لماذا تتدفق الاحداث بهذه الغزارة ، وانا اريد ان اكتب عن موضوع بحد ذاته!

لماذا تستيقظ الذكريات بهذه الحيوية عندما امسك قلمي لاكتب عنك؟

قلت خذي الكيس من امام الباب ...هكذا كلمات بسيطة ..

كان صوتك صباحيا بامتياز ، بل على العكس ،لم يكن صباحك ككل الناس ، انك تعيش عكس الشمس، هذا ما يفرضه عملك ، تسهر ليلا حتى طلوع الضوء ثم تنام نهارا والشمس تعانق السماء.

اي كيس هذا ؟

-لقد جئت ووضعت الكيس امام الباب ، دقيت مرة واحدة!

-آه نعم قد سمعت

-اعتقدت انك لا تزالين نائمة لم ارد ازعاجك ، لذلك غادرت!

كانت هذه الكلمات القليلة كافية لتنقلني الى مساحة اخرى من الزمن ، هل حقا اردت الابتعاد عنك؟

هل حقا اهجرك؟

كنت اعتقد انني على مدار خمسة ايام استطعت ان ابعدك عن دائرة اهتماماتي اليومية، بالامس تنزهت طويلا في الجبل وعلى الشاطئ، سهرت مع البحر، لكني تذكرتك،لم تكن قد اصبحت منسيا بعد..كنت معي ، كنت سعيدة بان استطيع ان اعيش معك هذا الهدوء على شاطئ البحر..ولا احد يعرف انك معي!

ما همني ان عرفوا اننا سويا؟

قلت في نفسي ما أجمل هذا المكان!

اجبتني: عندما نكون معا ، دائما يكون اجمل مكان واجمل زمان!
كلماتك تزرع في قلبي الغرور احيانا.

***

وحيدة عدت الى ليلي، لم تكن فيه ،ضممت الى صدري "القلب الاحمر" الذي قدمته بدون مناسبة وترفعه شعارا عند اية "مناوشة " بيني وبينك "I love you " هكذا مكتوب عليه.

اتأمله ، واتأمل الحروف البيضاء ، برغم العتمة كانت تضيء...

هل تقول لي شيئا؟

انتهى الفيلم في هذه اللحظات ، البطل لا يستطيع ان يقول للكاهن نعم ، هناك امرأة اخرى في حياته وعروسه صفعته بقوة وخرجت.

تحت المطر جاءت الحبيبة لتعتذر عن حضورها الذي افسد حفلة الزفاف ، لكنه طمأنها وسألها ان كانت لن توافق على الزواج به بعد ان يهدأ المطر , وتجف ثيابهما.

تأملته طويلا ..طويلا وفي لحظات الخوف والقلق قالت له : موافقة

وهكذا ببساطة وبدون وجود شهود ولا اوراق وافقت ، فهبطت غيمة بيضاء غطت الشاشة.

مأجمل الافلام..!

انها لحظات مسروقة من الحياة.

تدخل زمن الفيلم ، وتنسى ماذا يحيط بك من اوجاع.

انا تبسمت لسعادة هذين العاشقين، ما الذي اسعدني لهذه الدرجة؟

هل كنت بحاجة الى اية فسحة تمنحني الضحكة؟

لو كنت الى جانبي لاخذتني الى جنتك الموعودة ، لحملتني الى ابعد من الابتسامة والضحكة ، لكني لا اذكرك ..انك تبتعد ، تغيب عني !

***

اتابع قراءة رواية كنت قد بداتها بعد الظهر ، تتكلم عن صراع مابين حبيبين ، فتاة تحب الوالد والابن..

احتار كيف انحاز لها ، كيف ارفضها ؟

"القلب الاحمر " تحت الرواية , وانا ممددة على السرير التهم الكلمات ، رغم اني اشعر بجوع بسيط,سوف احافظ على جسدي نحيلا جميلا فهذا الصيف ينتظرني على شطآنه , والاكل ما بعد منتصف الليل مضر للصحة!

منذ انفصلنا قبل خمسة ايام ، هذا هو الكتاب الثالث الذي اقرأه.

كم تفوتني الاشياء اثناء وجودك؟

لا وقت عندي

لا وقت لي

كإن الزمن هو انت !

