شاعر سوري من مواليد :1969 خريج الدراسات والآداب المسرحية 1993 مخرج تلفزيوني، صحفي.. مقيم في دمشق، صدر له: "بلاغة المكان" شعر، 1994 "صمت"، شعر، 1999، "يستودع الإياب" شعر، 2000. قيد الطبع: "كراهية"، نص مسرحي. له من الممنوعات: "محض الكلام"، شعر، مجموعة ممنوعة من الطباعة بأمر الرقيب في اتحاد الكتاب العرب........!!!! وأيضا مجموعة أخرى تنام في الأدراج للأسباب السالفة عنوانها: "قتلة...!!!"

في الشعر
لم تكن القصيدة مدعاة فرح لأولئك الذين ماتوا بسيوف القتلة على مرّ التاريخ... و لم تكن طوق نجاة.... و بالتأكيد كانت وبالاً على أولئك الذين حلموا بإعادة بناء العالم الذي خربه الحواة.... القصيدة في هذا الزمن هي صورة النقمة التي تلحق بي و أنا أعيد قراءة الماضي منذ الجد الذي غادر عالمه الأولي طفلاً رضيعاً فنال الأسم السحري في المعنى و خسر طفولته في القلق الأبدي.... و قد يحدث أن أفكر بالمعنى المريب للأسم فأعيد صياغة الرهاب من جمال مغفّلٍ يحاول الأخرون إلحاقه بالقصيدة...!! من هنا لا قصيدة فرح لدي و لا قصيدة جمال... و ربما لا قصيدة معنى.. وأعود لأقفز إلى قلقي من أولئك و هؤلاء ممن يعربشون على سلم المعاني اللزجة للشعر المسلفن.... كيف ترون كل هذا الجمال وأعينكم مدماة حد الفجيعة.....؟؟ هل أستعرتم من الحواة بعض وجوهكم أم هي قصائدكم كما هي..... لعبة أخرى من ألعاب الزمن الجديد.....
القصيدة لدي ليست سوى خراب الحياة............

من نصوص بلاغة المكان - 1994
مقبرة الدحداح

وكأنها الجدرانُ تجملتْ بحزنكَ وألفٍ من الشواهد الآيبة..
وانقضت الفسحة خلف انصلاب الجسدِ مرفأً نهشتهُ الريحُ والزفراتُ التي تخصُ الأمس إذ يتبادلُ والفراغ الأدوارَ في الذاكرة..
يتليان الأوراقَ والبرهان..!
منذ متى وأنتَ لا تحتملُ كونكَ أنتَ الذي سرتَ كالمسيح في الشارع الآخر واختمرتَ في الحزنِ وشردتَ في آنية الصخرِ وفي الانطباق اللانهائي لمعاني اللغة..؟
وتطلبُ الخروجَ، تدعوني إليك..
صحوةٌ للزهر، موتٌ للجناز..
لا أبلغُ الوصلَ فتبكي على فشلي وتنحو إلى العدم..
والملمُ أطرافَ وجهِكَ، ترتجُ في أفقِ المرايا، ويتقنُ صنعها انتحار الزجاج
كان بيننا أزلُ الحكايةِ ونتفٌ مما يرويه العاشقُ
وأنامُ لأنسى أني انتظرُكَ منذ العهود الأولى للخديعةِ
أنام ها هنا في سريةِ الحقيقةِ والبلاهةِ..
في الترابِ أنتَ
وعندَ السور المنكسرِ أنا
رداءٌ أحمرٌ علق بالشاهدةِ
أمسحُ به تلويحةَ اقترابي منكَ
وجوازَ عدم المعرفةْ..!


