ظهيرة عربية

لا ريحَ تُؤوي
لا بابَ يصطفقُ
لا غيمَ مكفهرَّ
لا روضَ يندى و لا زهرَ يبتسمُ
لا جندبَ يمضي في طريقه غيرَ ممتعضٍ
لا الأرنبُ يرتابُ
و لا فأرةُ الحقل
/ الحقول في سباتها غارقة/
الريحُ تبحث عن مأوى
و البابُ موصدة
الغيمُ في الرمق الأخير
و الروضُ يستجير بالحجر
/يا حجرا، كنْ بشرا/
لا ريحَ لا بابَ لا غيمَ لا روضَ
لا أفعى تلمّظُ
خلف ضفدعة
القطرةُ تفتحُ شريانَ القطرة
و الشمسُ هازئة!

فندق بياستوف-بجيغ

10.12.2004


دعوة لزيارة بغداد


تلقيتُ دعوةً من نديمي و صاحبي في الضراء و السراء لزيارة العتبات المقدسة
وبغدادَ ومناطقَ الكوردِ والأهلَ و بعضَ الأصدقاءِ الموزعين بين المقابرالمبهمة.
لم تكنْ فكرةُ الزيارة بالغريبة عني، فأنا قد حزمتُ مباشرةً حقيبتي المصنوعة من جلد خنزير
مشاعي، بعد أن عُفّرَتْ جبهةُ تمثال العراق الوحيد في ساحة الفردوسِ، بعد أن هللت الأضرحة، وقامت الساعةُ في المتحف الوطني، بعد أن فرغت البيوت وامتلأت الشوارع،
بعد أن عمّ السوادُ البياضَ، وبات من المستحيل رؤيةُ الحسان بين الملأ، لأن هذا الملأ يموت
جملةً جملة، كي يحيا في ساحة الفردوسِ روحا حرةً منطلقة من براثن الديجور، كي يقول الآخرُ القريبُ-البعيدُ: هذا اليتيمُ المكللُ بالحلم و الطغيان و الشعوذة، دعْه في غيّه سادرا، هذا اليتيمُ الأحمقُ المارقُ الضحيةُ والجلادُ، هذا اليتيمُ المناوئ للذاتِ وعِرْفانها، المتيمُ بالتاريخِ والكوابيس والأرقِ المرير، بالمحبةِ والقتل/محليا ومستوردا/، دعْ هذا اليتيمَ بيتمه، لعلّ المنيةَ ترحمه، لعل الرحمةَ أنثى!
لم تكنْ فكرةُ الزيارةِ بالغريبةِ عني،
لكنّ دمعةَ أمي ورأفة الغرباء، جعلتْ مني أكثر حكمةً
وتشبثا بحياتي، فعزّزتْ مبدأَ الشكِّ داخلي، صرتُ أكثرَ حيلةً، أنا البرئ المغفّلُ، دفّانُ
المرايا و حارسُ المبغى البشريّ، المؤمنُ بالحشر ونقيضه، صرتُ أخادعُ صاحبي بالمرضِ
وكثرةِ المشاغلِِِ، لم أكن أعرف داءَ النسيان عدوا وأنني لهذا أفضح رغبتي بتلبية الزيارة.
دعوتُ صاحبي و نديمي للغداء عله يسبقني في بلوغِ مسعانا الأزلي. بعد أنْ أنفقتُ ما بحوزتي، قلتُ له: وداعا سألقاك في شارع المتنبي. كان صاحبي و نديمي الوحيد، يقهقه عاليا بعد الوليمة. أيها المغفل كيف أمضي و حيدا وراء الشبهات، و أنتَ ظلي.
أيها المغفّلُ، كيف أمضي.

وارسو في 2005-01-8