد عملاق من القطب الجنوبي لاقناع الرأي العام بحقيقة ارتفاع حرارة الارض والتمكن بذلك من جمع مزيد من الاموال. ويصبح رجل القانون بيتر ايفانس البطل "رغما عنه" عبر خوضه حربا بلا هودة ضد هؤلاء "المدافعين" المتطرفين عن البيئة لمنعهم من بلوغ مبتغاهم.
لكن الامر غير الاعتيادي بالنسبة لرواية بوليسية هو ان "دولة الخوف" مليئ بالملاحظات المدونة في اسفل الصفحات والرسوم البيانية التي تقدم تفسيرات علمية للقارئ.
ويتضمن الكتاب حتى ملحقا يبرر فيه مايكل كرايتن موقفه. وجاء في الملحق "لا احد يعلم بيقين ما اذا كان الاتجاه نحو سخونة الجو ظاهرة طبيعية حقيقية. لا احد يعلم الى اي حد يرتبط ذلك بالنشاط البشري. كما ان لا احد يعلم ما اذا كان ارتفاع حرارة (الكوكب) سيستمر في القرن المقبل". وبالرغم من ان الكاتب يدحض هذه الفكرة، فان مثل هذا الموقف ينسجم مع موقف المدافعين عن سياسة ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش التي رفضت المصادقة على بروتوكول كيوتو الرامي الى مكافحة مسببات ارتفاع حرارة الكوكب.
وهكذا اعتبر السناتور الجمهوري جيمس انهوف ان كتاب "دولة الخوف" يروي "القصة الحقيقية" للتغيرات المناخية، بينما عبر كاتب الافتتاحيات الشهير جورج ويل عن ارتياحه لان "ملايين القراء" سينظرون من الان فصاعدا بعين ثاقبة "مشككة" الى الانباء عن الكوارث الطبيعية.
اما مايكل كرايتن الذي دعي لتوضيح موقفه الجمعة امام مركز للابحاث في واشنطن في قاعة اكتظت بالحضور، فقد عبر عن "اضطرابه الشديد" لما "لاحظه" خلال ثلاث سنوات من الابحاث المخصصة لاعداد الكتاب. واعرب عن اسفه خصوصا لما يجري غالبا في نظره من "تلاعب كبير" بالعلم من اجل "مآرب سياسية" وللقبول بالدراسات بدون التحقق من فحواها اضافة الى التهويل في وسائل الاعلام. ولم يتاخر عدد من العلماء برفع صوتهم للتنديد بهذه النظريات والفرضيات. وقال غافن شميت من مؤسسة غودارد معبرا عن اسفه على موقع ريل-كلايمت الالكتروني الذي وضعه اخصائيون في المناخ، "ان هذه الرواية، مثلها مثل فيلم +اليوم التالي+ (2004)، تتحدث عن مسائل ومواضيع جدل علمية حقيقية، لكنها تبدو ايضا انتقائية (واحيانا مخطئة) حول المفاهيم العلمية الاساسية". ويتهم علماء اخرون استشار كرايتن بعضهم، الكاتب بتشويه ابحاثهم لانشاء عمل من "الخيال العلمي". من المتوقع ان يوفر الجدل القائم الدعاية والترويج للكتاب، ما سيؤدي الى زيادة شهرة وثروة المؤلف الذي وضع المسلسل التلفزيوني المعروف باسم "ايمرجنسي روم" (الطوارىء) وصاحب كتب عديدة رائجة ترجمت الى 30 لغة وبيع منها اكثر من مئة مليون نسخة في سائر انحاء العالم.