انتظرك... اكون معك وتمر الايام!

احسست اني امتلك الكثير من الوقت خلال هذه الفترة،كان عندي الكثير لافعله،لاقوله،لاكتبه..شعرت اني اعيش براحة اكبر، تنغصها الذكريات والتفاصيل اليومية.

***

اتت صديقتي وسألتني عنك

-لقد تركته

-توقعت ان تقولي لي ان الامور على خير مايرام! على كل ليس هذا بمستبعد الى هذا الحد..يبدو انكما مختلفان!

لماذا يصر الجميع على هذا الاختلاف بيني وبينك؟

مختلفان نعم ، لكن متفقان قلت في سري.

متفقان على اننا مختلفان

لعلني لا أقول شيئا جديدا!

***

كنت اتابع قراءة الرواية عندما سمعت طرقا على الباب ، نعم لمرة واحدة ، قلت في سري اذا سمعت الطرق مرة اخرى سوف افتح الباب.

كنت في ثياب النوم الشفافة تلك التي يمكن ان القاك بها ، لكن كيف لي ان احزر ان الطارق هو انت ؟

اليوم صباحا استيقظت حوالي السادسة ، لا اعرف ما ألذي ايقظني ..ذهبت الى الحمام ولمحت وجهي في المرآة ، كان مرتاحا ، فرحت لانه لم يكن خانقا!

كم مرة قلت لك اني لا اطيق العيش في هذا البيت الذي يجعلني اتنفس كربونا بدلا من الاوكسيجين!

على فكرة ، لمدة ثلاثة ايام متواصلة انقطعت المياه ، لم يكن عندي سوى مياه الشرب اما مياه الاستعمال والاغتسال فكانت كما الطيور المهاجرة.

فكرت ان اتصل بك ، لاشكو حالي ، لا شك انه كان عندك حلا ما ، لكن كبريائي كان اكبر من حاجتي!

لماذا عندما نفترق تزداد كوارثي؟

لكن الماء جاءت ليلا .

***

ادخل الحمام لآخذ"دشا" ،تلسعني برودة المياه ، هذا في بادئ الامر وسرعان ما تتحول الى دافئة تتدفق باتجاهي كانها تسقيني.

توشوش حبات الماء حكاية على جسدي الذي يتحدى العمر بشبابه ، وانت تصر على انه جسد ابنة 14 ، ماألفرق بين ان اكون في ال14 او في ضعفها ؟ ، لماذا هذا العمر يستوقف الرجل الشرقي؟

المياه باردة ، طازجة تقتل هذا الحر والعرق الذي يستفيق معي كل صباح.

اترك جسدي مبللا بعض الوقت ليرتوي قبل انقطاع الماء مرة اخرى، اضع منشفة على ظهري ، اخرج من الحمام فيرن الهاتف

-صباح الخير

-اهلا!

-خذي الكيس من امام الباب

-اي كيس؟

-خذيه ستعرفين!

-....

-باي

هكذا اذن اتيت انت وطرقت الباب ولم تنتظر قليلا لأفتح ؟ لعلك لا تريد ان تراني ، لعلك تهرب

مني, لعلك تخاف ان يخذلك قلبك وتخونك عيناك..

اهرب اذن ..لافرق عندي !

اكملت تجفيف جسمي والافكار تأخذني الى تفاصيل صغيرة.

انك تعرف اني استيقظ الساعة العاشرة ..لهذا جئت في هذا الوقت؟

انك جبان لا تقدر على مواجهتي!..ليس لديك ما يقنعني عكس ذلك؟

أفضل الف مرة ان ابقى وحيدة على ان اكون مع شخص ضعيف الشخصية .

اؤمن بقوة الحب الذي تحول انسانا مهما كان ضعيفا الى اشجع رجال العالم..

***

لأني كالنار و"وبصلتي محروقة" لم استطع الانتظار اكثر ، سوف افتح الباب وانظر الكيس .

الف المنشفة حول جسمي ، عساني لا يلمحني أحدهم ويسرق نظرة الي وأنا في هذا الوضع ، ماذا سيقول ؟ سيقول انني اغريه!

