سيطلقون حملة للمطالبة بإسترداد ممتلكاتهم المصادرة
يهود من أصول مصرية يعتزمون عقد مؤتمر بالقاهرة

معبد شارع عدلي اكبر معابد اليهود في مصر
نبيل شرف الدين من القاهرة: قالت مصادر إعلامية مصرية إن نحو مئة من اليهود ذوي الأصول المصرية يعتزمون زيارة القاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة، لعقد مؤتمر يطلقون خلاله حملة قانونية للمطالبة بإستعادة ممتلكاتهم التي تركوها في مصر، بعد خروجهم منها في بدايات الخمسينات من القرن الماضي، وتوقعت ذات المصادر أن تبدأ الزيارة اعتبارًا من يوم 24 حتى 28 الشهر الجاري، حيث يدخولون البلاد بجوازات سفر أميركية أو أوروبية، ويقيمون بأحد الفنادق وسط القاهرة .

وقال الإعلامي عمرو أديب في برنامج quot;القاهرة اليومquot; على فضائية quot;أوربيتquot;، إن هؤلاء اليهود ذوي الأصول المصرية يعتزمون عقد المؤتمر تحت عنوان quot;العصر الذهبي لليهود في مصرquot;، بالتنسيق مع المركز الأكاديمي الإسرائيلي في القاهرة، وتوقع ان يحضره 100 يهودي من أصل مصري، للمطالبة باستعادة ممتلكاتهم التي تركوها في مصر قبل هجرتهم منها، من خلال اتخاذ الإجراءات القانونية أمام القضاء المصري والدولي .

جدير بالذكر أن عدد اليهود في مصر كان حوالى 65 ألف نسمة قبل حرب 1948، وأشار إحصاء رسمي عن عدد اليهود عام 1947، إلى أن عدد اليهود المصريين بلغ (64484) من بين 15 مليون مصري آنذاك، ويقدر عدد اليهود المصريين الآن ببضع عشرات فقط . وفي نيسان (أبريل) الماضي صدر قرار بالإجماع من مجلس النواب الأميركي، يعتبر اليهود الذين هاجروا من الدول العربية خلال الأزمات بمثابة لاجئين، وطالب بإدراج قضيتهم ضمن أي اتفاق لتسوية قضية الشرق الأوسط، وقال القرار إن الصراعات في الشرق الأوسط تسببت بتحول الملايين من الناس إلى لاجئين من كافة الأعراق والديانات، وأن اليهود عاشوا كأقلية في دول شرق المتوسط وشمال أفريقيا وبلدان الخليج لنحو 2500 عام.

ممتلكات اليهود

من جانبها، نفت كارمن واينشتين رئيسة الجالية اليهودية في القاهرة أنباء تحدثت عن إعدادها لملف خاص بأملاك اليهود في مصر، استعدادًا لخوض معركة قانونية أمام القضاء، قائلة إن القوانين المصرية لا تعطيها هي أو غيرها حق المطالبة بممتلكات الآخرين وأضافت أن من لديه حقوقًا ويملك مستندات عن عقارات أو ممتلكات من أي نوع، فليتقدم بها مباشرة أو عن طريق محامين إلى القضاء المصري .

كما نفت السيدة واينشتين أن تكون قد أثارت مع مسؤولين أميركيين بالإدارة أو الكونغرس هذا الأمر، إلا أن مصادر ذات صلة قالت إن عددًا كبيرًا من القضايا أقامها يهود من أصول مصرية في الخارج، وقدرتها بنحو 3500 دعوى تصل قيمة التعويضات فيها إلى خمسة مليارات دولار أميركي، ومن أشهر تلك القضايا ممتلكات في حارة اليهود التي يقول بعض اليهود المهاجرين إن ملكيتهم للعقارات بها ما زالت قائمة، حيث لم يتنازلوا عنها بالبيع أو غيره من التصرفات القانونية المعمول بها وفقًا للقوانين المصرية .

وأضافت السيدة واينشتين في تصريحات خاصة لـ quot;إيلافquot;: quot;نحن طائفة مصرية واليهودية ديانة معترف بها في دوائر الحكومة المصرية، بينما الإسرائيلية جنسية لدولة، وقد رفضنا منذ نصف قرن الهجرة إليهاquot;، ولفتت إلى أن غالبية اليهود المصريين لم يهاجروا إلى إسرائيل، بل اختاروا دولاً أوروبية أو الولايات المتحدة للإقامة بها بعد أن قرروا الهجرة لسبب أو آخر .

