محللون يتحدثون عن مساع مستحيلة لرأب الصدع الفلسطيني:
قادة quot;حماسquot; يتوافدون إلى القاهرة لبحث التهدئة والمصالحة

نبيل شرف الدين من القاهرة: تشهد القاهرة مع مستهل هذا الأسبوع نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً، وصف بأنه يستهدف تثبيت وقف إطلاق النار، من خلال إقرار حزمة من الترتيبات الأمنية والسياسية في قطاع غزة، وفي هذا السياق فقد بدأ توافد ممثلي الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة، لعقد محادثات منفصلة مع رئيس المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان، وكبار مساعديه، بهدف إقناع قادة تلك الفصائل، وخاصة من حركة حماس، بالموافقة على عقد هدنة طويلة لوقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وعلمت quot; إيلاف quot; من دبلوماسيين غربيين يقيمون في القاهرة، أن التحضيرات تجري لعقد اجتماع خاص للجنة تضم ممثلين من مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، لبحث كيفية تنسيق الجهود لحسم قضية أنفاق التهريب الممتدة عبر الحدود المصرية الفلسطينية، وأشارت المصادر إلى أن الاجتماع ربما يعقد خلال الأيام القليلة المقبلة.

ولم تستبعد المصادر الدبلوماسية الغربية أن تصعد كل من حركة quot;حماسquot; وإسرائيل من سقف مطالبهما، في محاولة لحصد مكاسب سياسية لم يتمكن أي من الجانبين في حسمها خلال المواجهات العسكرية الدامية التي شهدها قطاع غزة على مدار ثلاثة أسابيع وراح ضحيتها الآلاف. أما على صعيد الترتيبات الأمنية والحدودية فقد نفت الخارجية المصرية أنباء نشرتها الصحف الإسرائيلية، وتحدثت فيها عن إبرام اتفاق مكتوب بين تل أبيب والقاهرة بشأن منع عمليات التهريب إلى قطاع غزة.

وحول مساعي إسرائيل لإبرام اتفاقات أو بلورة آليات مع دول أوروبية، على غرار الاتفاق الذي وقعته مؤخراً مع الولايات المتحدة لمنع تهريب السلاح إلى غزة، قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط quot;إن الأمر ليس غائباً عنا فإسرائيل تنشط للتأثير في الدول الغربية لتأمين الحدود البحرية، واستبعد أن تتأثر المياه الإقليمية المصرية بأي اتفاقيات مماثلةquot;.

الدور المصري

وبدا الدور المصري أمام امتحان بالغ الصعوبة، إزاء ما تصفه القاهرة بحالة التربص بدورها الإقليمي، خاصة المرتبط بالأوضاع في قطاع غزة التي تعد دائرة نفوذ تقليدية لمصر وترتبط بشدة بأمنها القومي، ويرى مراقبون أن مصر ربما لا تتمكن من البقاء كوسيط إقليمي وحيد وإن كان سجلها الطويل من النجاح على سبيل المثال في التوصل الى هدنة في غزة في حزيران (يونيو) الماضي دامت ستة أشهر سيبقيها على الأرجح ضمن أطراف اللعبة.

وفي هذا السياق يقول الدكتور عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية إنه ليس سراً أن هناك وسطاء اقليميين يسعون إلى انتهاز الفرصة لإفساد الجهود المصرية، ويضيف أن quot;قادة حماس قد يسعون سراً إلى وساطات من دول اخرى مثل قطر أو تركياquot;، غير أنه يستدرك مؤكداً أن من أبرز نقاط القوة التي تتمتع بها مصر كوسيط هو علاقاتها القوية مع كافة الأطراف، وسيطرتها على الحدود مع قطاع غزة، وهو ما يمنحها نفوذا لدى الجانبين، ويشير إلى أن المعضلة تتمثل في كيفية المواءمة بين مطالب الفلسطينيين بفتح الحدود أمام حركة النقل، ورغبة إسرائيل في فرض المزيد من الإجراءات لوقف ما تصفه بتهريب الأسلحة من الانفاق التي تمر عبر الحدود لقطاع غزة.

وتقول المحللة السياسية د. هاله مصطفى رئيس تحرير quot;مجلة الديمقراطيةquot; : quot;في المستقبل لن نرى دورا مطلقاً للاعب وحيد، سيكون هناك المزيد من الأدوار لعدد من اللاعبين الإقليميينquot;، وتعرب عن اعتقادها بأن quot;قادة حركة حماس سوف يواصلون التقاطر على مصر وسيواصلون الاستماع إلى المسؤولين المصريين، وسيستمرون في وضع شروط إضافية، لكن أعتقد انهم عندما يرغبون في التسوية سيفضلون لاعبا آخرquot;. وأنهت إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة من جانب واحد رغم الجهود المصرية للتوسط في وقف إطلاق النار، وجاء ذلك في أعقاب جولة مخيبة للآمال من المحادثات بين الفصائل الفلسطينية فشلت في تحقيق المصالحة بين الفصائل المتشاحنة العام الماضي.

تقديرات إسرائيلية

وفي موقعها الإلكتروني ذكرت صحيفة quot;هآرتسquot; أنه في حال ثبات وقف إطلاق النار مع حماس، فإن إسرائيل ستستأنف قريباً، الجهود الرامية إلى التوصل لصفقة تبادل يطلق فيها سراح الجندي جلعاد شاليتquot;، وأشارت إلى أن المحادثات التي أجراها رئيس الدائرة السياسية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، في مصر لأجل بلورة وقف إطلاق النار، تضمنت طلباً إسرائيلياً من القاهرة بالعمل على حل قضية شاليتquot;.

ووفقاً للصحيفة، فإن التقديرات الإسرائيلية الراهنة هي أن نتائج الحرب على غزة من شأنها، أن تحسن موقف المفاوض الإسرائيلي، غير أنه مع ذلك تتضاءل فرص تحقيق اختراق في الملف قبل الانتخابات المقبلة في إسرائيل. ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية قولها إن الثلاثية الأمنية والسياسية الإسرائيلية ''اولمرت، باراك، ليفني'' والمعروفة باسم ''الترويكا'' اقرت ما حمله عاموس جلعاد من ترتيبات أمنية جرى الاتفاق عليها مع مصر بهدف منع تهريب الاسلحة عبر سيناء والانفاق في منطقة رفح.

واضافت المصادر ذاتها أن قادة الأجهزة الامنية المختلفة حضروا اجتماع ''الترويكا'' الذي بحث اساسا في الاجراءات الفنية التي ستتخذها مصر لمنع التهريب، والتي بحثها جلعاد خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، حيث التقى عدداً من كبار المسؤولين على رأسهم مدير المخابرات المصرية. وقالت المصادر ان جلعاد بحث مع المصريين ضرورة نصب حواجز طرق في عمق صحراء سيناء بهدف تعقب وضبط شاحنات تحمل تجهيزات يحظر دخولها الى غزة.