المح وجهي في المرآة، فأهتف به: مرحى، اما زلتَ حيا، ايها الشقي؟ اخرجه من هناك. انظفه من اليأس، ازرع على شفتيه بسمة نبيلة، وأبدأ: اسأل سيقانا تهرول امامي، عن ثقب الابرة، فتعطيني طرف الخيط: اكتشف انها سيقاني: اصطف بها، فجاة، امام زوجتي، مثل جندي غائب عاد الى الثكنة. تأمرني ان ارفع راسي عاليا: ارفعه، فاكتشف ثقبا في السطح، منه يعود المطر الى الغيمة.

ادخل غرفتي، اجد " العريف سرداب " يلقي بقصائدي من النافذة. اهرع راكضا الى الخارج، تسبقني اسراب طيور، تلتقط اوراقي وتحلّق بها عاليا، لتؤلف منها شمسا جميلة جدا، اجلس تحتها على
الرصيف، فيما الافلاس يفيض على نفسي، فيغمرني بحنانه الشاسع: يدغدغني، فاضحك:اضحك مليا من حياتي، اه حياتي التي لاتشبه حياتي. اتخذه صديقا وامضي. ادغدغه، فيضحك: يضحك يضحك
من حياتي: اننا جمرتان في موقد واحد..

ابكي واضحك من حياتي: حياتي التي لاتشبه حياتي: مهرّب يرسمني على طائرة ورقية، يقذفني الى الفراغ، فأجدني في جزيرة واق واق، اغرد مثل بلبل مشرد، فاطرد منها داخل قفص، لانني اقلقت هدوء العصافير، فيما مـهرب اخر يزرعني في حقـل الغام، ويلوّح مبتعدا: الحياة جميلة !
حبيبتي تدهن جسدي بالزيت، وترميه الى البحر، تدغدغني الحيتان، فأضحك: اضحك وابكي من حياتي، فيما بلادي تزرعني تمثالا في ساحاتها، وتتركني، اخر الليل، أجمع مع عمال القـمامة دمـوعي:

اه، ياحياتي: لماذا لاتشبهين حياتي ؟

استنجد بالخمر، اسكرُ، فيتسلق جدار الكاس جيشٌ من الحمقى: جنود، دبابات، مطـربون، ومن فوهة قنينة الخمر يخـرج: دائنون سود وبيض: الحكومة، مدير دائرتي، وجاري الذي يقــترض العشب من قميصي، و..... وكلهم يصرخون: " امسكوه "
فأفيق من سُكرتي، واركضُ
امامهم صارخا:
" امسكوه ".

طاردوني من زمن ادم:
من رصيف الى رصيف، ومن زقاق الى زقاق، ومن مدينة الى اخرى، ومن قارة الى قارة، ومن كوكب الى كوكب، ومن سماء الى سماء، وكلهم يهتفون: " امسكوه "
وانا، امامهم راكضا،
اصرخ:
امسكوه، امسكوه، امـسكوه...

اه،
ياالـهـي.. لقد تعبـتُ،
متى يمسـكونني ؟

من كتاب: " كيف تفوز بوردة ؟ " قيد الانجاز

الناصرية - السليمانية
[email protected]