تعد تتيانا تولستايا من المع الوجوه القصصية الروسية من جيل البريسترويكا واكثرها اثارة للجدل. واسست تولستايا لمدرسة (النثر القاسي) لعرضها الجوانب المظلمة في حياة الانسان الروسي دون شفقة ، وتشريح ابعاده النفسية المظلمة. واقامت عالما اسطوريا شخوصه الاطفال الذين ينظرون الى ما حولهم بعيون فطرية وسحرية. وباعتراف كبار النقاد فانها افضل ناثر في ادب القصة القصيرة في الادب الروسي في مرحلته الراهنة واستلهمت منجزات السرد الرفيعة، التي عرفها ادب القرن التاسع عشر الروسي وبداية القرن العشرين،ولم تنساق الى بريق تيارات الحداثة وما بعدها،،ساعبة الى الالتزام بواقعية سحرية مترعة بالشعرية والحلمية، وصممت على متابعة قضايا الانسان الروحية والاجتماعية.
ولدت تتيانا تولستايا عام 1951 في لينينغراد من اب اكاديمي في مجال علم اللغة والادب (فيلولوجيا)وهي حفيدة الكاتب السوفياتي الكسي تولستوي صاحب (درب الالام ) و( بطرس الاول ) ومتحدرة من سلالة ليف تولستوى العظيم صاحب الحرب والسلام. وانهت كلية الادب واللغة في جامعة لينيغراد بعدها انتقلت الى موسكو. وبدات النشر عام 1983 حينما نشرت مقالتها النقدية في مجلة اوفرورا. وفي منتصف الثمانينات كتبت ونشرت في الدوريات الادبية حوالي عشرين قصيرة لفتت لها انتباه النقاد. وفي عام 1988 نشرت 13 منها في مجموعة "جلسنا عند المدخل الذهبي للبيت"...
وتعاطى النقد الرسمي السوفياتي مع ادب تولستايا بشكوك وحذر، البعض اخذ عليها ازدحام المجموعة، مما جعل من الصعوبة اخذها بجرعة واحدة، واخرون على العكس، زعموا انهم ابتلعوا الكتاب مرة واحدة، وان كافة القصص مكتوبة وفق تصميم واحد، ومبنية بصورة مصطنعة. وعرفت تولستايا في الوسط الثقافي ذو الميول الادبية بانها كاتبة متفردة وذات نزعة مستقلة. ومعظم شخوص قصصها من الناس البسطاء "من اهالي المدن غريبوا الاطوار( العجائز المحافظات على انماط الحياة القديمة، والشعراء" العباقرة" والمتخلفون عقليا منذ الطفولة،...)، الذين يعيشون ويموتون في وسط البرجوازية الصغيرة المتعفن والاصم ازاء معاناة الاخرين.
ويرصد النقاد مؤثرات فيكتور شكلوفسكي(1893 ـ 1984) ويوري تتيانوف( 1894 ـ 1943) من جهة اخرى الكسي ريميزوف(1877 ـ 1957)، في على قصص تولستايا.ففي نصها تتداخل مختلف معاني انساق اللغة، وكقاعدة تنظر الى شخوصها من " الجانب الاخر" وتستخدم اسلوب الصورة السينمائية في تقليب الحدث. وفي خلافها عن رواد التجديد في التعامل مع الكلمة، فان تولستايا تستخدم الاسلوب الذي طورته بتكوين العبارات المركبة التي تصدم القارئ لما تتضمنه من مفارقة ومفاجئة، مما جعل النقاد يتحدثون عن الثراء الجمالي في اعمالها.
وغادرت تولستايا روسيا عام 1990 الى امريكا لعشر سنوات لالقاء محاضرات عن الادب الروسي، وواصلت الكتابة لصحيفة انباء موسكو الليبرالية،وغدت عضو هيئة تحرير مجلة " العاصمة".وظهرت ترجمات لقصصها بالانجليزية والفرنسية والسويدية وغيرها من اللغات.وصدرت مجموعتها الثانية " تحب او لاتحب" في موسكو و" اختان" بالمشاركة مع شقيقتها ناتاليا.
وصدرت في عا عام 2000 اول رواية لها " كيس" عن روسيا الممسوخة بعد نشوب حرب نووية. وتصور الرواية وهي من النوع الخيالي/ الواقعي انحاط روسيا: حيث اضمحلت اللغة، وتحولت المراكز السكانية الكبرة الى قرى مشوهة، حيث بعيش الناس وفق قواعد لعبة " "القط والفار". والرواية مشحونة بالتهكم، وشخوص الرواية طيف واسع من المسخ، ويجري تجسيم ممارساتهم الجنسية بصورة قريبة من الحيوانية التي تثير الاشمئزاز.
واختلف النقاد في تقويم جديد تولستايا. الناقد والفيلسوف بوريس بارمونوف الذي يقطن في امريكا، قارنها بمصير نابوكوف الادبي، معيدا الاذهان الى كلمات نابوكوف" الملائكة كبيرة و قوية" ووصف الرواية بانها" ضربة جناح مَلَك". فيما استقبل النقاد الروس الرواية بتحفظ، في الوقت نفسه فان المترجم والقصصي ذائع الصيت بوريس اكونين وصف لغة تولستايا المترجم بانها " لذيذة وومتعة".
وصدر لتتيانا تولستايا في السنوات الاخيرة مجاميع " ليل" ومن ثم " نهار" و" اشياء شخصية" وغيرها.
وتجد مقالات تولستيا ردود فعل متناقضة.،حتة ان العيديد يرى انها اجود فنية من اعمالها القصصية.وحصلت تولستايا عام 2001 على جائزة " النثر" لمعرض الكتاب الدولي في موسكو، وجائزة " تروؤومف".وهي الان مقدمة برنامج " مدرسة الوشاية" في قناة " الثقافة".