لندن- ايلاف: قال السيناتور الاميركي جورج ميتشيل رئيس لجنة تقصي الحقائق في الاراضي الفلسطينية ان النزاع في الشرق الاوسط بين الفلسطينيين والاسرائليين لن يحل الا "بالتنازلات السياسية المؤلمة" من الطرفين.
السناتور ميتشل في مكاتب ايلاف (تصوير صموئيل شمعون)
&
واعتبر ميتشيل في مقابلة اجرتها معه "ايلاف" ان الوصول الى حل في الشرق الاوسط هو بالنسبة للطرفين "اهون الشرين"، لكنه شدد على ان ذلك وحده هو الكفيل بان :"ينهي النزاع عبر مفاوضات يتخللها تنازلات سياسية مؤلمة، لكن الاحتمال الاكثر ايلاما هو اجترار النزاع المتمثل في استمراره الى ما لا نهاية"
وروى السيناتور الاميركي الذي اعلن اتفاق الجمعة العظيمة بين الفرقاء في ايرلندا الشمالية مبعوثا من الرئيس الاميركي ان مما استوقفه في زيارته الاخيرة للشرق الاوسط "ما سمعته من شارون وعرفات اذ قالا لي بعبارة تكاد تكون متطابقة بأن حياة شعبيهما اصبحت لا تطاق من جراء هذا الصراع واعربا عن املهما في استئناف مفاوضات تضعهما في الطريق الصحيح نحو تسوية نهائية لهذا الصراع".
وجرى الحوار مع ميتشيل في لندن حيث حاوره في المرة الاولى مجموعة من ابرز الصحافيين العرب والاجانب، ثم زار مقر "ايلاف" في اليوم التالي واجاب على بعض اسئلة قراء ندوة ايلاف.
وسئل ميتشيل عن تقريره الذي لم يوجه اللوم الى جهة في الاحداث الاخيرة فقال:"إعتقادي هو ان تقريرا يتبنى مقاربة توجيه اصابع اللوم لن يسهم في إيجاد حل للازمة ...بل سيضيف لها تعقيدات هي في غنى عنها".
ورد على سؤال :هل يعتقد ان الفلسطينيين باتوا في وضع اكثر حرجا مما كانوا عليه بوصول شارون الى الحكم؟ أجاب السياسي الاميركي صاحب التقرير الشهير بالقول "دعني اخبرك بان كل خوف يخالج احد طرفي النزاع يقابله خوف مماثل لدى الطرف الآخر".
نشير الى ان اللجنة التي رأسها السيناتور ميتشل لتقصي الحقائق في الاراضي الفلسطينية تشكلت مباشرة بعد فشل قمة شرم الشيخ في إحتواء التصعيد الامني والمواجهات العسكرية بين الفلسطينين والجيش الاسرائيلي، وإحدى المهام الاساسية التي إضطلعت بها لجنة ميتشل كانت تقصي الحقائق على اراضي السلطة الفلسطينية ، وإعداد مقترحات تسهم في الخروج من ازمة الشرق الاوسط، ومن ثم رفع تقرير بشأنها الى الرئيس الامريكي وهيئة الامم المتحدة.
وانجز السيناتور ميتشيل التقرير في 30 نيسان- ابريل أي قبل شهرين من تاريخ إنقضاء الفترة التي حددها للجنة الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون لاسباب يكشف عنها النقاب لاول مرة.
وفيما يلي نص الحوار :
الصحافي امير طاهري سأل السيناتور ميتشل الذي عمل في منطقتي نزاع متوترتين في العالم هي ايرلندا الشمالية اضافة الى الشرق الاوسط ، من خلال تجربتيك، اي الحالتين اصعب؟
ميتشيل: ثمة بالتأكيد نقاط مشتركة ظاهرية وان لم تصل الى حد التطابق، وبالتالي فان عقد مقارنة بين الحالتين لا تنطوي على فائدة وطرحها لن يفضي الى نتيجة .
كلا الحالتين بالغ الصعوبة والاسباب تختلف من حالة الى أخرى بالنحو الذي يتعذر اخضاعهما لمقياس يوضح ايهما كان الاكثر صعوبة بشكل فعال.

