القاهرة من سعد القرش:يرى باحث مصري أن السياق السياسي والاجتماعي والثقافي في العالم العربي أدى الى وقوف كثير من النساء العربيات ولو ظاهريا ضد أفكار التحرر والمساواة. وقال أيمن بكر يوم الثلاثاء لرويترز ان الوعي العربي العام يساعد على تغييب أفكار المواطنة الخاصة بالنساء من حيث واجباتها وضماناتها الاجتماعية ودور مؤسسات الدولة والمجتمع المدني في تفعيلها. وترجم بكر والسورية سمر الشيشكلي كتاب (النسوية والمواطنة) للكاتبة النيوزيلندية ريان فوت الذي يفتح بابا على أسئلة حول حقوق المواطنة الخاصة بالنساء وأوضاعهن في العالم ليصل الى أن المرأة حتى في الدول الديمقراطية لاتزال مواطنة من الدرجة الثانية.
والكتاب الذي يقع في 274 صفحة وصدر عن المجلس الاعلى للثقافة بمصر يرصد اسهامات قيادات الفكر النسوي في الديمقراطيات الليبرالية الغربية. وترى المؤلفة أن مفهوم المواطنة هو أن يكون المرء مواطنا مشمولا بحماية الدولة ومتمتعا بالمساواة أمام القانون بغض النظر عن خلفياته الشخصية اذ ان "النسويات الانسانيات في سياساتهن يؤكدن أن المرأة انسان عادي تماما مثل الرجل" وان مصطلح النسوية يهدف الى تحسين أوضاع المرأة. ويذهب الكتاب الذي صدر خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي افتتح الاربعاء الماضي الى أن الحركة النسوية عرفت أولا موجتين تبنت الاولى ارساء قواعد النضال في معظم الديمقراطيات الليبرالية الغربية من أجل اكتساب حق الاقتراع ابتداء من عام 1870 حتى عام 1930 في حين بدأت الموجة الثانية مواكبة للثورة "الثقافية النسائية" بعد عام 1968.
أما الموجة الثالثة التي تنتمي اليها الكاتبة فبدأت في تسعينيات القرن الماضي. واستعرضت الكاتبة اسهامات النساء الغربيات المدافعات عن حقوق المرأة في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين مشيرة الى أنهن "لم يتناولن قضية المواطنة بدرجة كافية من الجدية." وقدم الكتاب اختبارا للاستجابات النسائية حول ستة موضوعات تشكل مفهوم المواطنة وهي الحرية والحقوق والمساواة الاجتماعية والذاتية السياسية والتمثيل السياسي والتقييم السياسي. وأشارت فوت الى أنه "بينما تملك كلمة (رجل عام) دلالة ايجابية فلاتزال كلمة (امرأة عامة) ذات دلالة مهينة تحط من قيمتها." وقال بكر ان فوت الاستاذة بجامعة أوكلاند بنيوزيلندا واحدة من الجيل الثالث من النسويات "وهو جيل يتجنب الى حد كبير الاحكام والاراء الحادة التي ميزت الجيلين الاول والثاني فيما يتصل بأفكار التمييز والاضطهاد الواقع على النساء."
وأضاف أن أهمية الكتاب بالنسبة للثقافة العربية ترجع الى وضع مقولات تحرر المرأة التي تتغنى بها وسائل الاعلام العربية في ضوء المقارنة مع التحرر الذي وصل اليه الغرب مشيرا الى أن "المقارنة لا تعني الاقتداء أو الغاء الخصوصية الثقافية العربية ولكنها تسمح بتقييم يبتعد عن النظرة الاحادية التي تتبناها وسائل الاعلام العربية المسيسة." ومضى قائلا "المواطنة الليبرالية الاجتماعية السائدة في الغرب مادة يدرسها طلاب المرحلة الثانوية في بعض الدول (الغربية) حتى يشب المواطن على معرفة بحقوقه الدستورية والقانونية ولكن حقوق المواطنة تكاد تكون مادة محظورة في معظم البلدان العربية."
وقال ان الدافع وراء اختيار هذا الكتاب للترجمة هو "خواء الثقافة العربية فيما يتصل بالفكر النسوي وتياراته المختلفة وتاريخه الممتد في الثقافة الانسانية وعدم قدرة الوعي الجمعي (العربي) بصورة عامة على تمثل أفكار الحرية والمساواة والعدالة المتضمنة في الكتب أو القوانين."
وذكر أن السياق العربي العام في نهاية القرن العشرين انحاز ضد المرأة "التي بادرت بنفسها الى التخلي عن انجازات حققته أجيال سابقة من النسويات. ومن باب التقية (الخوف) وقفن ولو ظاهريا ضد أفكار التحرر والمساواة." ووصفت الناقدة المصرية فريدة النقاش الكتاب في مقدمته بأنه "لا غنى عنه للحركة النسائية العربية الجديدة وللاحزاب ولمنظمات حقوق الانسان كافة التي انشغلت ولاتزال بقضية المواطنة."
وأضافت أن المواطنة المتكافئة "تعني تعاقب وضعيتي أن تكون حاكما وأن تكون محكوما ولكي تتوفر لملايين النساء مثل هذه الفرص ولا يبقى التداول حكرا على نخبة منهن لابد أن يتغير المجتمع تغييرا جذريا شاملا.. التغيير الجذري عملية صراعية كفاحية طويلة المدى ولا يمكن انجازه دون مشاركة فعالة من ملايين النساء المواطنات الحرائر."