يعتبر الرجل ان اي تصرف من المرأة هو دعوة للجنس...حتى وان لم يكن قصدها سوى احضار كيس ! فكيف اذا كانت تلف جسدها بمنشفة؟

بسرعة البرق فتحت الباب المقفل بالمفتاح من الداخل ، على الرغم من انك لم تعد تملك نسخة منه، الا انني في هذه الاوقات ازداد حرصا على اقفال الباب ،كأني اخاف على وحدتي من الهروب او على اوقاتي ربما!

الكيس ثقيل!

ماذا يحويه لكل هذا الوزن؟

كيس ازرق، والازرق لون الهدوء والسلام، البوذيون يعتقدون ان الازرق هو لون اللانهاية ،والخصائص المقترنة باللون الازرق هي الانوثة والثبات والوفاء والاخلاص والنزاهة والعفةوالخصوبة،

انه اللون المثالي للتأمل!

هو كيس الامل اذن احمله بين يدي.

اخطفه بسرعة واعود لأغلق الباب بالمفتاح ايضا ، كاني اخبأ نفسي عنك ، كأني لا اريدك ان تعرف مدى لهفتي للقاء اي شيء منك.

بالامس اكلت ثمرة "كريب فروت" تلك التي احضرتها لك عندما كنت مريضا ..

كنتَ مريضا جدا.

خفتُ عليك، لذلك تحولتُ الى مهرجة.

هل تذكر كيف راهنتك على الشفاء؟

ودليل مرضك تعرفه جيدا!

كنت استفزك بغواية الانوثة، لكن دليل عافيتك كان مريضا!

اكثرت من عصير البرتقال والكريب فروت ثم جاء دور اللصقات الباردة التي وضعتها على جبينك ، كانت تتحول دافئة بعد بضع ثوان من ملامستك!

هل تعرف اني اخاف جدا عندما تمرض؟

هل تعرف ان مرضك وسواس يلاحقني في لحظاتي الجميلة؟

-اذن هل انت بطل؟

اقولها كمن يلاعب طفلا.

-نعم بطل لكن مريض!

لا يزال لديك هذا الظرف برغم وطأة الحرارة.

-لكن الابطال لا يمرضون؟

ارد عليك

-بلى يمرضون قليلا اذا ما شربوا مياه باردة عندما تكون اجسادهم دافئة!

-هذا الغباء بعينه! ان النبيه هو الذي يتجنب الاسباب التي تؤدي للمرض .

اقول لك بتحد

-انه فيروس موجود في الهواء !

تقول بأنفاس متقطعة .

اخاف عليك..

مالي اعاقبك كأنك طفلي الصغير؟


***

تمسك الدب الصغير ، اللعبة اياها التي تسميها ابنتنا ، احبها اكثر من بقية الدببة المترامين على السرير..تحملها وتقبلها وتقول لي:

-سوف احبها اكثر منك ،لانها لا تعذبني!

اذهبُ الى المطبخ واحضر لك كأسا آخر من عصير الليمون ، تشربه مع حبة الدواء ..ضروري ان تتحسن حالتك لتصبح قادرا للذهاب الى العمل.

-ها انت تحب ابنتنا اكثر مني اذن لن انجب لك اطفالا حقيقيين!

قلت لك بغنج وأمومة.

كنت أعرف اني اعزف على وتر طالما احبه قلبي. لكن ايمكنني ان احتمل ان تكون والد طفلي؟

ان نظرتي اليك تندرج على ان يمكن ان تكون عاشقا بامتياز لكن ان تكون ابا فتلك فكرة مرعبة

انك غير مسؤول ومبذر ومسرف ولا يمكن الاعتماد عليك!

الافضل ان تبقى كما انت "لا لك ولا عليك".

هل تعرف ولا مرة تناولنا الموضوع بجدية ،لكني كنت المس منك تهربا ما ، لا اعلم ما تأثير طفولتك على الامر ، خصوصا وانك ضقت أمر الشقاء باكرا.

لماذا انكأ جروحك الآن؟

غالبا ما أنتقدك في سري ، اتمنى لو ان بعض الامور كانت مختلفة!

ان تكون ابا فكرة مخيفة !

ولكن كيف يحق لي محاكمتك ، وأنا ارفض على اي كان ان يحاكمني؟

لماذا اتدخل بشأنك الى هذا الحد وهذا مما لا اطيقه تجاه نفسي ؟

عذرا ..، كثيرة هي المرات التي كنت اتراجع فيها عن التدخل في شؤونك وانت كنت ترد :لا تريدين ذلك لأنك لا تريدين التدخل في شؤونك ليس الا!