طاهري:
غير ان كلا الحالتين تندرجان ضمن قائمة النزاعات الاكثر تعذرا للحل في العالم ...
ايهما في رأيك الاقرب للحل خلال السنوات العشر المقبلة
لا يوجد نزاع يتعذر فضه، فالنزاعات يخلقها البشر ويدميها البشر وامكانية ايجاد تسوية لها هي في ايدي هؤلاء البشر انفسهم. في التحليل الاخير للمسألة الاساسية الوصول الى حل اهون الشرين وهو ينهي النزاع عبر مفاوضات يتخللها تنازلات سياسية مؤلمة، لكن الاحتمال الاكثر ايلاما هو اجترار النزاع المتمثل في استمراره الى ما لا نهاية.
في زيارتي الاخيرة الى المنطقة استوقفني ما سمعته من شارون وعرفات اذ قالا لي بعبارة تكاد تكون متطابقة بأن حياة شعبيهما اصبحت لا تطاق من جراء هذا الصراع واعربا عن املهما في استئناف مفاوضات تضعهما في الطريق الصحيح نحو تسوية نهائية لهذا الصراع.
بالنسبة لايرلندا الشمالية، ربما لا يتيح لنا الوقت فرصة للحديث عن كافة الجوانب التي احاطت بتاريخ النزاع في ايرلندا الشمالية او اطلاق اي احكام بشأنها ولكن المحفز الاساسي الذي دفع اطراف النزاع للتوصل الى اتفاق انهى النزاع بينهما في نيسان (ابريل) 1998 كان وصول المجتمع الايرلندي الى حافة اليأس وهي حالة لا يعرفها الا من اثخنته جراح الحروب وانكوى بنارها كما هو الحال مع شعب ايرلندا الشمالية الذي عانى على مدى ثلاثين سنة متواصلة فنالوا اكثر من قسطهم من الحروب، حتى تعذر عليهم ان ينعموا بالحد الادنى من الاستقرار وبالتالي كان التوصل الى تسوية سياسية عبر تنازلات مؤلمة للطرفين اهون من مواصلة الصراع.
الاخبار التي تناقلتها وسائل الاعلام عما يدور هناك تثبت بما لا يرقى اليه شك ان الخلافات التي اججت الصراع في شمال ايرلندا لم تختف بمجرد التوقيع على اتفاق، مما يؤكد انه اذا كانت عملية التوصل الى اتفاقات عملية تكتنفها صعوبات جمة فان تطبيق ما تم التوصل اليه في الاتفاق هو اكثر صعوبة.
الخلافات ستستمر ولكن صيغ التعبير عنها تأخذ اشكالا مغايرة تقل فيها درجات الصدام
وبالرغم من التواترات التي تشهدها ايرلندا الشمالية فليس هناك ميلا جارفا للعودة الى الصراع على الطريقة الدموية التي كان يدار بها الوضع، باستثناء قلة قليلة.
شخصيا اؤمن بان هناك اجواء مما ثلة ستعود في الشرق الاوسط وهذا تحديدا ما اصبو لتلمسه في اقرب وقت ممكن حتى نتفادى اراقة مزيدا من الدماء ونضع حدا للدمار الذي يلحقه هذا النزاع بالمجتمعين الفلسطيني والاسرائيلي.

