الرباط (وكالة المغرب العربي للأنباء): أنشئت مؤسسة "سينيسيتا" أو مدينة السينما ، التي تعتبر أحد المنعشين المساهمين في إنجاز مجمع الاستوديوهات السينمائية " كلا " الذي دشنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس اليوم الأربعاء بورزازات سنة1936 بروما بهدف منافسة الصناعة السينمائية الأمريكية. وفي1942 تحولت "سينيسيتا" التي كانت تلقب بـ"هوليوود" إلى سينما أكثر انتقائية حيث انتجت فيلم "أوسيسيوني" ( وسواس ) لفيسكونتي وفيلم " الأربعة مروا عبر السحاب" لبلاسيتي.
وقد أدى انهزام الفاشية إلى تغيير في الأسلوب مع فيلم "سارق الدراجة" لفيتوريو دي سيكا وفيلم "روما مدينة مفتوحة" لروسيليني، وبذلك فرضت الواقعية الجديدة نفسها. وكان على هذه الأفلام أن تعري الواقع الإجتماعي في إيطاليا وخاصة من خلال الطبقات الفقيرة. فكان لابد من تصوير هذه الحقيقة من الخارج، وهو ما أقصى مؤسسة "سينيسيتا" من هذه الحركة. لكن في سنة1950 شرعت الولايات المتحدة الأمريكية في إعادة تنشيط الأستوديوهات، وبذلك بدأ العصر الذهبي لسينيسيتا. وابتداء من "كوتا فاديس" في1951 ، بدأ المنتجون الأمريكيون يفضلون إخراج أفلامهم في إيطاليا باستوديوهات سينيسيتا، حيث تتوفر الإمكانات التقنية اللازمة . وخلال الفترة المتراوحة بين1953 و1965 أنتجت إيطاليا170 فيلما تاريخيا، من بينها140 فيلما ما بين1960 و1965 . وعرفت بعض السنوات ظهور ما بين30 و40 فيلما. ومع بداية 1960 تم تصوير أفلام كبرى في الأستوديوهات، مثل "بن هور" و"كيليوبترا" .
وبعد استنزاف الأفلام التاريخية، اتجهت سينيسيتا بطبيعة الحال إلى أفلام الجاسوسية على شاكلة "جيمس بوند"، حيث تزاحمت على شاشات السينما سلسلة من الأفلام بلغت51 فيلما سنة1966 ، أي ما يعادل ثلث الإنتاج السنوي الوطني ، مثل "007 " و "سوبير7 " و "أوبير7 " و"أس003 " و "أ008 " و "سيغما3 " . والجدير بالملاحظة، أنه باستثناء بعض الأمثلة المعزولة، لم يتمكن الإيطاليون من أن يأتوا بإضافة جديدة لهذه الأفلام، مثلما فعلوا بالنسبة للأفلام التاريخية وفي ما بعد لأفلام رعاة البقر (الويسترن) . وفي سنة1964 ، شهدت إيطاليا ظهور الأفلام المعروفة ب"ويستيرن سباغيتي" ، مثل فيلم سيرجيو ليوني "من أجل حفنة من الدولارات"، الذي فرض أسلوبا جديدا حقق نجاحا فوريا كبيرا وعالميا. وفي نفس السنة تم الشروع في إنتاج عشرات الأفلام على غرار هذا الفيلم. وخلال سنة1965 ، إذ تم إنتاج37 فيلما من أفلام "ويستيرن سباغيتي" ، أي ما يعادل خمس الإنتاج الإيطالي .

وأمام هذا النجاح، صارت سينيسيتا تستهوي العديد من النجوم مثل يول براينر وكلوديا كاردينالي وألان دولون وهنري فوندا وروبير حسين وجينا لولوبريجيدا وميشيل ميرسيي وجاك بالانس وأنتوني كوين وجان لوي ترينتنيان وأورسون ويلز. ولقد كان فيديريكو فيليني، أحد السينمائيين الإيطاليين المشهورين، من بين أعمدة مؤسسة سينيسيتا، حيث أنجز بها عمليا كافة أفلامه، انطلاقا من فيلم "دولشي فيتا" (حلاوة العيش)، سنة1959 وانتهاء بفيلم "لافويسي ديلالونا" (صوت القمر) سنة 1999 ، مرورا بأفلام "أماركور" سنة1973 و"كزانوفا" سنة1975 أو "جينجر وفريد" سنة1985 . فقد كان فيديريكو فيليني ملازما لسينيسيتا سواء فيما يخص الجودة أو سرعة العمل أو الجو العام السائد داخل المؤسسة، وهو ما نجده في فيلم "أنترفيستا" (الإستجواب) الذي أنتج سنة1986 .
وقد سجلت أواسط السبعينات سقوط السينما الإيطالية أمام انفجار التلفزيون الذي قدم للإيطاليين مادة للتسلية داخل المنازل. فما كان على سينيسيتا إلا أن تنساق وراء هذه الحركة، وتتجه إلى إنتاج المسلسلات والبرامج التلفزيونية. لكن منذ بضع سنوات انقلب الوضع وعاد الجمهور الإيطالي إلى السينما، فأصبح يرغب في مشاهدة أفلام جيدة. وكان على مؤسسة سينيسيتا كمعمل للأحلام ن تحقق ذلك. وإلى جانب المخرجين الإيطاليين أمثال كومينسيني بفيلم "كويري" ( القلب ) سنة 1985 أو فرانسيسكو روسي مع فيلم "كادافيرياكسيليني" ( الجثث)، بدأ نشاط جديد يجذب المخرجين الأجانب ومن بينهم جان جاك أنو بفيلم "إسم الوردة" ومؤخرا أفلام "دايلايت" و أنديباندانس داي" و "غانجز أوف نيويورك".