ترجمة وتقديم فاروق سلوم: الشاعرالأمريكي فرانك فاريلا ( 1950 ) من اصول تعود الى كوستا ريكا في اميركا اللاتينية يقيم الآن، في الجانب الغربي من شيكاغو.. حيث يؤسس المهاجرون الكوستريكيّون.. وطنهم الصغير.. فيما ينشغل بهم مختلف هو نقل معرفة متنوعة لتكون شكلا من اشكال الثقافة الأميركية، ويقول ناشر كتاب الأصوات.. المتخصص بالنصوص والقراءات الشعرية المسجلة.
شعره ترجمة دقيقة للواقع السحري للأدب الأمريكي اللاتيني الى لغة وحياة اليانكي ليصب شعر فاريلا في نهر الحياة الأميركية حيث الثقافة تعزز السحر..وبهذه الطريقة تولد النصوص السحرية، وعلى سبيل المثال ينظر الأدباء الأمريكان الى نيويورك وكاليفورنيا بعاطفة مليئة بقوة الأسطورة ولكن فاريلا في كتابه ( شراب ثقيل ) يريق الكثير من السحرية حول شيكاغو وما يجاورها.حيث يقود الأرواح واسماء العوائل والشخصيات كما يفعل كتاب أميركا اللاتينية ليشعرنا انهم أحياء يشاركونا الحياة والحركة في الهاميولت بارك والمدرسة التي درس فيها والجزء الغربي من شيكاغو ايضا..وهو بهذه الطريقة يخلق عالما متنوعا للنص وللثقافة التي نريد ] وقد اصدر فاريلا عددا من المجموعات الشعرية أبرزها [قهوة مرّة] و [ شراب ثقيل ] الذي نترجم منه هذه النصوص. وكما سنلاحظ استعمالاته لأسماء آلهة وابطال روايات وشخصيات مسرح.. واسماء أجداده..وأصدقاء ومجانين..وموسيقيين واسماء قطع موسيقية..في قصائد تبدو بسيطة لكنها تنطوي على بنيتها المركبة..ودلالتها الرمزية.. ويشكل فاريلا ومجموعة الشعراء الأميركيان الجدد ظاهرة ثقافية تنطوي على التمرد على صفات شعرية لرواد الحداثة في الشعر..وأوهام لسطوة الشعر على الأجيال ويشارك هؤلاء في حركات متنوعة وإصدارات مثل قصيدة لكل يوم..وجريدة الشعر ـ اللتان نقدمهما لاحقا ـ كما يقدمون أعمالهم عبر النشر.. ومواقع الانترنيت..ومواقع القراءات المسموعة، وضمن سلسلة الشعراء الجدد نقدم هذه النصوص.


تأمّل

على وجه بحيرة ميشيغان

تتحرك المصابيح مثل أصابع العازف

عازف البيانو

حيث تدرك أصابعه بالكاد شوبان

وكنت اشهد لعبة أسرار الضوء

وأسرار العتمة..مثل السحر

في سماء العاصفة

متذكرا أورفيوس الأسود

حيث يرتدي الموت من اجل كرنفال

وهذه الليلة انا أورفيوس

أغنّي البوليرو القديم

لحبيبتي ايرودايس

العائدة من بقاع بعيدة

حيث لانهائية الغفوة..والموت.

عالم جديد


الى اليزابيث..

لقد اخترقت حواسي

عبر افضية ضيّقة

حتى ان اللغة لا تستطيع

ان ترسم بالكاد ملامح ايماءتها

لقد صرت آدم الجديد

وهو يقتحم البقاع..حيث

العتمة هي الضياء

لقد سمعت عبر موجات صوتها

يدي وهي تنفتح وتنغلق على الحكمة

الحكمة التي اكتشفتها

في ارتفاع وخفوت أنفاسها

في الليل حيث يتحد جسدانا

ولاشيء في هذا العالم

يستطيع ان يستبق منطق عينيها

وهما تحدقان في عريي

وكأني في ثياب..جديدة.

الآلهة الأفريقية السبع


عند مدخل غابة الهميولت

كان ويلي الأحمق مثل مجنون

ملوحا لي لأسرع..

غير مكترث بيدي الممدودة للمصافحة

وهو يخطو الى جواري

( لقد بدأت مع الآلهة الأفريقية السبع

كما ترى يا أخي..حين توقفنا عن الصلاة

للآلهة الأفريقية السبع)

وكنت قلقا أقول له..

ـ هذا هراء دون معنى

اضطرب ويلي الأحمق وغمغم

مثل موسيقى ماشيتو المجنونة

ولكني كنت المح كيف تنقلب الأحوال

كلما توغلنا في الغابة

غربان كبيرة فوق الأشجار

وهي تصيح وتحول لون سماء الشتاء الجرداء

الى تركواز (*)

وراح ويلي الأحمق يغمغم

ان الآلهة الأفريقية انقلبت علينا

لأنا انقطعنا عن الصلاة لها

..وانبلجت في أعماقي قشعريرة

مثل فجر..

وكأن الآلهة تفعل ذلك

فيما يندفع البورتوريكيّون

الى شيكاغو دون معنى.

ــــــــ

* يسمى التركواز في الدراسات الغربية Islamic colour

لكنه وردفي النص:turquoise

الأرض السوداء

مقطعان من قصيدة طويلة

"الوقت مثل جدول يتدفّق يمضي و يعرّي كل أولاده" قول مقدس

1 ـ وكأني اعبث في الحديقة بصمت

لا أريد ان أزعج الجذور

فالأرض ثرية بالزمان

وهي تعبر الفصول.

..في أيامي البهيجة،

أستطيع ان امنح البذور

واسلّم روحي لهذا العالم الأخضر

من آلاف الأشجار

التي تمنح القوة للأرض السوداء

قبل ان يتلطخ التراب بألدم

من لعنة حجر المزارع الغريب.

2 ـ خاطبتني روحك تلك الليلة

حين بعثرت الريح كل شيء

حول السرير

وكنت نصف مستيقظ

أراقب تلك الحشرة دون وعي

وهي تلوب..في مواجهة الضوء.

..أثاث الغرفة يذكرني بمكان آخر

حيث يدفع الرجال عن حياتهم

بأياديهم العارية

..وثمة خطوات تضرب ارض الممر

..تجعلني أحس حضورك

..تفتح الباب وهناك تقف

..كمخلوق صامت في ثوبه الأبيض

يهوم مثل غريب يبحث عن ماضيه..

جدي ايويلو..كنت رحلت بعيدا

الى مكان السكون

حيث يسندك مساعدوك في استراحتك الأخيرة

ويحمل أهلي عظامك

ليضعوك تحت الأرض السوداء

لتنام بسلام يا جدي

فلاشيء يقتل الحب.

بغداد/ من مجموعة strong strew - Book of voices 1999
[email protected]