الدويلعة 1

وللأعمدة تصالبُ الأضواء ها هنا، أنينُ الميتين والضجيج.
تبدلَ المناخُ ما بين طفلٍ يزرعُ السكين في تفاصيل غصنٍ يضيع وحبٍ يطبقُ درفتيهِ على جدرانٍ تحوي الشارع الضاجَ والعربات المحملة بانتحال الصفات..!
مضى في غير وقتٍ كُلُ حلمٍ ضاجعَ الطفولةَ وتركَ خلفه شقوةً وسجن..
ماتَ وراء النفقِ ومرَّ بين ضفتين من الصلبان
وكان ثمة منحنى للجملِ المقولة على عَجَلٍ:
"للروح أفقٌ هو السماء، وللجسدِ الفراغ والظلمة..!"
وفي هاتيكَ البرهةِ لم تأتِ الآخرة..
عجزتْ الكنائس عنها، فزعتْ ومالتْ الأغصانُ كما الاتجاهات..
وقلتِ عن التقاطع أنه الملاذُ، نُحِتَ من الخشب وغطاه الطين.. لها وله
الأعمدة الضوئية العابرة على طريق المطار
والتقاطع الخرافي للدويلعة وطريق جرمانا
طفلٌ عصا والديه في يوم القيامةِ
وأنجزَ ما لديهِ من مهماتْ..!
الدويلعة 2
وهناك في خزان حقائق هذا الوقت خبزُ الأمسياتِ البهيةِ الناضجةْ..
وأيضاً صور احتراق بلاغتنا في طور اللحى والعادة السريةِ والقلق..
يلجُ الآخر كل الحب ويتركُ كُلَ القولِ لديك..
ماذا يجمع في حبه من أحكام..
هل ينطبقُ العُرفُ عليه..
يتعدى المكان والزمان..
كانت له الخوالي من الحارات
ويترك إذ يستذكرُ كُلَ الحقول التي أمستْ ظلالاً للبيوتْ..
منذ التقاطع حسمَ بالعينين الامتداد،
جرى صوب الغوطة وعند الجامع ركعَ، قال لك:...
واستجمعتَ كل الرفاقِ ذات صبحٍ
وشهدتم جميعاً على حقيقة الوقت مما لفظه العذاب،
وأبقيتَ على الوصل غائماً في الأسلاك..
أيُ خبزٍ هذا الذي به تغصُ ويحرقكَ اللسان من اللهيب كما في الأولِ من التاريخ..
كانت عادتكَ السرية حباً كالأغنيةِ، وامتداد شعر ذقنِكَ إلى الكنائسِ والغبارْ..
عشتَ، لك هذه الأبعاد
وكُلَ الأغراض..!
من مجموعة صمت - 1999

BALLADES
قرب الستار
الى علي
1
من مثله..؟
انشداد قامتك بقدومك المختال
ملامحك المتحفزة للشجار..؟
المتروك للمعصية أمام المسرحِ
الممثلون يفارقون لديه الأقنعةَ تنهشُ مشهده
لوح الزجاج
حيث تبتسمين
في الالتماعة يحتضنُ عينيه
يُغويها لتستمر في انكسار اللعبة قرب الضوء و الحواف
قبل خشبةٍ كنتِ هنا
بعد ستارٍ
في مكانٍ ما تمارسين الحكاية ذاتها
تبدلين الممثلين
رسم الحركةِ
حتى الملاءاتْ
وتبقين على أُولى الغواياتِ
أفل انتظاره منذ زمنٍ لا يُحدُ
الى مواعيده الفوضى المنتثرة و الأجساد دون الوجوه
كلاكما في اللعبة ذاتها
يسردكما الوقتُ
تنسيان التحيةَ
قبل الستار و بعد الظلام..!!
2
قفزت صغيرتُك فوق دوائر الأرصفة
عالقةً
تنتظرُ انسيابكِ
إثر المقامات إليه..
هدأ الإوار اللجوج للتلف
انتُزِعَتْ تفاصيله في الكلام إسوةً بالعابرين قرب بوابة الرغبات
بانتظار عربةٍ غير محايدةٍ
ذاهبةٍ الى الرماد..
الغوايةُ الحمقاءُ واقفةٌ
الصغيرةُ تُنسى
والعائلةُ إجاباتٌ مخاتلةٌ كمحض الأسئلةِ
قفزت معه
و كان يقصدك
بينما في انتشاءٍ قاتلٍ تنسين الحالات
كم هي متناقضة..!