وانقسم يهود مصر إلى طائفتين حسب الانتماء الديني، أما الطائفة الكبرى فهي اليهود الربانيون وكانت تمثل غالبية اليهود المصريين، وهم يؤمنون حسب باحثين مهتمين بالشؤون اليهودية بالأسفار التسعة والثلاثين من التوراة إضافة للتلمود، وهناك أيضًا طائفة اليهود القرائين، وهي طائفة أصغر، وهم يؤمنون فقط بالتوراة ولا يؤمنون بالتلمود، ويقول باحثون متخصصون في شؤون اليهود إن اليهود المصريين من أقدم الجاليات اليهودية في العالم، إذ يمتد وجودها لأكثر من ألفين وخمسمئة عام، لكن أعدادهم تقلصت إلى بضع عشرات من العجائز حاليًا.

فنون وثقافة

وساهم اليهود المصريون في الفن والثقافة والصحافة والاقتصاد في مصر ، وعرف المصريون المسرح على يد يعقوب صنوع الشهير بلقب quot;أبو نضارةquot;، الكاتب الشاعر والمخرج والموسيقي والصحافي اليهودي المصري، وهو من مواليد حي باب الشعرية عام 1839، الذي عمل في بداية حياته مدرساً بمدرسة الفنون والصناعات حتى أسس مسرحاً في حديقة الأزبكية عام 1870، وهناك أيضًا الفنانة نجوى سالم واسمها الحقيقي نينات شالوم التي لمعت في فرقة نجيب الريحاني .

وفي السينما لا يمكن تجاهل اسم توجو مزراحي كواحد من أبرز مؤسسي هذا الفن ، وهناك أيضًا النجمة الشهيرة راقية إبراهيم، واسمها الحقيقي راشيل إبراهام ليفي، وكان أوج شهرتها في الأربعينات والخمسينات، وفي الغناء، سطع نجم ليلى مراد المولودة في حي الظاهر في شباط/فبراير 1917 لأب يهودي مصري هو إبراهيم زكي مردخاي المطرب والملحن الشهير في العشرينات، وبالطبع لا يمكن تجاهل شقيقها منير مراد الفنان اللامع في مجال التلحين والاستعراض، والذي أشهر إسلامه ليتزوج الفنانة سهير البابلي، وإن كان بعض الصحافيين المصريين الذين عاصروا تلك الأحداث يؤكدون أنه بقي على عقيدته اليهودية حتى وفاته خارج مصر .

وأخيرًا فما زالت مصر تحتفل حتى الآن بذكرى الفنان اليهودي المصري الشهير داود حسني، واسمه الحقيقي دافيد حاييم ليفي، في العاشر من ديسمبر سنويًا باعتباره أحد أعمدة التلحين والغناء المصري الذين ساهموا في تطويره وبلورة ملامحه خارج الأطر التركية للطرب .

الاقتصاد والأعمال

وبالطبع كان لليهود المصريين مشاركتهم الفعالة في شتى الأنشطة الاقتصادية، فعلى سبيل المثال أسهمت عائلة شيكوريل اليهودية الشهيرة في تأسيس بنك مصر وكان عميدها عضوا بمجلس إدارته، وكان البنك العقاري المصري الذي تأسس عام 1880 أول بنوك مصر وأسسته ثلاث عائلات يهودية وهي : quot;سوارس ـ رولو ـ قطاويquot;، ووصل رأسمال البنك إلى 8 ملايين جنيه مصري في العام 1942 .

وفضلاً عن الأنشطة المصرفية فقد امتدت أنشطة اليهود المصريين الاقتصادية إلى مجالات اخرى بالغة الأهمية مثل البترول فقام إميل عدس بتأسيس الشركة المصرية للبترول برأسمال 75000 جنيه في بداية العشرينات، كما اشتهر اليهود بتجارة الاقمشة والملابس والاثاث حتى ان شارع الحمزاوي الذي كان مركزًا لتجارة الجملة كان به عدد كبير من التجار اليهود، كذلك جاءت شركات مثل شركة شملا: وهي محلات شهيرة اسسها quot;كليمان شملاquot; كفرع لمحلات شملا باريس، وقد تحولت الى شركة مساهمة عام 1946 برأسمال 400.000 جنيه مصري.

وفي قطاع السياحة والفنادق ساهمت أسرة quot;موصيريquot; اليهودية الشهيرة في تأسيس شركة فنادق مصر الكبرى برأسمال 145 ألف جنيه مصري ضمت فنادق quot;كونتيننتال ـ ميناهاوس ـ سافوي ـ سان ستيفانوquot;. كما نشط اليهود المصريون أيضًا في الأنشطة الزراعية وتسويق المنتجات، وتأسست شركات مساهمة من عائلات يهودية مثل شركة وادي كوم امبو التي أسست عام 1904 برأسمال 300 ألف جنيه مصري، وامتلكت 30 ألف فدان في كوم امبو غير 21 ألف فدان، وشقت مئة كيلومتر من المصارف والترع و48 كم من السكك الحديدية، كذلك شركة مساهمة البحيرة التي تأسست في يونيو 1881 برأسمال 750 ألف جنيه مصري وامتلكت 120 ألف فدان.