في ذكرى الحرب.. إعلاميون عراقيون يتحدثون لـquot;إيلافquot; (1 من2)
الكلمة تقتل صاحبها والصحافيون وحدهم لا يملكون ميليشيات

المؤسسات الإعلامية العراقية تعلن ميثاق الشرف

واقع الصحافة في العراق بعد 5 سنوات على الحرب

كوسرت رسول: العراق للجميع والجميع للعراق 2-2

حينما وجدت لعبة الثورات والعنف سيدها صدام حسين في العراق

أسامة مهدي من لندن: بعد 5 سنوات من الاجتياح الاميركي لبلدهم فإن عمليات استهداف الصحافيين العراقيين من قبل مختلف القوى والجماعات المسلحة تشهد إصرارا على الاستمرار في ممارسة تهدف الى تغييب أصحاب الكلمة الحرة والموضوعية التي تسلط أضواء كاشفة تفضح الممارسات الخاطئة لهذه القوى في السعي إلى تحقيق أهدافها ومصالحها الضيقة التي تتقاطع ومصالح الشعب العراقي وتطلعاته الى مستقبل افضل وحيث اغتيل خلال هذه السنوات 210 صحافيين واختطف 87 آخرون .

quot; إيلاف quot; التقت مجموعة من الصحافيين العراقيين العاملين في مختلف أجهزة الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة في داخل بلدهم وخارجه ووجهت لهم سؤالا واحدا : لماذا يستهدف الصحافيون العراقيون ومن الذي يستهدفهم وما هو المطلوب لحمايتهم من حملة القتل التي يتعرضون لها ؟ فاختلفت إجاباتهم وتنوعت من خلال رؤى لأسباب هذا الاستهداف والحل المطلوب لحماية الكلمة الحرة والصورة الحقيقية الصادقة التي يجاهد الصحافيون لايصالها الى متلقيهم .. وهنا القسم الاول من هذه اللقاءات واجابات الاعلاميين العراقيين وتصوراتهم عن حملة القتل التي تستهدفهم والتي كان اخر ضحاياها نقيبهم المرحوم شهاب التميمي :

الدكتور صباح ناهي
(قناة العربية)

.. إن أول استهداف للصحافيين العراقيين بدأ لحظة احتلال العراق في التاسع من نيسان (ابريل) عام 2003 .. وقد لايكون هذا الاستهداف جسديا وانما معنوي فأصبحت الصحافة العراقية مكبلة بالكثير من القيود . واذا كان النظام السابق يفرض شروطا سياسية للعمل الصحافي فإن الوضع الجديد الان يفرض شروطا جديدة بالموالاة المطلقة لهذا التنظيم او الحزب او المكون او ذاك بمعنى ان هناك اطرافا ومحددات طارئة على العمل الصحافي تسعى إلى قتله .. وعلى الرغم من وجود تعددية للعمل الصحافي لكن هذا لايعني حريته .. هناك 200 مطبوع و36 فضائية في العراق حاليا لكن هذا لايعني ان الصحافة تمتلك حرية حقيقية فالكلمة مستهدفة طالما ان الصحافي لايستطيع التحرك بحرية .. والمجتمع المدني في العراق مقيد والمنظمات الدولية لاتستطيع التحرك بحرية وفاعلية بسبب سوء الاوضاع الامنية ..وطالما هناك ميليشيات مسلحة ومناطق تقاطع للنيران فإن الصحافي واقع وسط فخها .. لقد قتل في العراق لحد الان اكثر من مئتي صحافي اخرهم نقيبهم المرحوم شهاب التميمي وهذا يعني بالتأكيد ان هناك استهدافا مقصودا للصحافيين اضافة الى الاستهداف النوعي .. حيث إن هناك مثلا قناة العربية التي اعمل فيها حيث قتل منها 11 صحافيا بالإضافة إلى جريمة غامضة قتلت الصحافية المرحومة اطوار بهجت .