3
الصديق الملول يبحث عن أقرب تهمةٍ يلصقها على جدارك
بينما تهملك الأفعال و الحبكات
فتتحددين موازيةً لإتجاه السرد
إذا يلملمك بعد الحطام
ناظرتِ حالات المكان
بين فراغ المقاعد
وامتلاء الخشبة بالمشهد المحذوف
قطع الأثاث علقّها الهواء
محض حضوركِ دون التفاصيل
قلتِ شيئاً ثم ارتجلتِ انحدارك الى الغيب
كيف تُسْتعَادين بغتةً
لتسويد البياض..؟
تفرقتِِ مطليةً بالتهم العجولة
نحو العقاب
وتبعثر كل الصوتِ حين خرجت من التمارين الأخيرة لعبث
الموت بخطواتٍٍ تستقيم
ولا تنتهي..
كنتِ هنا
وهناك تحضرين !
4
مباغتةً كسقوط أقمارٍ في تلقاء عين
دخلت الزاوية قرب سواد الستارةٍ العمياء
والضوء..
المتفرجون ثملوا بالصيحات..
صمتٌ خفيٌ فتنكِ في إهاب الضجيج
واقْتُرِحَ الدخولُ..
تبدل إحساس المرايا بكِ
من سكون جسدك
الى اقتحام الطيف عزلتك
بجماجم من انتظار ينخره التراب
خرجت على نص الهدايةِ
استبد بك الألق..
التصفيق ينزعُ سدادة الرزانة المدعاة
يفور الحضور
ويغطونك كشالٍ يسقط
تموتُ فيه غرائز الفقاعات
رويداً رويداً
بين أنفاسي المتضائلة واحتقان الوجيب
يحيضُ دخولُكِ
ولا يعقبه الخروج !
5
خرج الجمهورُ
وبسرعة موتٍٍ جاثمٍ في الكلام
مسحتِ ملامحك الأخيرة
والألوان بيننا..


على درج الصالةِ كان الملاكْ ينتظركِ
في الممر نحو الباب
وأيضاً قرب مدخل المسرح
وفي العربة التنتظر الحلولَ..
وبعدُ لم تخرجي
همسٌ حكيمٌ نازعَ الصمتَ حضورَ الحالات الباقية..
جنحتِ الغوايةُ عن سرب المعجبين..
وفي مكانٍ ما بقيتِ
يرددكِ الصدى دون أصله في الظلام
وبترهُّلٍٍ مقيتٍ للحكايات..
الإياب و ما يجلبُهُ
سعادةٌ وحزنٌ مُبيتانِ في الضَياع !

6
ممسكٌ بيدكِ الهواءُ
في شارعٍ يبوح الامتدادَ فخاخاً
لا تحيدُ عن أخطائكِ في الظلام..
قدماك في المسير
والجدران لا تردُ إلا بوقع انكسار
كنتِ تقيمين في أمكنةٍ زائلةٍ
- لا تستعيدها الذاكرة التتيح حرقة الأشياء-
و تسهرين في أغنيات النَوَرِ اليعبرون انتحار
المدينة..
الودُ اليستغرب العتمةَِ
سؤالُكِ
افراغُكِ ما بكِ على مربعات يخلخلها الشتاء
والغبار..
انكفأتِ تبحثين زاويةً
تتقنين فيها الدفاع..
عزلاء
إلا من حرقتكِ تنتهي الليلةُ
كصلد حجارةٍ
تقعُ في البئر
ويصدمها
جريان المياه..!
7
جفلتِ
واهتز غصن اقتراح القلب
يأتي الزمان بما ليس يصنعه..
تنحدر الأصابع على ابيضاض الثلج
وتأتي شوارع حارةٌ
كالهجير..
قيل لـكِ الانحناءُ
رفضُكِ الخروج على بساط الصراخ..
انتهيتِ
وباغتكِ الفراغُ
بالقطيعةِ و الفضيحةِ
قبل الملامة و المهادنة..
لديك الحنين الى حروب عتيقةٍ
سردُ حكايةٍ
لا يفهمه أحد
تلاشٍ
وانسدالٌ
يقاومان تفاصيل المشهدِ
ويأخذانكِ للحوار !