نعم أحب نفسي مسيجة بهالة من الغموض ، هذه لعبتي السرية..

يعتقد الكثيرون انني اخفي امرا ما او سر او ربما قصة كبيرة او مشكلة..ابتسم في داخلي ولسان حالي:ليقولوا ما يشاؤون..!

هكذا احب نفسي عاشقة للحرية والاستقلالية وانت تقول ان هذا هو مرضي..

نعم انا مريضة الحرية والاستقلالية فمن يشفيني؟

***

لماذا عندما نكتب ندخل الى اعماقنا أكثر ؟لماذا يتسع البياض ليحتمل أكثر مما نعرفه احيانا ؟

بصراحة اشعر انك لا تستحقني!

نعم وهذا ما تأكدت منه ...

أنت لا تعرف قيمتي ،لم تلامس روحي الى الآن، لم تدخل جنائني ولم تتجول داخل بحار افكاري.

اصدقائي ومعارفي يطلقون القابا علي: شاعرة الورد ، زهرة الحرية , عصفورة الشمس ، فراشة الضوء وأنت ايضا قلت لي : اميرة الورد

نعم أحب الورد والحرية والشمس والضوء...لكن كل ذلك ليس الا قليلا مما احب.

اتعب من التفاصيل ، اضجر من العموميات ، احب الغوص الى الاعماق ، لاأعرف ان اطفو على السطح ..ما يفرحني في الحياة لا علاقة له بالاشياء او الاشخاص انه أمر داخلي محض .

لماذا اتكلم عن نفسي الآن، هل لأنه لم تتح لي الفرصة ان اقول لك كل ذلك.؟

افتح الكيس وأجد "موسوعة الورد" وأوراق اخرى.

موسوعة الورد ، اذن انت مهتم لأمري ، بالرغم من انك اعلنت الرحيل .

تدمع عيناي..

انك تحبني بالرغم من كل شيء!

ربما انت اكثر واحد احبني في هذا العالم.

لماذا؟

لسبب بسيط هو انك تقدر الانسانة بداخلي قبل الحبيبة ، كل من احببتهم قبلك تركوني اعبث بالهواء.

بصراحة كنت قد ظلمتك يوم غادرتني ، بعدما اخبرتني انك ستمزق الاوراق التي ترجمتها لي عن الورود.

كنت طلبت اليك ذلك ،ككل مرة احتاج فيها الى تفاصيل دقيقة حول موضوع معين..

قلتَ لي بتحدٍ : هل لا تزالين مهتمة بموضوع الورود؟

قلتُ لك : انسى الامر؟

قلتَ انك وجدت موسوعة عن انواع الزهور ومفرداتها وخصائصها.

سألتك بجفاء : من اين استطيع الحصول عليها ؟

قلتَ لي :لا تقدري ان تحصلي عليها !

لحظتها كرهتك جدا ، اعتقدت ان سعرها غال لدرجة كبيرة مما لا طاقة لي به.

ويوم اغلقت الباب وراءك كنت اشعر بالحنق منك، من اخبارك، من افكارك، من بؤسك الذي ينعكس على بؤسي.

يومها شعرت ان هذا هو قدري .

أنا كالقطار ، تصادفه المحطات لكنه دائما يسير الى اللامكان.

***

لا اعرف كم امن الاهانات حملها لقاؤنا الاخير ، هل كل ما كان بيننا لم يكن حبا؟

اتساءل بسري

هل عرفتك كفاية؟ لماذا الغضب يبرز صورة مختلفة عنا؟ لربما يكون الصورة الحقيقة دون ان ندري!

لن تكون احسن من غيرك الذين مضووا ، كنت اتمنى لو نفترق بغاية الرقي والحضارة، ونهمس لبعضنا بان يكمل كل واحد طريقه بنفسه بعيدا عن الآخر وبدون تجريح..

كنت اتمنى ان تتركني كحبيب وتبقى كصديق، رغم معرفتي بأن هذا محال!

أحب تلك النهايات التي يحترم كل واحد الاوقات والتفاصيل والانفعالات التي يعيشها المحبين عادة.