ان المصيبة في العمل الصحافي في العراق حاليا ان الكلمة تقتل صاحبها وليس هناك من يحميه .. الصحافيون العراقيون وحدهم الذين لا يملكون ميليشيا .. ونقابة الصحافيين العراقيين هي التشكيل الوحيد في العراق الذي لايملك ميليشيا مسلحة . وهذا يعني ان الصحافي اعزل ومصرع نقيب الصحافيين العراقيين على بعد 200 متر من مقر نقابته في وسط بغداد يكشف ان حديث البعض في العراق عن حرية الصحافة مجرد دعاية سياسية والتنوع اوجدته الميليشيات والجماعات الاثنية والطائفية والسياسية .. والمقارنة الكبيرة ان هناك في العراق 36 قناة فضائية و36 ميليشيا مسلحة والتمويل لهذه الفضائيات والميليشيات خارجي بمعنى ان القرار الوطني العراقي مرتهن لجهات خارجية والصحافة تعمل الان ضمن محددات معروفة فهي تعمل لمن يمولها فتتبعه سياسيا في الراي والموقف .

ان من يستهدف الصحافيين جهات سياسية يتناقض وجود الصحافيين مع حركتها وادائها لفرض ارادتها .. فوسط صراع الارادات هذا يسقط الصحافي ضحية غالية تشكل خسارة للمجتمع وللاعلام الذي يغذيه بحقائق المعلومات .

اما حماية الصحافيين من حملة القتل التي تستهدفهم فيجب ان تكون مجتمعية لان اي جهة اخرى لاتستطيع ذلك .. انا ارفض حماية الصحافيين من خلال ايجاد منطقة خضراء لهم .. فالمنطقة الخضراء الحالية في وسط بغداد هي لحماية السياسيين وهذه مفارقة مثيرة للازعاج والاسف .. ان الصحافي هو امتداد للشعب ولنبضه اليومي فاذا عزل الصحافيون انفسهم فانه لن تبقى هناك قيمة او دور لهم . فالحماية مجتمعية والاحزاب والقوى المتقاتلة عليها ان تدرك بأن للصحافيين دورا في عرض وجهات نظر الناس مهما اختلفت .. وهذا الاحتراب يمتد من الميليشيات المتصارعة الى الصحافي الذي يكتب عن هذا الموضوع او ذاك ليكشف اسراره وخفاياه ..فالصحافي هو مرآة الشعب لكن هذه المرآة مشوشة حاليا .

ووسط هذه التشابكات الامنية والسياسية لاتستطيع اي جهة حماية الصحافيين وليست هناك اي مؤسسة مؤهلة لهذا .. وعندما توجد الدولة المؤهلة لحماية نفسها وتخرج من منطقتها الخضراء تستطيع انذاك توفير حماية للصحافيين .. لكن السياسيين الان في هذه المنطقة الخضراء تاركون كل ابناء الشعب في مناطق حمراء . ومتى ما توصل المجتمع الى توافق سياسي فإن الصحافة ستزدهر خاصة وان هناك جيلا جديدا من الصحافيين قوامه 5 الاف صحافي بمعنى ان هناك ثورة اعلامية بحاجة الى تطوير .. ثم الحماية .. والحماية .

عماد الخفاجي
(قناة الحرة)

. هناك أكثر من جهة تستهدف الصحافيين العراقيين .. جهات تعتقد أن الصحافيين لايتفقون مع طروحاتها وممارساتها وبالتالي فإنهم يضرون بمصالحها .. فهؤلاء الصحافيون يضحون هدفا للقتل من قبل تلك الجهات وان كان العراقيون جميعهم مستهدفين بشكل عام لكن الصحافيين في المقدمة باعتبارهم اصحاب الصوت المسموع .

ان مستهدفي الصحافيين هم جهات من داخل الحكومة ومن خارجها سواء من الاحزاب او الميليشيات . ان استسهال القتل في العراق يجعل من قتل كل مواطن امرا سهلا .. يشمل الصحافي الذي يكون استهدافه تحت ذريعة افكار يروج لها غير مقبولة الامر الذي يشكل خطرا عليها فتلجأ الى إسكاته بالرصاص . ان هناك عقليات تؤمن بقتل الصحافيين وعلى الاخرين اصدار بيانات لاستنكار هذا القتل وادانته .

اما المطلوب لحماية الصحافي فإن الحماية لاتنجز بقرار حكومي واتذكر أنه في احدى المرات التي اثير فيها هذا الموضوع اقترح وزير الداخلية العراقي تسليح الصحافيين لكن هذا خطأ لان مهنة الصحافة بعيدة من التسلح والصحافي لايتشرف بحمل مسدس ولا يتشرف بالسيطرة على من يستهدفه ويقتله فالمسألة اكبر من هذا . واسوق هنا مثالا مؤسفا انه حدث خلال الحرب العراقية الايرانية في ثمانينات القرن الماضي فإن النظام السابق قد تنبه الى ان قتل العسكري العراقي فيها له تأثير سلبي كبير على الشارع العراقي ولهذا اخذ يغدق الاموال على عائلة القتيل فأصبح قتله لايشكل عبئا على عائلته بل اصبح في بعض الاحيان ومع الاسف رفاها جديدا لها .. يعني سيارة ومبلغا من المال وقطعة ارض ومغريات اخرى .