8
العصيانُ يرمي ليلتـكِ الأخيرة
بحجرٍ تصيبكِ بالحرب
ويدمُركِ..
فيرثيكِ الأثاث المتروك
بعد مرور الأصابع
في الظلام
الثيابُ التي لبستِ والظلَّ
في تبادل الأدوار
كلُّ ما في السابقِ
من هذا الحوار..
يحبُّك المضيُ، هذا الليل
ويؤلمه تمزقُ القميصِ
العالقِ في يسار الكواليسِِ..
الممثلون يتدافعون الى منافيهم
محفوفين بكِ..
ليس لديك أحدٌ
وتنسين بين زاوية السواد و الضوء
حيث القبول
الغفران
الاعتراف
الخطايا
والسقوط
بقايا الظـلِ
كان صاحبُهُ هنا
وغاب قبل سقوط العتمةِ
في المشهد الأخير.

دمشق
1/ 1995

من مجموعة يستودع الإياب- 2000
مجاذبات الصدى
بعينين تدمنان انقلابَ الزجاج
انشقاقاً باتجاه لمعته،
جروحاً تخص المناداة،
احتضارها في ظلال مكانٍ
يتعثر بانعتاقه..
يقلقني احتمال صلب أوصاف رؤيتكِ
حين بعضُك تهدج الصوت،
والبقية حراك جامدٌ فيه،
يسكب احتواء الشريان الأخير قبل الانقطاع..
ركنَكِ القصيَ / تدافعَكِ البغي / انتباذَ ما حملتِ
رغاباً لجوجاً لاستعادة الوجد
طفحتِ وسلتِ خبب الخيول التجمحُ انصهار
القرب
كائنةٌ، وتختلطين موتاً يأخذ الوقعَ
بث حروفٍ تفرغ الحملَ امتداد أكفانٍ رقّعها
الاشتهاءُ..!
الصوتُ يسردُ وجوهاً مرتّدةً إلى ارتعاش
خشبةِ الوقتِ / زفيرِ الشيب / إغماضِ طفولةٍ
مثقوبةٍ بالهدوء..
تبدل.. ليلمس اختلال ميزان اتفاقنا، إذ قرارُ
صرخةِ الشروخ بلحظ الجدار
لوحات.. مساند تزركش انشداد
ظهرين طاولةً عالقةً دون أقدامٍ
فراغاً حتمياً لبلاغةٍ ينهبها الرواة..
محض مخلوقات مبتناةٍ بهندسةِ الحطام..
تماثيل مهشمةٌ في متحف الأضداد الصريحةِ
بين أسماء اللقى والكنايات المستولدةِ
كالعروش..
من هل كان لهم أن يأتوكِ وأنتِ تصعدين المخبوءَ وما لستِ تعرفين بأحمال الطيور قبل إزكام الصحراء بالبارود والتفسخ والسواد..؟
كان سرداً وكان الكلام المحصيُّ معهم يثقل انحسارك إلى امتدادٍ لا بدَ منه، لتبلغي عتبةً ثانية بعد انعطاف الوجد نحو الهلام..
يا لملح تعبك حين يغتال بوحَكِ فتسترسلين إلى مدنٍ أقلّ طهارةً من قبور شعراءَ أحبوا الملاءات وراء عينيك فمضوا:
أخذَ الموتُ معهـم كل سطرٍ كـُتـِبْ
تفكك القول بالفواصل حتى سُلِبْ
من موتهم يعيدون إليكِ ما جئتِ إليهم به، إذ ترفضين استرداد الغواية الأولى، كما لو عزة نفسٍ تهاوت من محل استمرائه الذلَّ، نهشُ عواطف الشجر على اغصان الوداد..
