محمد عصمت السادات ابن شقيق رئيس مصر السابق لـ quot; إيلاف quot;:
أقود حملة وقف تصدير الغاز لإسرائيل بثقة ولو على quot; رأسي بطحة quot; لفضحوني

حاوره في القاهرة محمود عبد الرحيم:محمد عصمت السادات أو محمد أنور السادات كما يفضل أن يطلق عليه، احد أبناء شقيق الرئيس المصري الراحل الذين دخلوا دائرة الأضواء، لكن اسمه، يرتبط، غالبا، بمشاكل وصراعات مع الحكومة والمعارضة بل مع عائلة عمه، الأمر الذي جعل البعض يضع علامة استفهام أمامه.. ويرون أن إثارته للجدل إما مقصود بها الشهرة أو تحقيق مصالح خاصة.
وإذا كنت في البداية اعتزم لقاءه للحديث حول حملة وقف تصدير الغاز لإسرائيل التي يقودها، إلا أنى وجدت نفسي أمام شخصية جدلية مثيرة للفضول الإعلامي، وسيكون ثمة إحساس بالتقصير، إن لم اثر معه كل ما يثار حوله، خاصة انه متهم بالتطبيع ويقود حملة ضد إسرائيل ومتهم، كذلك، بتضخم ثروته، فيما ينتقد فساد رجال الأعمال، واقتحم عالم السياسة من بوابة البيزنس، ويعارض هذه الظاهرة.. ومتهم، أيضا، باستغلال اسم عمه والإساءة إليه، بينما يلمح انه يدافع عنه، ربما أكثر من أبنائه.
في مكتبه بضاحية مصر الجديدة كان هذا اللقاء المطول الذي لم يخل من شد وجذب وفتح لملفات عامة وخاصة، واتهامات قاسية تقبلها الرجل بصدر رحب ولم ينزعج إلا قليلا، خاصة عند الحديث عن الفساد المالي والتطبيع.
هنا نص الحوار:

بداية، دعنا نتعرف على ظروف تدشين حملة وقف تصدير الغاز لإسرائيل.. ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟
البداية كانت بإثارتي القضية أولا في البرلمان قبل عامين من خلال التقدم باستجواب حول التجاوزات التي تحدث في قطاع البترول وعقود تصدير الغاز، ثم قمت قبل عام بالتقدم ببلاغ للنائب العام ضد رئيس الحكومة ووزير البترول ورئيس الشركة المسئولة عن تصدير الغاز لإسرائيل حسين سالم، بعد بيعه أسهم الشركة لمستثمرين يهود وأمريكان، ثم نسقنا الجهود مرة أخرى قبل أشهر وأثارنا القضية من جديد، بالتزامن مع نجاح الضغط الشعبي في تعطيل العمل بمصنع quot; اجريوم quot; الملوث للبيئة في دمياط، وقد رأينا أن نتحرك ونعرف شعار quot; لا لنكسة الغاز quot;، خاصة أننا على أبواب ذكرى نكسة يونيو، مستهدفين أن تمثل حملتنا الشعبية التي تضم نخبة من المفكرين والسياسيين والبرلمانيين وآلاف الجماهير ضغطا على الحكومة لمراجعة سياستها ووقف تصدي الغاز.


وما هي آليات التحرك للضغط على الحكومة وتحقيق أهدافكم؟
لدينا خطة عمل منظمة ونتحرك وفق جدول زمني محدد، يشمل عديد من الإجراءات، من بينها إجراء محاكمة شعبية لوزير البترول، وتقديم استجوابات وبيانات عاجلة في البرلمان، وإقامة وقفات احتجاجية وتسيير مسيرات شعبية إلي مقر رئيس الجمهورية، والتعاون مع وسائل الإعلام والشباب لرفع الوعي الجماهيري بأهمية القضية وجمع توقيعات مليون مصري وعربي لإيقاف تصدير الغاز لإسرائيل.


وهل يمكن لحملتكم أن تحدث أثرا، خاصة أن التجارب السابقة تفيد بان الحكومة تتبع في التعاطي مع الشعب المصري سياسة quot; أذن من طين وأذن من عجين quot;؟
رغم أننا في بداية الحملة، إلا أن المؤشرات مشجعة، فكل يوم يزداد عدد المؤيدين للحملة وقد وصل إلي ما يزيد عن الثمانية آلاف من كل التيارات السياسية، بل أن الحكومة التي كانت تتجاهل الأمر، أعلنت على لسان رئيسها احمد نظيف أنها ستنظر في مسألة إعادة تسعير الغاز، ما يشير إلي أن حملتنا بدأت تؤتي ثمارها.