اما قتل الصحافي العراقي الان فان ذلك يشكل عبئا كبيرا على عائلته التي تنتظر انجاز معاملة تقاعده او تكريمه .. فالصحافي العراقي ليست له اي ضمانات وليس هناك اي تفعيل لقانون العمل . ان الصحافي العراقي لايطلب ضمانات ماقبل الموت وانما ضمانات لما بعد الموت وهذه غير متوفرة حاليا وقد يكون توفرها يشكل بعض التردد لدى الاخرين في استهدافه حيث إن قتله عند ذاك لن يشكل عبئا .

أرشد الهرمزي
(كاتب وباحث)

.. ان من يستهدف الصحافيين العراقيين يريد استهداف الكلمة الحرة النظيفة وايصال المعلومة الحقيقية لكل من يتطلع الى عراق جديد بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى .. والذين يخافون الكلمة يحبون العيش في الظلام ولذلك وبما ان الكلمة والجملة والشاشة وصفحة الجريدة تنير الدرب ولذلك عليهم الاجهاز على هذه الكلمة من إبقاء غيرهم ايضا في الظلام .

والذين يستهدفون الصحافيين والاعلاميين هم الذين لايريدون عراقا حرا ديمقراطيا موحدا . فالصحافيون امانة في اعناق الدولة وهذه مسؤوليتها الكاملة ومن هنا يجب ان يكون من اولوياتها الحفاظ على الاعلاميين والصحافيين لانهم رابطة الوصل بين المعلومة الصحيحة والنزيهة وبين الشعب برمته .

محمد سعيد الطريحي
(رئيس تحرير مجلة الموسم)
. ان استهداف الصحافيين سببه المواقف الجريئة التي بدأت تظهر من خلال شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد والمجلات والمواقع الالكترونية ليس في داخل العراق فحسب وانما في خارجه ايضا . وبالتالي فان الصحافي قد اصبح في العراق مطلوبا بتزايد من قبل مختلف اجهزة الاعلام نظرا للصراحة والشفافية التي يتميز بها والجرأة في الطرح التي تعودها في طرح مشاكل العراق هي السبب الحقيقي والرئيس في استهدافه حيث قتل ويقتل الكثير من الصحافيين العراقيين بانهاء حياتهم ومعها تغييب اصواتهم نهائيا .

ومن يستهدف الصحافيين هم المتضررون من شيوع معلوماتهم وتقاريرهم خاصة وان هناك اعداء كثيرين للعراق لايريدون له الخير وبالتالي يتضررون من ذلك النشر الذي يعتبرونه مزاعم كاذبة ما دام لايتفق مع افكارهم وطروحاتهم وأهدافهم .

ولحماية الصحافيين لابد من إجراء تحقيقات جادة ومسؤولة لمعرفة حقيقة من يستهدف الصحافيين وتتحمل الحكومة في هذا الاطار المسؤولية الاولى ومعها القوات متعددة الجنسيات .. كما انه مطلوب من الصحافي ان يحترس ويحاول حماية نفسه ممن يستهدفونه يوميا وان يتحصن بأي وسيلة تضمن بقاءه . كما يجب ان يكون هناك تدخل عالمي من خلال المنظمات والهيئات الصحافية الدولية لان هذه تستطيع ان تضغط على القوات الاميركية او البريطانية في العراق لتتخذ اجراءات حماية فعالة لارواح الصحافيين .. كما ان اسر الضحايا عليها رفع دعاوى ضد القتلة .. فالحكومة العراقية عندما تشعر انها محصورة بزاوية قانونية فانها لابد ان تقدم على التحرك باجراءات فعالة لحماية الصحافيين والا ستبقى الاوضاع فوضى والصحافي هو المستهدف لجرأته على ايصال الحقائق عما يجري في العراق ولولاه لغابت عن العالم معلومات كثيرة . لابد من متابعة هذه القضية من قبل الصحافيين انفسهم ومن اسر الضحايا وسن وتفعيل قوانين تكفل حماية الصحافيين .

