في ظل إيقاف إسرائيل لإمدادات الوقود:
غزة بلا سيارات.. وحميرها تعود quot;لزمن الدلالquot;

خلف خلف من رام الله: خلال يومين سنعود لعصر التنقل على الحمير. بهذه الجملة قذفني أحد الزملاء من غزة، حينما سألته عن الوضع في القطاع. وحين أبديت دهشتي، تابع: quot;السيارات والمركبات معظمها توقف عن العمل، وهناك فقط عدد قليل يتحرك من السيارات المهجنة التي تعمل على الغاز، والوقود في طريقه للنفاد بشكل تام من كافة المحطات، والوضع لا يبشر بالخيرquot;. وارتفعت أسعار الحمير في قطاع غزة في الأشهر الأخيرة بعدما بات الاعتماد عليها في التنقل يزداد، بعد تقليص إسرائيل لإمدادات الوقود لغزة ضمن نظام العقوبات المفروض على القطاع منذ سيطرة حركة حماس عليه يونيو الماضي. ويقول المواطن سمير الكردي: quot;هذا عصر دلال الحمير، فهي أفضل من السيارات هذه الأيام، وقد يصل سعر الحمار الواحد لنحو 400 دولارquot;.

ويضيف: quot;في زمن الحصار على الإنسان أن يتأقلم مع الواقع، ونتمنى أن تنفك أزمتنا قريباً، ولا نبقى نعيش وكأننا في العصور الوسطىquot;. وتسيطر على غزة بأكملها حالة ترقب تخوفًا من رد عسكري إسرائيلي على الهجوم الذي نفذه مسلحون فلسطينيون يوم أمس الأربعاء ضد موقع ناحل عوز شرق غزة وقتل خلاله حارسان إسرائيليان وجرح اثنان آخران. وأعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية فور وقوع الهجوم إيقافها لتزويد غزة بالوقود، ولكن المواطنين الفلسطينيين يؤكدون أن تزويد القطاع بالوقود متوقف أصلاً منذ فترة. وما يدخل منه لا يكفي ربع احتياجات السكان.

وقرار إسرائيل -بعد الهجوم- بإيقاف السولار والبنزين من المرجح أن يؤدي إلى شلل محطة الطاقة في غزة، والمجاري قد تطفو في الشوارع، بالإضافة إلى أن سيارات الطوارئ والإسعاف لن تتمكن من السير، ولا يتوقع تعليق هذه القرار ما دام لم يصدر قرار سياسي إسرائيلي في هذا الشأن.

وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإنه كل أسبوع يدخل إلى القطاع عبر معبر ناحل عوز نحو 4 ملايين لتر من السولار والبنزين. والمعبر كان يعمل خمسة أيام في الأسبوع، من الأحد حتى الخميس. ومن خلاله يفترض أن يدخل لغزة وقود السولار للمولدات؛ وشاحنات القمامة؛ وناهلات المياه؛ والمجاري والاحتياجات الإنسانية؛ الغاز وزيت الطبيخ.

وتمكن أربعة نشطاء فلسطينيين مدججين بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية وقاذفات الأر.بي.جيquot; يوم أمس عند الساعة الثالثة بعد الظهر من قص السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل، ثم تسللوا إلى معبر الوقود في ناحل عوز الذي كان بداخله سبعة أشخاص: المنسقان اوليغ لفسوغ، 37 سنة، وليف تشيرنياك، 58 سنة، وكلاهما من بئر السبع يعملان منسقين لنقل الوقود بين إسرائيل وغزة، وقتلا، وخمسة سواق شاحنات وقود وسولار، نجحا بالاختباء.

ونقلت صحيفة يديعوت الصادرة اليوم الخميس عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها: quot;إن هذه عملية خطط لها على مدى أسابيع طويلة إن لم يكن أشهرquot;. حيث إن المنفذين تمكنوا من الاقتراب من المنسقين، أطلقوا النار عليهما من مسافة قصيرة، وقتلوهما على الفور.

وحتى وصول التعزيزات العسكرية الإسرائيلية للمكان تمكن المهاجمون من الفرار عائدين إلى غزة واختفوا في المناطق الزراعية. وأعلن المسؤولية عن العملية كل من لجان المقاومة الشعبية، الجهاد الاسلامي وكتائب المجاهدين ndash; وهو جناح متماثل مع فتح. وقال الناطق بلسان اللجان: quot;كان هدفنا اختطاف جنود إسرائيليين لتبديلهم بسجناء فلسطينيينquot;.

وفي الجيش الإسرائيلي يحاولون الإجابة على السؤال الصعب، الذي لا يوجد في هذه اللحظة جواب عليه، وهو كيف نجح المهاجمون الأربعة في التسلل إلى المعبر في وضح النهار دون أن تكشفهم منظومة الرقابة، وجمع المعلومات، وكيف نجحوا في العودة إلى الجانب الفلسطيني.

وحملت إسرائيل حركة حماس المسؤولية عن نتائج العملية، مشيرة إلى أنها هي التي ستدفع الثمن لقاء ذلك. وقالت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني: quot;إن حماس والتي تسيطر على قطاع غزة- بإمكانها الحيلولة دون وقوع أي عملية تخريبية تنطلق من غزةquot;. وأضافت: لا يهم ما إذا ارتكبت عناصر حماس الاعتداء أو إذا وقفت منظمة تخريبية أخرى وراءه، إذ إن حماس هي المسؤولة عن أي اعتداء تخريبي وعليها تحمل نتائج مثل هذا الاعتداء- مهما كانتquot;.