يأتونك من حيث لا يدريهم الوضوحُ حين، بعد قليل، يفتح باب الشجون الأقل ايلاماً ولن تكوني إذ يرتج بعد الانغلاق، وليعاود الصدور الصدى، طفحُ ألمٍ ساكنٍ في ذرى الحكايات التي تدخلين..
وجهك المحايد يقعي، والسواد حول محراب الذنوبِ غارقٌ في مراقبةِ الظلال الموحشةِ، أفلَ سؤالُكِ، انتهى دوره في انحناءة المختال بانحناء العبارة تلو المقامات المتكسرةِ بفعل الخيال:
- ألا ترمي زجاج ألوانكَ لتمضي بنهدات الملامة لتدعوني شكلاً جديداً لنسغك..!
أكونُ مشغولاً بكِ عني، لايراودني الصوت، أتفتت، يتقاسمني الحضور أنجز الهدوء، أطلب لمس المجرد من تفاصيل التضاريس مما يرويه الرواة:
كان في أقصى مصائرِهِ يحاججُ،
يذرُ بعد الروحِ رمادَ فتنتِهِ،
وفي دمعٍ لا يُرى يزاوجَ الحالاتِ المسبوقةَ بكآبة الأبعاد،
يطير منه قداسٌ مبهمٌ ليس يبقيه بين أهوائه إلا انحدارَ الاستغاثةِ حين تصلُ الحبَّ بامتحان الوقتِ وتلوّنِ الظل والوهاد..!!
ماذا بقي منك بعد الستار؟
جسدُ الصوت حين يناديكِ الترابُ بعد انفصامِكِ الأزليِّ صوبَ أقمارٍ متآكلةٍ عرّشتْ بطحلب الرجل القديم..
خسارةُ الأرض حين لمّتكِ بغية حالات الإيجاز والمدِّ بعد هطل السواد..
شائكةٌ بكِ، ملتفةٌ على دورانكِ المتحشرج بين الطفولةِ والرماد.. تنتظر اليد العابرة إلى المهجة لتقتص لميّتٍ فاحت صرخاتُ بنيّه في الأجلِ وفي القصائد الناجزة لماضيه، ببهاءِ اتقاد العزلة الأولى بعد افتضاض البكارة والحكاية، وخذلان راويها بحالات الارتخاء والصمت..!
واسعٌ طيف الحراك المر في حلق الصدى
ضيّقٌ صدر أحلام المريدين..
وبك اختناقُ الغلمةِ قبل صمت القبور..
و/ ما زال في المنفى/
خرج من مسار طَرَقَاتِه كما لو باح بالضوء
البعيد،
يخال الرّجعَ غوايةَ المواثيق المتحامقةِ..
يجاوز البداية إذ تسيلين، فيغوصُ البعيدَ إنشادَ
أُفقٍ مُستبدٍ في قيعانٍ مُخلخلةِ الوجيب..!
تبدل الحزن فيه هذا المُختلج بِهِ
إنكارُ ما بعدَ البدايةِ،
فلما يُصغى إليه..
ولا يموت..!!؟

1-15/1/1995
قصائد جديدة - 2002

شمس في الطريق
إلى زويا
الضوء المنبسط كيقين.. العتمة المنسدلة كخجل.. ابتسامتك المتوارية لا تفصح عن أسبابها فأذكر الثلج حينما لم تكن بعد هذي الحبوب سنابل
و كن النساء يحملن الحكايات مشويةً.. مدراةً.. و ربما مطحونة ً في
طواحين الخفاء..
شمس بلا قمح ٍ و أقف عند حدود لوحتك المحببة..
و يحدث ربما أن أغيب في اهتزاز سنبلتين اثرَ زفيرِ أحد ٍ ما
و ربما في القش المصّفر كغروب..