لماذا نكثر من الكلام"الفاضي" عندما نحس بخطر الفراق ؟

ألم يكن من الاجدى لو صمتنا ؟

كنتُ سأحتفظ لنفسي بصورة تلك الليالي الرائعة التي قضيناها سويا، الايدي المتشابكة التي لا تتعب ولا تنعس ، الاكلات اللذيذة التي لا نأكلها الا برشة الحب خاصتك...

لكني وانا اغلق الباب ذاك اليوم ، كان حملا ثقيلا قد انزاح عن ظهري .

لم اعد مضطرة بعد اليوم لأجد التبريرات لتغيبي ! ولا لشرح مفصل عن علاقاتي اليومية ،ولا لذاك سوء الفهم الذي اجده عند اي طلب ببعض الوقت لنفسي..

اليوم اعود الى ذاتي .

لقد تشردتُ طويلا عني!

ها أنا اغلق الباب على آخر سجانيني الطوعيين ، لن اعاود الكرة مرة اخرى.

***

أنت آخر حبيب ، هكذا قلت لك ذات مرة.

لن احب من بعدك! ليس اخلاصا او وفاء بل لأني لا اريد ان اضع السلاسل مرة اخرى في يداي .

يداي جميلتان ، شجرتا نخيل ، لا تليق بهما السلاسل حتى لو كانت ذهبية.

ان اكون وحيدة يعني ان اكون حرة ، فيكون لدي متسع من الوقت لأعيش سعادتي الحقيقية.

هنا بين اوراقي واقلامي وكتبي، كم تحوي هذه المكتبة قربي من احتياطات الكتب ؟ تلك التي كنت اؤجل قراءتها لئلا تشعر بأنك مهمل!

لماذا لا تقبل بان تكون معي ويكون في يد كل واحد منا كتاب مثلا؟

لماذا عندما نكون سويا لا نفعل شيئا سوى الثرثرة؟

هل الحب هو الفراغ؟

هل نلجأ الى الحب لندواي خواء ارواحنا؟

لماذا يتناقض الحب والجد؟

انك تسرقني مني ، تقتل باستكانتك هذا التوثب فيّ !، اريد ان احبك ..نعم ولكن اريد ان اكون مع طموحاتي ايضا, وطموحاتي لا تتوقف عند حبك مع ان ليس بالامر القليل!

أنت تقول :هيا بنا لنذهب الى الكورنيش او الى السينما !

في أول كل شهر تدعوني الى السينما ، تفعل ذلك من اجلي وانت الامر عندك عادي..

هل تعرف كم نحن مختلفان؟

ليست هذه التفاصيل الصغيرة الا خصوصية كل واحد فينا، لكن من سيقبل ان هذا ما يجعلنا مختلفين؟

تعرفني كم انا مغرمة بدخول عالم آخر يشبه عالم الاحلام يخطفني من ضوضاء المدينة وركضها الدؤوب.

الاحلام والافلام تتشابه ، كل منها يجعلك تنفصل عن الواقع.

حتى مشاوير البحر اخذت تقل شيئا فشيئا وانت تشتكي من الحر صيفا ومن البرد شتاء ومن قدميك في كل الاوقات!

مرات قليلة تلك التي قمنا فيها بمشاوير بعيدة الى احضان الطبيعة، لم تكن تعرف الى اي مدى تستطيع ان تجددني نزهات العشب والماء.

أحب هذا الاخضرار اللامتناهي

أحب هسيس البراري

واحبك ايضا..

كثيرات كنا يحسدنني عليك ، يقلن بحقك اجمل الكلام, وأنت تستحق فعلا!

لكن ما لا يعرفه أحد هو انني بحاجة دائمة الى شحنة من الاندفاع .

كيف اشرح ذلك؟

الحب بنظري هو تلك الحماسة التي تلهبنا الابداع والفرح .

***

طلبت اليك ذات مرة ان يساعد احدنا الآخر على تنمية هواياته وتحقيق احلامه.

كنتَ تحب صيد السمك، وقد تحمست ذات مرة وذهبت الى البحر، يومها فرحت من كل قلبي فكتبت لك :

ها أنت تذهب الى الصيد يا حبيبي لتأتي بما يكفينا لنستمر الى الغد

اطلب لك التوفيق ، ولتحمك السماء من نار هذه الشمس الحارقة!

