بقلم ليزا شوارزبوم

ليزا شوارزبوم: في (اقتراع سري) – احد أفلامي المفضلة –، امرأة شابة تجوب الشوارع شبه الفارغة في المناطق النائية، داعية الناس الى التصويت؛ انه حق مدني وواجب، كما تشرح لهم. ومهمتها أن تجعل الأمر سهلا أو مقبولا لديهم. وبمرافقة جندي متشكِّك – يقوم بنقلها بين المناطق النائية في سيارة عسكرية مكشوفة – تقوم بجلب كشك الاقتراع للناس اينما كانوا. وكشك الاقتراع؛ ماهو الاصندوق بسيط، ابيض اللون، يتضمن شقا ضيقاً في غطائة المُحكمْ. وفي يوم انتخابي ساخن، تلتقي هذه الممثلة او الداعية (المجهولة) للديمقراطية بالصيادين، الفلاحين، العمال، وبنساءٍ وأطفالٍ محمولين في أتوبيس … وبرجلٍِ متفرِّد يركض لوحده في المساحات الشاسعة، وكأنه داخل احد مشاهد مسرحية (في انتظار غودو). ان الاسلوب في فلم (اقتراع سري)، مقتصد ولكن مليء بالدفء مع دعابات وسخرية لطيفة مدسوسة في زوايا المشاهد المختلفة. كما ان العلاقة بين هذه المرأة – المكلفة بنشر الوعي الانتخابي – والرجل الخشن المكلف بمساعدتها، تنضج امام أعيننا، رغم إن ما يحدث بينهما قليل جدا.

ن فهمنا للعالم الذي تجري فيه هذه العملية الانتخابية غير المحدّدة، يتعمّق مع مرور الناخبين (المحتملين) على الشاشة. هذا الانتخاب يجري في إيران، وداعية الديمقراطية ترتدي الشادور الذي يغطيها من الرأس حتى القدمين، مثل أي امرأة مسلمة ورِعة في ايران الحالية. اما المخرج "باباك بيامي" – الذي فاز بجائزة احسن مخرج في مهرجان فينسيا عام 2001 – فهو واحد من موجة صنّاع الأفلام الإيرانية المتفوقين، الذين يغزون العالم بواسطة بعضٍ من أفضل الافلام. شخصياً، لا أستطيع أن أفكر بوقت عصيب اكثر من هذا، لقبول وتفهّم الذوق الفني لصنّاع الأفلام المسلمين؛ الذين يعملون دائما على تحويل القيود الفنية الى مصادر قوة سينمائية. وبعملهم هذا، ينقلون او يوصلون – ببلاغة عالية – الروح الحقيقية للإسلام. وبينما يُلقي المخرج الايراني الأشهر "عباس كياروستمي" بأبصاره نحو الآفاق البعيدة، بروائعه الروحية والتأملية من أمثال؛ (طعم الكرز، الريح ستحملنا)، فان صنّاع الافلام الاخرين يستخدمون ما أصبح الآن نوعا من الجماليات السينمائية الوطنية أو الإسلامية – التعاطف والحنّو، التصريح المكبوح والهادئ، التوجّه نحو الطبيعة والمساحات المفتوحة، وأخيرا الاستعانة بممثلين غير محترفين، أبرياء من الرغبة في الظهور والنجومية – للتعبير عن مواضيع سياسية وجنسية أكثر إثارة للجدل.

المخرج "جعفر بناهي" اخذ كاميراته الى شوارع طهران، ليرسل رسالة – ممنوعة في بلده – عن الحياة المقيّدة للنساء في العاصمة، عبر فلمه الدرامي الذي يحيط تماماً بعالم المرأة؛ (الدائرة). "مرضية مشكيني" – احد افراد العائلة السينمائية الاشهر والاغزر انتاجاً، ونقصد عائلة مخملباف – فانها حوّلت لحظات حقيقية واقعية واخرى مجازية او تخيليّة من المسائل النسوية الى دراما تقترب بحب وتعاطف من وضع المرأة الجنسي والانساني، في فلمها (اليوم الذي اصبحتُ فيه امرأة). اما المخرجة والناشطة النسائية، "تامينا ميلاني" فقد دخلت السجن بتهمة التحريض والتعاطف مع الثورة المضادّة في فلمها الاخير (النصف المحجوب او المخفي). المخرج "بهمان غبادي" صوّر قسوة الحياة في المناطق الكردية من ايران، عبر دراما قاسية ومؤلمة في فلمه (وقت للخيول السكْرى). بينما يصور فلم (باران) للمخرج "مجيد مجيدي" معاناة اللاجئين والمهاجرين الافغان من اجل الحصول على معيشة بسيطة او هامشية في إيران، علماً أن فلم "مجيدي" السابق (لون الفردوس) استطاع ان يحقق ما يقارب المليوني دولار في السوق الامريكية، وهذا رقم قياسي لفلم ايراني. ولسنين، فان مخرجين عالميين من ايران، استطاعوا تحقيق انجازات فنّية على أعلى المستويات. فجأةً، تبدو هذه الافلام كوسيلة مهمة في الدبلوماسية والعلاقات الدولية. ومادام هؤلاء الفنانين مستمرّين في ايجاد واكتشاف الطرق الملائمة للتعبير عن الروح الانسانية الاصيلة لمواضيعهم الاسلامية، والتي تُفهم وتُقبل في جميع انحاء العالم من قبل جماهير من مختلف المعتقدات والاديان … فان دُعاة الاصطدام والصراع بين الحضارات والثقافات ، لن يكون لهم أبدا القول الاخير.

ترجمة: يوخنا دانيال
Entertainment weekly