... ...
هناك في المنعطف ذاته وقد نلمه محطماً فلا ينفع أحداً للمواربة و بلا قدرةٍ على الالتفاف حوله.. البذرة تندلع بأشيائك المرمية و تلد ورداً لا نراه..قد
يحمل سمة الأشكال غير المعرّفة.. لكنه يستدير على هيكل المنعطف ويفلت بيننا الطيور التي لاتقوى على الارتطام بقلبينا و لا ترقى لصور أطفالٍ مازحناهم معاً و قبل أن نستدير إلى شكل أفواهنا قذفونا بالحجارة فأعدنا الصراخ المنسيَ في المثلثات الخارجة من هندسة الحطام..
و قد نحسن ارتجال التعاويذ فنصمت معاً و نتكلم معاً الى أخر الألم..
وتجول في الأشياء تذكارات النساء اللواتي هجرننا قرب المنعطف.. هذا الذي يفكك تاريخ الخيبة كله و يستقيم فينا كرمح..
في مربع أشكالك السرية نتبادل المرايا و الوجوه..
و في البداية و النهاية من كل ما مضى و ما سيأتي و قبل أن أضع الورود في مكانها ستتهمني بالإفتعال و بأني أبني هندسة ً شعريةً ً منقاةً و بأني قد خسرت الحياة..
و حالما تنتهي انحدر إلى ضفة النهر لعلي أرى وجهاً في ماء المدينة الضحل.. ولا أرى سوى ما مضى.. ربما الورود التي تحدثنا عنها معاً وربما هي التي نستند لها في مشهدٍ في منعطف.. في مدينة بعيدةٍ على حواف حقل حنطةٍ على أهبة انكفاء لم يبق فيه سوى بضعة أغراضٍ تولد فيها معانيك..!!
شبح
الىجهاد مرةً أخرى..
و كأنما فرّ من زيتونهم شبحٌ
يجول في مرايا لموتى قرب استدارةٍ
لا تتوقفُ
قد يحمل في جنباته منجل الحقلِ، محض زيتٍ
ثقيلٍ بأوزارٍ مطهمةٍ
تجول بدورها لتنعش الصورة المعادة عند الحواف
من كل بيت هدمته الطائرات..
ها قرب كلِ دمٍ نشفت حكايا وجده أو نبضات
تاريخه المسفوح سيشعل شمعاً بلا شمعٍ
يضيء جنة مهجورةً في العتمةِ
أو كلماتٍ في نصوص من ذهبت بأعينهم التماعات
الرصاص حينما نهش الطغاة الحتف المسمى و تلمضوا..
و قد يولد من بقايا رماد الحكايا موتٌ جديدٌ لاتدريه طقوس الكتبة أو المعاجم
أو الجرائد و حتى ألسنة الحكماء و احتمالات الحواة..
شبحٌ بخضرةِ عفنٍ لذيذٍ..
سيأتي من حقل زيتونٍ
هجرناهُ..
لنمر على معصرة ِ أرواحٍ.. نلدُ الدمَ
في شرايين أشجارٍ..
هوت ذات ليلة.. و تنتظر القطاف..!
أيقونات لم يرسمها *أندريه روبلوف
إلى أيامهم
الأيقونة الأولى :
هي ذي عيون تشارف أرواحاً بنظراتٍ منكسرةٍ
و الصورة ليست وحدها..
فيهما تأريخ عائلة كاملة...
ارتجافة الأب.. ثم اغماضة قلبه.. و الحديد اليلاصق الحديد..
الروح و الحقل المستباح.. الزيتونة المجرّفة .. حرائقها الملصقة كأغصان
وقد يخرج سهماً من كل ما يرى.. أو لنقل من كل ما جرى..
العيون ذاتها..و الرأس المشتعل كما لو أنه في ساعة برّيةٍ من صناعة الأوهام..
رغبتي وحدها بلا ألوان..
حينما ليس لي سوى الموت و اغماض العينين على الحاجز..
قبل العبور من فجوات التلال.
الأيقونة الثانية :
لا لن نغلق الباب على العابرين من عتبات اللحن القديم..
حينما يرمون بالأحجيات على كهنةٍ يستعملون الزيت في صناعة خيالنا..
ههنا لما نعثرعلى دربٍ يقود عصاتنا إلى المعبد حيث تعويذة أخرى و مجدٌ اقل من روايته على مسمع العازف العجوز..
الباب مشرعٌ على فوهتك الغريبة..
شكل الحديد مقصوصٌ بشكل الارتباك
و أنت المقعر في تاريخ الخراب..
الصورة وحدها من ينفع روحك حينما ستلحق بالعابرين..
صورة قرب " دلف"..
و ربما تكون هي العباب قبل الوصول إلى المنصة الغائرة..

