براغ : أكدت مديرة معهد الاستشراق التشيكي الدكتورة ستانيسلافا فافروشكوفا أن الباحثين التشيك بالدراسات الشرقية لم يعودوا يركزون على المواضيع التي كان يهتم بها الباحثون قبل أكثر من 80 عاما أي في بدايات عمل المعهد وإنما يتم التركيز الآن على بحث ومتابعة القضايا الآنية والظواهر المعاصرة في المجتمعات الشرقية ولاسيما منها التي تؤثر على التطورات في مناطق أخرى من العالم إضافة إلى الاهتمام بقضايا الثقافة والأدب والأديان.
وقالت إن عالم اليوم يتغير بسرعة وفي الفترة المعاصرة يتم انتقال مراكز الأحداث العالمية بالتدريج إلى الشرق الذي تصدر عنه في الكثير من الأحيان مبادرات ودفقات تؤثر مطولا في الأحداث في بقية أجزاء ا لكرة الأرضية ويشمل هذا الأمر الظواهر والعمليات السلبية مثل الأوبئة والتهديدات الإرهابية وأيضا القيم الايجابية التي تصدرها بعض دول الشرق المتقدمة للثقافة والحضارة البشرية ولهذا يسمى القرن الواحد والعشرين بأنه قرن القارة الآسيوية.
وأكدت في حديث " لإيلاف " أن دراسة الشرق أكاديميا في بلادها له تقاليد عريقة لان بدايات الاستشراق التشيكي ترتبط بشكل وثيق بالفترة التي شهدت ظهور معهد الاستشراق التشيكوسلوفاكي في عام 1922.
وعلى الرغم من أن عدد الباحثين المهتمين بقضايا الشرق وثقافاته ولاسيما العربية كبيرا لم يكن كبيرا في البداية إلا أن الجهود العلمية التي قاموا بها لا تزال مصدرا هاما إلى الآن فبدرجيخ هروزني مثلا قدم دراسات هامة عن الأناضول واسيا الصغرى أما الويس موسيل فقد تناولت أبحاثه فلسطين والأردن القبائل البدوية واعد الكثير من الخرائط عن المنطقة العربية الأمر الذي يجعله احد الركائز الأساسية للاستشراق التشيكوسلوفاكي.
ومن بين الأسماء التي تركت بصمات واضحة أيضا تاوير الذي نقل إلى التشيكية كتاب ألف ليلة وليلة واهتم في كتاباته بفن العمارة الإسلامية وبعض القضايا التاريخية العربية وكذلك اسم الدكتور ايفا ن هربيك الذي عمل حوالي 20 عاما على ترجمة القرآن الكريم إلى التشيكية ترجمة دقيقة وكاملة وقد ظهرت هذه الترجمة في بدايات السبعينيات كما قادته دراسته للمصادر العربية إلى التوصل إلى أن أول من كتب عن براغ يعود الفضل فيه إلى الرحالة والتاجر العربي إبراهيم بن يعقوب وذلك في منتصف القرن العاشر الميلادي أما الشخصية الأكاديمية الهامة الأخرى فهي البروفسور بيتراتيشيك الذي طور الأبحاث اللغوية واعد جيلا واسعا من المهتمين بالأدب العربي الحديث كما قام بترجمة العديد من الكتب والدواوين من الشعر العربي الحديث.

وعن مستوى الأبحاث والدراسات التي يقوم به المعهد مقارنة بالدول الأوربية الأخرى تجيب : في معهدنا يوجد الآن نحو 30 باحثا علميا متخصصا في مختلف الفروع بدءا من التاريخ مروا باللغات وانتهاء بالفلسفة والآداب وكل باحث منهم يجيد إضافة إلى اللغات العالمية على الأقل لغة من اللغات الشرقية الأمر الذي يمكنهم من استخدام المصادر الأصلية وقد أصبح تقليديا في المعهد استخدام العربية والتركية والهندية واليابانية والصينية والكورية والمنغولية والبارمية ولغة التبيت ومعهدنا على خلاف بقية المؤسسات لا يقبل فيه إلا من يجيد لغة من اللغات الشرقية
أما نشاطات المعهد فعدا إعداد الدراسات التخصصية والأبحاث وإصدار الكتب و مجلتين متخصصتين بالشرق والمشاركة في الندوات والمؤتمرات العلمية المختلفة فان طاقمه العلمي يقوم بالتدريس الأكاديمي في الجامعات التشيكية وللتدليل عل مدى أهمية هذا الدور تستحضرني الذاكرة رقم 1513 ساعة أكاديمية قدمها العاملون في معهدنا العام الماضي وبالتالي فبدون مساهماتهم لما تمكنت العديد من التخصصات في الجامعات التشيكية من الاستمرارية واعتقد أن معهدنا الآن رغم النقص الواضح في عدد الباحثين فيه وحاجته إلى توظيف المزيد من الأكاديميين يعتبر بمستواه ومكتبته التي تضم نحو 200 ألف كتاب الكثير منها باللغات الأصلية لها واحدا من أفضل المعاهد في منطقة وسط أوروبا.
و أعربت الدكتورة فافروشكوفا عن اهتمام إدارة المعهد بشكل كبير بقيام تعاون مباشر مع المؤسسات العلمية والأكاديمية العربية عن طريق تبادل الخبراء والمواد العلمية والأبحاث وبالتالي المساهمة في زيادة التقارب والمعرفة بين التشيك والعرب.