مختنقاً في منفاهْ
آ هْ...............
وحزيناً كانَ
مثل نهرٍ يتعثَّرُ بجثثِ اخوتهِ الغرقى
في دموعِ فراتهِ الغريق
ووحيداً كانَ
مثلَ طائرٍ لاينام
فجأة............
أومضتْ في رأسهِ الفائرِ
فكرةُ أنْ:
- يكسرَ أقواسَ عزلتهِ
- ويغادرَ أسوارَ ضجرهِ
ذاهباً الى حانةٍ... يحسُّها حانيةْ
وحينما دخلها
كانَ لايملكُ غيرَ:
* (خفَّةِ الكائن التي لاتحتمل)
- كتابه الاثير – انهُ يحبُّ كونديرا ولايحبُّ حكاياتِ نجيب محفوظ.
* حقيبةٍ شبهِ فارغةٍ الا من مديةٍ للأحتراسِ.
* قميصٍ يذكّرهُ بالبحرِ الذي لم يره سوى في الافلامِ وفي مرآةِ الطائرةِ
التي كانَ هارباً فيها الى ماوراء الالم واقيانوس الاتلانتك.
* ساعةِ جيبٍ عاطلةٍ تعوَّدَ نسيانها دائماً.
* ونقودٍ ما.... تكفيهِ لعبورِ
هذهِ الليلةِ الخانقةِ.

* * * * *
وفي الحانةِ التي كانتْ شاسعةً وغامضةً
مثلَ غابةٍ تزدهي باشجارها
اشجارُها: الرؤوسُ الدائخة
والقناني الشرسة
والنساءُ:
* النساءُ اللواتي بانتظار لا أحد.
* النساءُ الضجراتُ من دوراتهن الشهرية.
* النساءُ النافراتُ كلبؤاتٍ لا يستطيعُ ترويضهن َ
ربُّ الفياجرا والخمور ِ.
* النساءُ الحالماتُ باصطيادِ ضحايا الخمرةِ
والفكرةِ
وجنرالات الوهم ِ والاوبئة.

* * * * *
وفي الحانةِ
شربَ...
وشربَ....
وغنى مع روحهِ:
- كلُّ منفى لعنةٌ
كلُّ منفى خرابْ
معنايِ ياوطني
فوقَ ذاكَ الترابْ.
ثُمَّ رقصَ مثلَ طائرٍ مجروحٍ:
* بطلقةِ الفكرةِ
* ونونِ القسوةِ
* ومخالبِ تجارِ الهويةِ
وباعةِ الوطن.

* * * * *
وفي الحانة ِ
اندلعَ – فجأةً – شجارٌ ثملٌ
بينَ انثيين ِ
اختلفتا على مواعيدِ دورتيهما الشهريتينِ
هذا ماقالهُ اركولوجيُّ ثملٌ بمسلته ِ
التي نسيَ الواحا منها في (c- w )
وفجأةً ايضاً...
أطفأَ نادلُ الحانةِ مصابيحها السكرى
ودخانها القزحي ّ وأنفاسَ زجاجاتها الشرسة ِ
أَطفأها... ثم... أَوقدها... منقنقاً:
- يلله هبيبي
Get out
This night has been finished
يلله حبيبي بباي
لحظتها غادرَ الحانةَ وحيداً
غادرها الى هواءِ لايشبهُ هواءه القديم.
ومشى ..... مشى.... في:
* طرقٍ ملأى بكلابٍ مدللةٍ لاتجيدُ النباحَ ابداً.
ودروبٍ مؤثثةٍ بثلوجٍ طاعنةٍ بالبياضِ.
البياضُ الذي يشبهُ قلوب اخواتهِ
النائماتِ الآنَ في ليلِ البلادِ النازفة.
مشى..... ومشى
ورأى.... مارأى:
* شرطةً فقط يضحكون َ
تأديةً لواجبات الليل ِ
ومراسيم الأمان الفدرا لي
المستعار من بلاط جلالة الملكة.
* كائنات ٍ لا يعرف ُ أُناثها من فحولها
وازواجها من زوجاتها
واوطانها من اشجانها
ومجانينها من شياطينها
وغناءها من بكائها
وجرائمها من شتائمها التي تبقّعُ قلبَ الليل ِ
وتزيدهُ سخاماً وكلاماً فائضاً
عن مزاجهِ الليلكيِّ الحزين.
كانَ يمشي.... ويمشي
لكأَنَّهُ ذاهبٌ الى مجهولهِ الابدي
أَو فردوسهِ الحلمي
أَو جحيمهِ الأخير.
كانَ يمشي... مترنماً بأُغنيةٍ( ثعْولتْ )- 1-
في قلبهِ الشائط
فراحَ ( يثغبُ ) –2-
بها لائباً من فرطِ وحشتهِ الجارحة
كانَ يمشي... ويبكي... يم... وي:
- ( يُمّه الوطن باكَوه –3-
من رحتو انتو
طير بسجن حطوه
زين وخلصتو )
وفجأةً اكتشفَ أَنهُ كانَ قدْ نسيَ:
* كتابَ خفّته التي لاتحتمل.
* حقيبته ُ المثقوبة بمدية ِ الاحتراس المهذ بِ
والمكتظة بالقميص – البحر الذي لم يره مطلقاً.
* ساعةَ جيبهِ التي تنساهُ دائماً
مثلما تتناسى ايامها العاطلة ْ
تذكّرها..
فجرى بخطىً صاهلةْ
- من اين َ جاءتْ هذهِ القافيه ؟
من عبقرِ الشيطانِ... ام مضارب الهاويه
نطردها... نهربُ من رويّها
تخلصّاً من تهمةِ البنيوي
والناقدِ الرؤيوي
بأننا لانفهم الحداثةَ الآتيه..
ماذنبنا انْ كانتْ القافيه
في دمنا غافيه ؟

* * * * *
كانَ يركضُ .... ويقع... ير... كضَّ رأسهُ
بكفينِ ريفيتينِ جرّحهما حصى ناتئٌ
في الجليد الزجاجي
وراحَ يزحفُ على قلبهِ الذي ثقّبتهُ شظايا السواترِ
والخسائرِ والمآتمِ
والكتبِ المحظورةِ والذكرياتْ.
وظلَّ يزحفُ على قلبهِ
ثمَّ اتكأَ عليه
وصاحَ: ياعلي
وصاحتِ الحقيبةُ: ياعلي
وصاحَ البحرُ: ياعلي
وصاحَ القميصُ: ياعلي
وصاحَ كونديرا: ياعلي
وصاحتِ الشرطةُ الفدرا ليةُ: ياعلي
وصاحتِ المنافي: ياعلي
وصاحتِ الساعةُ التي ازفتْ ساعتُها: ياعلي
وصاحَ علي: ياعلي
فنهض الوحيدُ
بلا أَحدْ
حاملاً حزنَ البلدْ
ليصلَ ا لحانةَ التي كانِ يظنها حانية ْ
واذ وصلها... أَبصرها مظلمةْ
تَفَّ منتحباً: زانيةْ
كأنها لمْ تفتحْ من قَبْل
وكأنهُ لمْ يدخلها أَبداً.

1-2-3- مفردات من العامية العراقية.

شاعر عراقي مقيم في كندا
[email protected]