تذهب يا حبيبي الى البحر وتتركني انتظر عودتك ...واشتاق اليك

نعيش كالفقراء، زادنا محبتنا لبعضنا البعض، وأملنا ان نبقى سويا بالرغم من كل شيء

احبك لانك طيب جدا وبريء وعفوي، ولكن احب لو تتغير قليلا ليمكننا ان نقطع هذه المسافة المتبقية لنا من العمر بطريقة لا نستعجل فيها النهاية.

احبك واعرف ان امنياتك تشرق مع شمس النهار على أمل ان تتحقق قبل حلول الظلام وألمس هذا الحزن الخفي على جبينك، كأنك لكثرة ما تتألم بصمت تنام بكثرة.

تذهب لتصطاد الاسماك هذا اليوم وأنا أتمنى ان تعود الي بسرعة لتنقل لي ما قاله لك البحر...هذا البحر رفيق طفولتك الذي كنت تستنجد بالمرض لتهرب من المدرسة وتلقاه.

احبك يا حبيبي بحارا ، لا يملك الا شجاعته وعشقه للموج ولي.

عيناك ربيعيتان ، فلا تتعبهما بالارهاق ، ويداك رقيقتان فاحرص على بقائهما سليمتين ، وانتبه الى قدميك ، ان صخور البحر تدافع عن نفسها بشراسة تجاه من يعتدي على كبريائها ويزعج صمتها ، من الافضل ان تصادق الصخور وتوشوش لها اغنية عن المرجان والربيع وتهدهد لها لتنام ,فيمكنك ان تكسب ثقتها وعفوها .

ارجوك يا حبيبي ان تلقي سلامي على المراكب التي تمر امام ناظريك ، اخبرها عن شوقي للسفر وتطلعي للابحار بعيدا من هنا.

اخبرها عن شغفي باكتشاف المجهول، وبلوغ الاماكن النائية ، برفقتك طبعا.

كن رحيما ياحبيبي مع صغار الاسماك، تخيلها ذهبت لتلعب بعيدا عن امها، فخدعتها صنارتك ...تقدمت اليها على انها لعبة جميلة واذا بها تنغرس في لسانها او رأسها لتعلن موتها قبل الآوان ، دعها تعود الى امها فهي لم تفطم بعد ولم تطلع اضراسها ولم تتعلم ابجدية البحر الى الآن، عدها الى المياه لتنام ليالٍ اخرى بحضن امها ...غدا عندما تكبر لها مصير آخر ينتظرها فلا تستعجل قدرها.

ارجوك ياحبيبي وانت تنظر الى الافق ، الى ما وراء البحر ان تتذكرني وتتخيلني قادمة اليك كطائر النو حاملة اليك الهواء البارد الذي يطفئ التهاب حرك.

وداعا ، سوف اتركك الآن لابحث لنفسي عن صيد وغذاء كما أنت ولكن عن طريق الكلمات التي لن تكون احلى الا اذا كانت لعينيك

أكثر ما افتقده في غيابك هو الورود التي تضيء سماء وحدتي ..لقد ذبلت آخر الباقات ، تلك التي لم تقدمها من القلب ، لانه لو كان العكس لكانت بقيت مدة اطول.

هذه المرة ذبلت باقة الورد ،حزنا ربما ..

أحببت كثيرا تلك الباقة من الورد التي يطلق عليها بايبي روز..Babys rose وحملتني لاقول:

كيف اسميه
وأصفه

وأرسمه

هذا الذي يتراوح بيني وبينك

هل ابدأ من حلم

من طرفة عين

من ضجر

ام من لحظة صيف

غافلتني طفولة الورد

الموشحة بعطرك

على طاولة الزمن

وشوشتها سرا

غمرتني بشوق

كأنها أنت

جميل ان يمتد حضورك الى ما بعد الحضور

الى ما بعد المسافة الفاصلة عن النافذة

لتبقى تعبق في ارجاء المكان

وتترامى بين الكتب

والاشياء ،والاسماء

انتظرك

كأنك ستأتي

من شقوق الغيم وحبات مطر نيسان

وهمسات الحمام

اعرف انك ستاتي

***

لا أزال احتفظ بصور كثيرة عن باقات الورد، التي كنت اصوّرها للذكرى ولحسن تنسيقها وجمالها،كأني ادون زماني معك على ورق الورد .