وهل ستكتفون برسالة التهدئة التي أطلقها رئيس الحكومة، أم ماذا؟
بالطبع لا، فنحن نطالب بمزيد من الشفافية وضرورة الإفصاح عن قيمة العقود السابقة والسعر المقرر التفاوض عليه، مقارنة بالأسعار العالمية، كما نصر على ضرورة أن تكون عقود التصدير قصيرة الأجل، لان الاحتياطات محدودة على عكس يشاع، ومصر في اشد الحاجة إليها في مشروعاتها التنموية.


أريد أن أتوقف معك حول ما أثير بشأن خلافات داخل الحملة واتهامات متبادلة وصلت إلي تعطيل إجراء المحاكمة الشعبية لوزير البترول.. فماذا يحدث بالضبط داخل حركتك؟
دعني أؤكد لك انه لا توجد خلافات داخل الحملة، صحيح حدث تعطيل للمحاكمة، لكن لظروف خارجة عن إرادتنا تتعلق بمشاكل داخلية في نقابة المحامين جرى التأجيل، وان كان حدث تبادل للاتهامات فبين محامين بعضهم يعمل في وزارة البترول وزملاء لهم ينتمون لحركة محامين ضد الفساد.
وعلى أي حال نحن نحضر حاليا للمحاكمة التي غالبا ستنعقد في نقابة الصحفيين، بعد إبداء نقيب المحامين سامح عاشور موقفا سلبيا تجاه استضافة المحاكمة.


أريد أن أتحول بالحوار إلى شأن آخر يخص تجربتك الحزبية، خاصة انك متهم بإثارة الخلافات داخل حزب الجبهة الديمقراطية والسعي لإزاحة أسامة الغزالي حرب من رئاسة الحزب؟
أولا خلافي مع حرب سياسيا وليس شخصيا، فانا أريد أن يكون حزبنا معارضا بشكل حقيقي وان يكون له تواجد جماهيري، بينما حرب يريده صالون اجتماعي للندوات والتنظير.
وبشأن الحديث عن إزاحته، فأود أن أقول إن معظم الأعضاء انصرفوا عن الحزب بالاستقالة أو عدم الحضور، وثمة مجموعة تتحرك حاليا لرفع دعاوى قانونية ببطلان الانتخابات الأخيرة، ومجموعة تجمع توقيعات لسحب الثقة منه، فالغالبية غير مرتاحة للنهج الذي يسير عليه والذي أحبط آمالها التي كانت تعلقها على الحزب الجديد.


لكن البعض يرى انك تسعى لتكرار سيناريو شقيقك طلعت في التنازع على حزب معارض، الأمر الذي قد يقود لتجميد الحزب والإساءة إلى التجربة الحزبية، خاصة المعارضة؟
هذا كلام غير صحيح، فإذا كانت النية متجهة لتفكيك الحزب لكنا قد أثارنا المشاكل في الجمعية العمومية، لكني حريص على وحدة الحزب وعدم تجميده.
وأود أن أؤكد أن تجربتنا تختلف تماما عما حدث في حزب الأحرار، فانا شخصيا حريص على عدم التعرض لقيادات الحزب بالإساءة أو الاتهام، بل رفضت الطعن على الانتخابات رغم ثبوت حالات التزوير.


وماذا عن تصاعد الخلاف بينك وبين حرب للدرجة التي وصلت إلي حد تبادل الشتائم والضرب بالأحذية؟
صحيح انه حدث استفزاز وخرجت عبارات حادة مني ومنه، لكن الأمر لم يصل إلي هذه الدرجة التي تتحدث عنها على الإطلاق.


