إيلي الحاج من بيروت : عندما اندلعت حرب 12 تموز /يوليو الماضي بين إسرائيل وquot;حزب اللهquot; انتقدت المملكة العربية السعودية بأعلى مستوياتها quot;مغامرة الحزب غير المحسوبة النتائجquot; مما أثار سخطاً عبرت عنه قيادته بأصوات مرتفعة ، وعندما نزل quot;حزب اللهquot; مع حلفائه إلى الساحة في بيروت لإسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وقفت المملكة بقوة وعلناً بجانب الحكومة اللبنانية وساهمت في تشكيل quot;جدار حمايةquot; حولها على المستويين العربي والإسلامي السني لبنانياً ، مما أحبط عملياً تطلعات الحزب الذي بلغت علاقته بالرياض درجة عالية من السوء لم تتمكن من تبديدها إتصالات ووساطات يحاولها بين أطراف النزاع اللبنانيين السفير السعودي عبد العزيز خوجة.

وبصرف النظر عن النتائج المحتملة للزيارة المفاجئة التي قام بها للمملكة وفد قيادي من quot;حزب اللهquot; ضم نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم والوزير المستقيل محمد فنيش ولقائه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، في حضور رئيس الإستخبارات العامة السعودية الأمير مقرن والسفير خوجة، يمكن القول إن المحادثات quot;الطيبة والإيجابيةquot; كما وصفتها مصادر دبلوماسية عربية، كانت كافية لإعادة وصل ما كان قد انقطع بين السعودية وquot;حزب اللهquot;.
ولكن يبقى من المبكر توقع نتائج حاسمة من الزيارة لأنها جاءت في سياق حوار أوسع وأشمل بدأ بين المملكة السعودية وإيران، وتشكل المسألة اللبنانية جزءاً منه، وقد يكون الجزء الأهم لأنه يشكل مساحة تلاق وتفاهم محتملين بين الدولتين أكثر من أي موضوع آخر . فالملف النووي الإيراني على سبيل المثال يشكل مادة صراع وخلاف بين طهران وواشنطن وليس للرياض ما تقدمه فيه ، والملف العراقي يتجاوز في تعقيداته الأدوار الإقليمية.

وفي ظل انقطاع الإتصالات السعودية ndash; السورية نتيجة لتصريحات الرئيس السوري بشار الأسد، بعيد اندلاع حرب الصيف في لبنان، كان من الطبيعي أن تتجه المملكة إلى الحوار مع إيران لحل أزمة لبنان. خصوصاً بعدما ثبت أن هذه الأزمة السياسية انقلبت صراعاً مذهبياً وأفرزت فريقين رئيسيين هما quot;تيار المستقبلquot; في زعامة السنة وتربطه علاقة وثيقة بالسعودية ، وquot;حزب اللهquot; في زعامة الشيعة وتربطه علاقة وثيقة بإيران. كما أن القرار على المستويين الإقليمي واللبناني أصبح في يد طهران ولم يعد لدى حليفتها دمشق.

ومن المتوقع أن يزور مسؤول إيراني رفيع المستوى المملكة العربية السعودية قريباً في موازاة زيارة مرتقبة للبنان يقوم بها وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، مما يؤشر إلى مرحلة جديدة من التشاور السعودي- الإيراني في شأن لبنان تحت وطأة تأزم أوضاعه وخطر إفلاتها من السيطرة لتحوّل quot;بلاد الأرزquot; عراقاً آخر. وهو وضع لا يريده أحد من الأطراف الدوليين والإقليميين والمحليين ولا يصب في مصلحة أي منهم .

وكان الإيرانيون يصرون سابقاً على رفض التدخل الخارجي في شؤون لبنان إذا كان يعني ممارسة ضغوط على quot;حزب اللهquot; وتجاهل مصالح سورية ودورها والقفز فوقها، وبالتالي كان يوحون دوماً ضرورة الإتصال بدمشق وتحسين العلاقات معها، لكن تدهور الأوضاع اللبنانية حمل طهران كما يبدو على تغيير رأيها والقبول بالخوض في بحث أشكال الحلول مع الرياض الشديدة الإهتمام تقليدياً بلبنان.