أنباء عن صراعات بين أجنحة في حكومة الظل المصرية
جمال مبارك يسعى إلى محاصرة الخلافات في لجنته الحزبية

نبيل شرف الدين من القاهرة: هل يمكن أن يضحي النظام الحاكم في مصر برجل الأعمال والقيادي الحزبي البارز أحمد عز، الذي يوصف بأنه الأكثر التصاقاً بنجل الرئيس المصري جمال مبارك؟، أم أن الأمر لن يصل إلى هذا الحد، خاصة وأن عز يشغل حزمة من المواقع المؤثرة، سواء في قيادة الحزب الوطني ( الحاكم ) أهمها أنه quot; أمين التنظيم quot;، أو داخل البرلمان كمحرك أساسي للأغلبية النيابية من أعضاء مجلس الشعب الموالين للحزب الحاكم .

هذا السؤال بات يطرح بشدة بعد أن تواترت أنباء وتسريبات حول وجود خلافات بين صفوف قيادات بالحزب والحكومة حرص الطرفان على نفيها في أكثر من مناسبة، كما تحدثت أيضاً عن صراعات بين أجنحة داخل دوائر النظام بعضها يقترح تقديم أحمد عز كقربان لتجميل صورة مبارك الابن، التي يرون أنه قد شابها ضرر نتيجة الاتهامات التي تلاحق أحمد عز المعروف بصلته الوثيقة بجمال وثقة الأخير به، بينما يرى آخرون أنه لابد من مساندة quot; الرجل الحديدي quot;، وهو اللقب الذي يطلق على أحمد عز باعتباره أكبر العاملين في حقل إنتاج حديد التسليح في الشرق الأوسط، ويواجه اتهامات من شتى وسائل الإعلام والصحف الفلسطينية بتورطه في quot;ممارسات احتكاريةquot; في هذا المضمار .

ولم يتوقف الحديث في مصر عن صراعات بين مجموعة رجال الأعمال الذين لمعوا في الشارع السياسي مع تنامي دور مبارك الابن منذ عام 2002، غير أن الجديد هذه المرة هو الحديث عن خلافات بين الجيل الجديد نفسه، وقد تسببت لقاءات إعلامية أدلى بها رجل الأعمال أحمد عز، في دعم تكهنات عما يجري داخل مجموعة الجيل الجديد، التي ينتمي إليها رجل الأعمال، وزير التجارة والصناعة، رشيد محمد رشيد.

ويرى عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، أن لجنة السياسات في الحزب الوطني (الحاكم)، يتمدد نفوذها بشكل واضح لا لبس فيه، ويمتد لحد يمكن وصفها معه بأنها تشكل quot;حكومة ظلquot;، موضحاً أنها quot;ليست حكومة ظل بالمفهوم البريطاني، ففي بريطانيا حكومة الظل هي حكومة المعارضة، أما في مصر فإن لجنة السياسات والمجلس الأعلى للسياسات هما الحكومة الفعليةquot;، على حد تعبيره .

جمال وعز
وفي هذا السياق عقد المجلس الأعلى للسياسات في الحزب الوطني اجتماعا برئاسة جمال مبارك، وذلك في أول اجتماع للهيئة الأكثر أهمية في الحزب بعد هذه التطورات، وقالت مصادر الحزب إنه quot;اجتماع تقليديquot;، ورأت أن هذا الاجتماع يؤكد تماسك بنية الحزب، والتفاهم بين قادة الحزب وحكومته، وذلك في سياق الرد على ما تردد خلال الأيام الماضية، وأشارت إلى أنه ناقش تقريراً عرضه جمال مبارك حول أداء أمانة السياسات التي يرأسها، فضلاً عن ترتيبات المؤتمر السنوي القادم للحزب المقرر عقده في الأسبوع الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل .

من جانبه أكد رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف، أن العلاقة بين الحكومة والحزب نضجت، نافياً وجود أي خلافات للحكومة مع غرفتي البرلمان (مجلسا الشعب والشورى)، في إشارة إلى ما تردد عن استقالة الوزير رشيد لخلافه مع النائب عز حول تعديل تشريعات بالبرلمان .

وما زاد الطين بلة هو ما أقدم عليه اللواء المتقاعد فاروق المقرحي الرئيس الأسبق لجهاز مكافحة جرائم الأموال العامة، إذ أدلى بتصريحات أعرب فيها عن رغبته في فضح جميع من تواطأوا مع أحمد عز من أجل أن يسهلوا له تكوين ثروات هائلة خلال سنوات معدودة .

كما عبر المقرحي عن امتعاضه بسبب ما اعتبره تناقضاً غير مفهوم في سلوك النظام، إذ يؤكد المسؤولون جديتهم في التصدي للفساد، بينما يسمحون لمن وصفهم بطائفة المحتكرين بأن تستولي على ثروات البلاد في الوقت الذي تعاني فيه قطاعات عريضة من المصريين من أزمات لا حصر لها على كافة الصعد .
وشن المقرحي هجوماً شرساً على رجل الأعمال والقيادي الحزبي أحمد عز ودعا اللواء السابق والنائب البرلماني كل من لديه مستندات تدين عز أو غيره ممن أسماهم quot;القطط السمانquot; بألا يترددوا في أن يقدموها للنائب العام من أجل التحقيق فيها .

وخلال الأيام القليلة الماضية قاد أحمد عز حملة إعلامية وأخرى إعلانية واسعة في الصحف والفضائيات المصرية، استهدفت ما وصفه بتصويب المعلومات المتداولة حول نشاطه السياسي والبرلماني والتجاري، وذلك على الرغم من أنه دأب على الإحجام عن الظهور في أي من وسائل الإعلام من قبل، لكنه وبسبب تصاعد الهجوم الذي تعرض له قرر الظهور في أكثر من برنامج تلفزيوني وأجرى عدة مقابلات صحافية للدفاع عن نفسه أخيراً، غير أن مراقبين يرون أن أزمة عز ألحقت الضرر بصورة جمال مبارك شعبياً، ولهذا فإنه ينبغي التضحية بعز، بينما يعارض آخرون هذا التوجه بشدة، على أساس أنه يبعث برسائل خاطئة للقواعد الحزبية في شتى أنحاء مصر بأن حزبهم سيتخلى عنهم في أول أزمة قد يواجهونها .