دعني أسألك بوضوح مرة أخرى، هل تسعى لإزاحة حرب والجلوس على مقعد الرئيس انتقاما منه على خطوة فصلك التي جرى التراجع عنها لاحقا؟
لم أترشح لهذا الموقع من قبل، ولن أترشح لكني سأدعم شخصية تحظى بالإجماع.
وخطوة الفصل التي أشرت إليها تؤكد انه هو الذي يترصد لي ويحاول إقصائي وتؤكد انه لا يؤمن بالليبرالية ولا الديمقراطية، ويعتبر الحزب ملكية خاصة له ولعائلته وهذا كلام مرفوض بالنسبة لي كأحد المؤسسين الأوائل الذي يرفض أن يغيب عقله أو يستخدمه احد لمصالح خاصة.


إذا كنت لا تطمح لمنصب الرئيس وترى الحزب لا يعبر عن الآمال التي كنت تعلقها عليها.. ثم أن الكبار خرجوا كحيي الجمل وعلى السلمي وآخرين.. فلماذا تصر على البقاء؟
كلامك صحيح فيما يخص خروج شخصيات لها ثقلها، لكن بقائي مرهون بالإصلاح وتصحيح المسار وهو الأمل الذي أتمسك به، وإذا لم يحدث سأستقيل، لكنى على أي حال لا استسلم بسهولة.


باعتبارك رجل أعمال، قبل أن تكون سياسيا، كيف تقيم تجربة اقتحام رجال الأعمال لعالم السياسة، خاصة أنها باتت تأخذ شكل الظاهرة سواء على مستوى البرلمان أو الحكومة أو العمل الحزبي؟
أنا شخصيا غير موافق عليها، وثبت عمليا من الممارسات والأحداث أن دخول رجال البيزنس للسياسة مضر للغاية، لتشابك المصالح وتداخلها، واستغلال النفوذ في تحقيق مكتسبات أو إصدار تشريعات أو التهرب من المحاسبة.


وماذا عنك شخصيا؟
عندما قررت الدخول للبرلمان ابتعدت عن كل الأنشطة التجارية، واكتفيت بتكوين جمعية للتنمية في مسقط رأسي لعمل مشروعات للشباب.


وماذا عن الحديث عن تضخم ثرواتك أنت وعائلتك لتصل حسب بعض التقارير إلي قرابة العشرة مليارات خلال سنوات قليلة ورغم مصادرة أموال العائلة كلها في أوائل الثمانينات؟
إذا كانت الثروة بهذا الحجم، فمن حق الناس أن تتسأل. لكن هذا الرقم غير صحيح. ونحن نعمل في نظام لن يرحمنا إذا اكتشف تضخما في الثروة أو كسبا غير مشروع.


وماذا عن المشاريع السياحية الضخمة في سيناء، كما يتردد، وقيادة التطبيع السياحي والتجاري مع إسرائيل واستغلال الذكرى السنوية لوفاة السادات في استقبال السفير الإسرائيلي وتسهيل البيزنس الخاص بك؟
صحيح أني كنت شريكا في بعض المشاريع السياحية لكني خرجت منها، ولم أزر إسرائيل أو أتعامل مع شركة إسرائيلية، سواء داخل مصر أو خارجها، وأتحدى أن يثبت احد لقاءات بالسفير الإسرائيلي، وكلها حملات تشويه للتشكيك في نزاهتنا وفي معارضتنا للنظام.


لكن زميلك في البرلمان الصحافي مصطفي بكرى اتهمك صراحة بالتطبيع؟
إسرائيل وأمريكا سلعة يتاجر بها كثيرون، بالحق أو بالباطل وسط الجماهير، في حين أن خيانة الوطن يمكن أن تتم ليس فقط مع أمريكا وإسرائيل، وإنما مع ليبيا والعراق واليمن وسوريا.


من حقك أن تنفي تهمة الارتباط بإسرائيل، لكن ألا ترى أن ثمة علامة استفهام قد يطرحها كثيرون بشأن قيادتك حملة ضد إسرائيل، في حين أن عمك هو الذي فتح الباب للتطبيع؟
السادات وقع على اتفاقية من اجل استرداد ارض مصر، وليس من اجل بيزنس، ثم أننا لم نأخذ توكيل التطبيع مع إسرائيل، وكما قلت لك من قبل، لم نتاجر أو نزور أو نطبع مثل الآخرين الذين يتعاملون معهم في الغاز و quot; الكويز quot;. وإذا كانت quot; على رأسي بطحة quot; هل كنت أجرؤ على قيادة هذه الحملة، وهل كان الجانب المصري أو الإسرائيلي سيتركونني أم كانوا سيفضحونني؟ !.