سوران داوودي
(قناة الحرة)

.. ان من يستهدف الصحافيين جهات عدة منها اطراف حزبية داخل السلطة ثم الجماعات المسلحة وميليشيات لها سلطتها على الاوضاع . فهم يستهدفون الصحافي حتى لاينقل حقيقة ما يدور على ارض الواقع في البلد من مآس وويلات وفي بعض الاحيان يستهدف الصحافيون لان طرفا من الاطراف لايحبذ عمل او نشاط هذا الصحافي وذاك لانه يكتب او يقول ما لا يرغبفيه هذا الطرف او ذاك .

اما المطلوب لحماية الصحافيين من حملة القتل التي يتعرضون لها فإن ذلك يقع على عاتق الحكومة ولكن هذه مع الاسف عاجزة حتى عن حماية نفسها .. ويبقى الصحافي مستهدفا وحمايته صعبة جدا وعليه ان يبادر لحماية نفسه .

شكران قاياجي
(رئيس تحرير موقع بز توركمان)

.. قال الاعلامي شكران قاياجي رئيس تحرير الموقع الالكتروني quot;بز تركمانquot; و عضو جمعية الصحافة التركمانية في العراق انه يعتقد ان الاحتلال هو السبب الرئيس لاستهداف الاعلاميين والصحافيين في العراق بهدف القضاء على العقول النيرة والصحافيون من بينهم وذلك لغاية إرجاع العراق الى العصور الوسطى تخلفا . واشار الى ان هناك عصابات مسلحة هي التي تقوم بتنفيذ جرائم القتل ضد الصحافيين وهي عصابات أوجدها الوضع الذي خلقه الاحتلال في العراق لإبقاء الفوضى التي تستهدف جميع المثقفين والواعين من ابناء البلد .

اما حول المطلوب لحماية الصحافيين فإن هذه الحماية تمر عبر توفير أمن وحماية جميع العراقيين بشكل عام ولايمكن تمييز الصحافيين عن غيرهم من ابناء الشعب .. فطالما ان هناك خللا امنيا فالكل مستهدف ولذلك فإن من واجب الحكومة العراقية ومعها القوات الاجنبية واجب تحقيق الامن لجميع العراقيين .

.. وبعد
تقول منظمة quot;مراسلون بلا حدودquot; التي تعنى بالدفاع عن حرية الصحافة في تقرير اليوم ان quot;مئاتquot; الصحافيين العراقيين ارغموا على العيش في المنفى منذ اندلاع الحرب في العراق قبل خمس سنوات.
واضافت انه على الرغم من دعوة السلطات العراقية لاحترام حرية الصحافة quot;فان التدابير الاخيرة التي اتخذتها الحكومة تترجم عجزهاquot;، مذكرة بان وزارة الداخلية اقترحت الشهر الماضي quot;منح الصحافيين تراخيص لحمل اسلحةquot;.

وبحسب المنظمة، ومقرها باريس، قتل 210 صحافيين وعاملين في مجال الصحافة منذ اذار (مارس) عام 2003 وخطف 87. واضافت quot;اذا كان المراسلون الاجانب اول المستهدفين في مرحلة اولى بات الصحافيون العراقيون اليوم هم المستهدفونquot;. واشارت الى انه في هذه الظروف غالبا ما يختار الصحافيون العراقيون المنفى quot;حفاظا على سلامتهمquot; ويقرر البعض quot;الرحيل بعد التعرض لمحاولة اغتيال او خطفquot; في حين يرحل اخرون quot;بمجرد تلقي تهديداتquot;.

وبحسب المنظمة quot;هناك 200 صحافي وموظف في وسائل الاعلام العراقية في الاردنquot; في حين quot;يصعب الحصول على ارقام دقيقةquot; من سوريا. كما لجأ quot;عشراتquot; الصحافيين العراقيين الى اوروبا حيث ساعدت المنظمة حوالى ثلاثين صحافيا خصوصا في فرنسا. وفي هذا الصدد قالت المنظمة ان الخارجية الفرنسية منحت تأشيرتين لصحافيين عراقيين مطلع عام 2007 في حين رفضت وزارة الهجرة اصدار تأشيرات لاربعة صحافيين عراقيين في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي.

واشارت إلى ان الصحافيين العراقيين في المنفى غالبا ما يعيشون في ظروف صعبة وان عددا منهم اضطر الى التخلي عن مهنة الصحافة. وخلصت الى القول ان عودتهم الى العراق quot;غير واردة حاليا لان المجموعات المسلحة لا تزال ناشطةquot; في البلاد.