الأيقونة الثالثة:
وحدنا الآن.. ربما و بيدٍ مقصوصة الأصابع و دون أخرى ترحب بآمالنا..
سنعود بنا إلى الناصرة..
قد نقف في الطرق ذات الحتف الأكيد..
لنمر على غارٍ مهدم ٍ بفعل الوطأة.. و حينما نتسرب إلى ماتراه أحلامنا نجول على غير هدىً في الزلازل والجحيم..
يالصورة مريمَ
تلدين الله ليقتله اللصوص و نبكيه نحن في الغار المغلق على الأقل من بصيص نورك
يا أمنا كيف نرسم الوجوه الغائبة في الظلام..؟
يا دعة.. يامسالمة.. ياابتهال.. يا يقين..
منذ الآن لن يكون لون و لن تكون روحٌ عالقة في المحض..
و ربما بعد قليل سنتقاسم الحطام المفتت، وبذا سنأتي بلا صورٍ يقترحها الشعر :
" العذراء وحدها..
بلا ضوء البلهاء..
ستنير بدمعها الزيت
ما أخذته القنبلة.. "
الأيقونة الرابعة :
هي لوحة لا يراها أحد و لما تعرض على لجنة الحرب ليعرف الرسام ما ينقصها من ألوان..
وحده الحديد من يرسم حدود الوهم لمن يرى..
أفقٌ مشققٌ كجدار..فوّهة ألم ٍ مقسمةٍ على وجه امرأةٍ..
جغرافيا تطوى..
تراكم التراب على أرضها المشدودة ككفنٍ، وليس ثمة من يبعثر الصور أو يفرقها في أحافير الكلام..
وحيدةٌ ثياب العائلة.. نخرجها من بين أعيننا ممزقةً.. و في الحل والترحال من احتمال ما يريده الرسام يراها مزقاً ملونةً من قبل أن تسمل العينين حرابٌ تخفت في نشرة الأخبار.. و قد عاجلت ريشة الروح
خرائب لا تصلح لأن تكون طللاً.. و يختفي فيها دمُ الموتى و قد يتعثر في الخيوط المنسلة طفلٌ لعب بالذاكرة هنا ثم مضى.. ربما خلع ملابسه وعلقها على جدار تهدم بفعل البكاء.. لا برؤيا المساحات التي تنهب ُ..
ههنا ثمة يدٌ مقصوصةٌ و منسيةٌ في برد النص و الكلمات المتحشرجة.. وقد يلمع في أصبعٍ ضوء يتناها إلى عين الرسام و هي تجول تبحث عما تركته المرأة من وصايا تحتوي إلتماعات المشهد دون رتوشها..!