استكمالا لفتح ملف مشاكلك مع الحكومة والمعارضة.. ماذا، أيضا، عن المشاكل العائلية التي تثار من وقت لآخر بينك أنت وشقيقك وبين أبناء السادات وزوجته، أو بالأحرى هل ثمة ما يبررها، غير اجتذاب الأضواء؟
أولا أود أن أؤكد أنني وشقيقي طلعت لا نثير مشاكل مع أي احد، وإنما نؤدي دورنا كنواب عن الشعب في المطالبة بحقه والتصدي للفساد، ولأننا لسنا من أحباء الحكومة ولا من المهللين لها يتم ترويج الاتهامات ضدنا عن طريق أتباعها أو منتسبين لها في المعارضة.
وبشأن الحديث عن الخلافات العائلية، فلا توجد، وما حدث كان مجرد سوء فهم أثناء حديث اخى عن شبهة قتل الرئيس السادات ومطالبته باستيضاح الحقيقة وما ترتب عليه من تعرضه للمحاكمة العسكرية، فيما لم يقف ابن عمه جمال في ظهره.


وماذا عن استنكار زوجة الرئيس السابق لتصرفاتكما واتهامها لكما باستغلال اسم السادات والإساءة إليه؟
اسم السادات نحمله ولا ندعيه، ونحافظ عليه. وطوال الوقت كنا خط الدفاع عن تاريخ السادات وواجهنا الحملات الشرسة من كل الكارهين للسادات ولم يتصد غيرنا لها.


بالمناسبة، هل ما زلت تؤمن بنهج السادات رغم أن كثيرين يحملونه مسئولية تردى الأوضاع الداخلية في مصر وإضعاف تأثيرها الخارجي المتواصلين حتى الآن؟
السادات أهم ما يميزه انه صاحب رؤية وقرار، لكن في التفاصيل وارد أن تكون ثمة أخطاء، لأنه ليس نبيا، وعلى الأقل كان لديه شجاعة القرار، خاصة قرارات الحرب والسلام والإصلاحات الاقتصادية، أما الآن فلا تدرى من يحكم مصر، وللأسف نعيش زمن مراكز القوى والاحتكار وتزاوج صارخ لرأس المال والسلطة.


وما هي، برأيك، أخطاء السادات؟
ربما تحامله على اليسار والناصريين، وفتح الباب للإسلاميين.


وماذا عن سياساته التي تشتكي الجماهير حتى الآن من حصادها المر من قبيل الانفتاح العشوائي وما تبعه من فساد اقتصادي واسع، إلي جانب قمع المعارضين وإلقائهم في السجن والشرخ العربي الكبير الذي تسبب فيه؟
لا يجب إنكار حقيقة أن بداية الانفتاح السياسي والاقتصادي والإعلامي يرجع الفضل فيه للسادات، والرجل ضحى بنفسه من اجل السلام واستقرار هذا الوطن. وان كانت قد جرت اعتقالات للبعض فكانت مؤقتة ومبررة من وجهة نظره وقتها. وهو كأي إنسان يخطئ ويصيب. ولا يمكن مقارنة الوضع أيام السادات بما هو عليه الآن، فالتجاوزات كانت طبيعية نظرا لكون المجتمع مغلق في الفكر والاقتصاد وانفتح فجأة، وما حدث لا يقارن بما نراه اليوم من إصرار الحكومة على تطبيق سياستها ولا مانع من عنف وقهر إذا اعترض البعض، وهو ما يجعلها مرفوضة شعبيا ومن ثم لا تستطيع أن تعيش لأيام دون قوانين استثنائية.

أخيرا، الم تفكر حال خروجك من حزب الجبهة الديمقراطية أن تدشن حزبا باسم السادات أو على مبادئه طالما تتحمس لأفكاره؟
منذ قرابة عشر سنوات حاولنا، لكن واجهنا رفضا، على أساس أن السادات هو الذي أسس الحزب الوطني الحاكم، وقيل لنا من يريد العمل على نهجه وإتباع سياسته فلديه الحزب الوطني، فرفضنا، لقناعتنا أن quot; الوطني quot; الذي أراده السادات غير الذي نراه الآن.


email: [email protected]