مشرف إلى عزلة وثم إلى ...
هل رفضت الحكومة الباكستانية الرئيس مشرف ؟؟
عبد الخالق همدرد من إسلام أباد:
قبل الانتخابات الأخيرة في باكستان لم يكن يخطر على بال أحد بأن يوما سيطلع على باكستان ويبشر بعودة الديموقراطية وممثلي الشعب إلى قبة البرلمان الباكستاني بصورة تليق به بدلا من البرلمان الذي لم يكن يعرف سوى المصادقة على قرارات اتخذت في قصر الرئاسة أو قصر الجيش من جانب شخص لم يكن له ناقة ولا جمل في السياسة بل قضى معظم عمره في الزي العسكري في الثكنات العسكرية.
ولم يكن أي اجتماع لمجلس الوزراء إلا ويترأسه اثنان رئيس الوزراء والرئيس بينما تتوجه الأنظار إلى الرئيس ورئيس الوزراء يلعب دورا هامشيا كصورة توضع على كرسي لـ quot; تجميل المجلسquot; وهو يزين شفتيه أمام عيون الكاميرات ببسمة حقيقية أو زيفة لتخرج صورته quot; جميلةquot;.
وقد تغير مجرى الأحداث كليا بعد انتخابات 18 فبراير ولم يعد الرئيس ذلك القوي ورئيس كل مجلس. وكان أول رفض له من جانب الحكومة الجديدة أن رئيس الوزراء حضر قصر الرئاسة دون أن يصحبه زعماء التحالف الحاكم؛ كما أن الهتافات التي ارتج بها قصر الرئاسة عقب أداء رئيس الوزراء اليمين الدستورية كانت سبب ارتباك الرئيس؛ بيد أنه لم يكن أمامه سوى احتمال استماعها. ولعله لأول مرة خلال حكمه يستمع إلى quot; ما لا يحبquot; داخل قصر الرئاسة.
وكانت تلك المرحلة تشير بكل وضوح أن العد التنازلي لحكم مشرف قد بدأ؛ إلا أن الطين زادت بلة عندما حضر الوزراء الجدد إلى قصر الرئاسة لأداء اليمين الدستورية وقد ارتدوا الشارات السوداء على الرغم من طلب قصر الرئاسة إليهم إزاحتها.
وقد صرح الوزراء أصحاب الشارات من حزب نواز شريف أنهم أدوا اليمين الدستورية أمام مشرف مضطرين وسجلوا احتجاجهم على حكمه الاستبدادي بالشارات السوداء. كما أن الوزراء لم يشاركوا الرئيس حفل الشأي المقام على شرفهم بعد أداء اليمين. وعادوا من قصر الرئاسة كما يعود الزبون من البقالة بعد تسديد ثمن المشتريات إلى صاحب المحل. وهذا الحفل كان يساوي المرحلة الثانية لدفع مشرف إلى عزلة.
وتبع حفل اليمين الدستورية للوزراء اجتماع هيئة العلوم والتقنية لمنظمة المؤتمر الإسلامي في قاعة الاجتماعات في العاصمة الباكستانية. وقد شاركت فيه 14 دولة إسلامية من أعضاء المنظمة. وكان الرئيس مشرف ضيف الشرف للحفل؛ سوى أنه حضر هناك دون أن يرافقه أي وزير أو وكيل لأي وزارة باستثناء وكيل وزارة الإنتاج الدفاعي ndash; وهو جنرال متقاعد مثله- ووكيل وزارة العلوم والتقنية كمضيف.
وكان ذلك أول اجتماع رفيع المستوى في العاصمة الباكستانية يحضره مشرف كضيف شرف ولا يرافقه أحد من الوزراء فيما كان متعودا على أن يكون في هالة من الوزراء في مثل هذه المناسبات غضون حكمه للبلاد قبل الانتخابات. وأضف إلى ذلك أنه لم يكن أحد من الحكومة المدنية في حفل العشاء الذي أقيم مساء الاجتماع سوى وزيرة الإعلام شيري رحمن لتجلس إلى جانبها على المائدة المخصصة لكبار الضيوف.
ويرى محللون أن كل تلك الحوادث لم تكن مصادفات، بل كانت القيادة السياسية تريد نقل رسالة إليه بأن يتخلى عن الحكم بشرف دون انتظار لسحب الحصانة منه عن طريق البرلمان. وإذا ما واصل طريقه مع إهمال لتلك الرسالة فلن يكون اليوم الذي يُقال بقوة البرلمان بعيدا. ولن يكون أمامه أي مجال سوى مغادرة قصر الرئاسة الذي يحتله منذ عام 1999م.
وقد نشرت جريدة محلية تقريرا قبل أيام مفاده أن الجنرال برويز مشرف سيغادر باكستان إذا ما اضطر إلى مغادرة قصر الجيش الذي يأويه على الرغم من تقاعده من الجيش. في حين نشرت تقارير تشير إلى أنه قد أرسل حوائجه إلى تركيا وهو ينتظر اليوم الموعود لمغادرة البلاد؛ بيد أن مصادر قصر الرئاسة ترفض تلك التقارير.
وسواء أتكون تلك التقارير صادقة أم كاذبة هناك أمر بات واضحا على الجميع أن الجنرال برويز مشرف لم يعد مقبولا لدى حكام البلاد الجدد؛ حتى لدى الحزب الذي أنشأه باستخدام طرق غير ديموقراطية وتبدد من حوله كما تتبدد السحابة بريح عاصف. وليس أدل على ذلك من غياب قادة حزب الرابطة الموالي له من حفل أداء اليمين الدستورية لرئيس الوزراء مثل زعماء التحالف الحكومي على الرغم من كونهم مدعوين إليه.
فالسؤال المطروح هل سيقرأ الجنرال مشرف النقش على الجدار أم سيواصل مسيره دون اعتبار لكائن ما كان كعادة quot; المغاويرquot; الذين لا يعرفون سوى تنفيذ الأوامر ولو بتضحية أنفسهم؟!!