اذن ، لا تزال تهتم لعملي ، لكتاباتي ، لمقالاتي؟

هل تحبني الى هذا الحد؟

ما أجمل ان يعشقني رجلا لذاتي ، لموهبتي ،ليداي؟

اشعر بسحابة من الفرح تغمرني ، تهطل امطارا على وجنتي...

اقلب الموسوعة بسرعة ،تجتاحني انت...يجتاحني الحنين، كيف نفترق؟ لماذا نفترق؟.

هناك بين صفحات الموسوعة ، ورقة نافرة هي ليست من الموسوعة انها منك، قصيدة :

عاقر حبك ان لم تكوني صادقة

عاقر كتابتك ان لم تكن لقلبي حارقة

عاقر كل ما تنتجه فكرك وخطة قلمك

ان لم تكوني للظلم رمح صارخة

عاقر كل ايامك عندما تصبح على الهوى

جائرة

ماذا يبقى من الفراشات اذا لم تلامس

اجنحتها روحي

ماذا يبقى من الوانها اذا لم تعد بلسما

لجروحي

ماذا يبقى من الريح اذا لم تحملني اليك

ماذا يبقى من الموج اذا لم يخبرك رواية

اشتياقي

ماذا يبقى من البحر اذا لم تتعرفي بعد

على سحر اعماقي

مظلمة الاماكن حيث لا تكونين

حزينة تصبح الاشياء عندما تفقد معانيها

المطر يتحول الى دموع

الايمان يفقد رهبة الخشوع

الرعد الصيفي يصبح صدى الوجع

والانين

عندها تصبح السعادة خرافة المساكين.

***

احمل هاتفي الذي يحتفظ بأسمك على ذاكرته ، اطلب الاسم ، يرن الرقم وأقول لك شكرا..

شكرا من القلب!

وأنت رددت بعبثية زياد الرحباني : أهلا!

فجأة هربت الكلمات مني ...انا لم اتصل لاقل شكرا، بل اتصلت لادافع عن حبي!

لم يكن حبي عاقرا ، كنت اتمنى لو عرفت كم كنت احبك، بتلك الكلمات التي قلتها لك والتي كتبتها من اجلك، وتلك التي بقيت سجينة في جسدي..

يسود الصمت بيننا مع ان هذا الهاتف هو اختراع الكلام.

لم يخطر ببالي اي شيء

لم يعد في مخزن اللغة الخاص بدماغي اية مفردة .

صقيع هذا الذي يقيم بيننا

كإن دهور تمضي ....

هو الهاتف نفسه الذي طالما حمل تنهداتنا ..

هو نفسه الذي يطربني باجمل الكلمات

هو الذي يصحو على صوتي .

هكذا تذهلنا المسافة

كيف تحولنا الى جبلين من الحجارة ، بعدما كنا وترين لمعزوفة الحب.

يفارقني الكلام ،فأبدو كالمقبرة ، لكن هناك ، على عتبات قلبي كلمات تكسرت .. هذه احدى شظاياها:

يهزمني حبك الذي يبدأ ولا ينتهي

***

كان الخوف هو سيد الموقف ، الذي منع كلانا من الكلام

-باي
-باي

ماالفائدة من ان اقول لك شكرا الآن وفي هذه اللحظة بالذات...؟

حديثنا لم يبدأ بعد!...

سيكون لنا حديث مقبل!.


***

اذهب وأستمع الى اغنية اسبانية تقول:لماذا البكاء...الحياة هي كرنفال

------------------------

سان تروبيه منتجع في الجنوب الفرنسي ، شكل بؤرة اهتمام للمفكرين والرسامين والأدباء ، من سارتر إلى بيكاسو مرورا بموبسان ،في هذه الأيام من الصيف تفتح مدينة سان تروبيه ذراعيها للنجوم وعلية المجتمع الفني... جينفر لوبيز ، مايكل دوغلاس، جورج مايكل ... تخلتف طقوس إقامتهم وتقضيتهم لعطلتهم رغم أن مكانا واحدا يجمعهم هو سان تروبيه.