طاهري: هل لمست قدرا مماثلا من اليأس في هذا الصراع في زيارتك للشرق الاوسط؟
امضيت نحو خمس سنوات جيئة وذهابا في ايرلندا الشمالية. الزيارات التي قمت بها الى الشرق الاوسط اقل من حيث العدد. وتبعا لذلك فالفترات الزمنية التي امضيتها هناك اقل. وبحكم ان طبيعة النزاع بالغة التوتر في الشرق الاوسط مقارنة بايرلندا الشمالية فان حرية التنقل فيها ضئيلة للغاية فضلا عن ان التوقعات التي احاطت بمهمتنا فرضت ايقاعا اسرع حال دون التقائي بذات الاعداد الكبيرة من الناس في الشرق الاوسط ، كما فعلت اثناء القيام بمهمتي في ايرلندا الشمالية حيث وضعتني هذه اللقاءات في تماسٍ مع الشرائح المكونة للمجتمع الايرلندي وبطبيعة الحال توفر لقاءات من هذا النوع يسمح بالتواصل مع الناس وتكوين احساس عميق بمعاناتهم وهو ما يساعد شخصا مثلي على تفهم افضل للازمة. وطالما لم تتوفر فرصة مماثلة في الزيارات التي قامت بها اللجنة التي ارأسها، فسيكون من الصعوبة بمكان ان آتي بجواب يعتمد صيغة المقارنة
طاهري
هل تعتقد ايضا ان اتفاق وقف اطلاق النار الذي توصل اليه الطرفان عبر وساطة تينيت قد حقق نجاحا؟

من الواضح انها لم تؤت ثمارها. الكل يعرف ذلك. حتى وان شهدت الايام التي اعقبت الاتفاق انخفاضا ملحوظا في اعمال العنف بين الطرفين، ثم استؤنفت بنحو غير محدد وغير مقبول اطلاقا.
في تقريرنا اقترحنا على الطرفين ثلاث مراحل يجب ان ينفذاها على الفور،
1- وقفا غير مشروط للاعمال العدائية، واستئناف التعاون الامني فورا. الطرفان اكدا لنا ضرورة التعاون الامني بينهما ورغبتهما في استئنافه.
2- ان يعتمدا فترة تهدئة تساعد في تطبيق المزيد من تدابير بناء الثقة، وقد حددنا لهم حوالي 18 طريقة لتحقيق ذلك.

3- ان يجتمع الطرفان لتأكيد التزامهما الاتفاقات المتبادلة والموقعة بينهما وتتم هذه الاقتراحات على طاهري الا تعتقد بانه ينبغي نشر قوة مراقبة دولية موقته كما في الخليل وغيرها على سبيل المثال للنظر في التزام الطرفين وقف الاعمال العدائية بينهما؟ مراحل، على ان تنفذ في النهاية كلها.
طاهري
الا تعتقد بانه ينبغي نشر قوة مراقبة دولية مؤقتة كما في الخليل وغيرها على سبيل المثال للنظر في التزام الطرفين وقف الاعمال العدائية بينهما؟

الفلسطينيون طرحوا الموضوع من زاوية مختلفة وطالبوا بضرورة تشكيل قوة حماية دولية لتحميهم من الاعتداءات الاسرائيلية. والاسرائيليون رفضوا الفكرة بذات الحدة التي تمت المطالبة بها. وبعد نقاشات طويلة انتهينا الى ما يعرف بقوة حماية دولية لن يكون فعالا مالم تحض بدعم الطرفين خلافا لذلك ستؤول الجهود الى الفشل فضلا عن الخطورة المتمثلة في امكانية زج هذه القوة في الصراع . صحيح انه كان في المنطقة في السابق قوات دولية لكنها حضت بدعم الاطراف المعنية في تأدية مهامها وهي كانت قوات ذات طابع مؤقت غالبا كما كانت عليه الحال في الخليل على سبيل المثال.
طاهري: ماهو موقفك الشخصي من قوات من هذا النوع؟
لا رغبة لي قط في الخوض في ارائي الشخصية. انا اتحدث باسم لجنة ارأسها ليس الا!
بكر عويضة مساعد رئيس تحرير الشرق الاوسط - لدي سؤالان: احدهما عن الماضي والآخر عن المستقبل الاول : ماهو نوع الضغوط التي تعرضت لها، ان كنت فعلا تعرضت الى ضغوط باتخاذ موقف داعم لموقف هذا الطرف على حساب الآخر. هل طالبك الفلسطينيون بادانة زيارة شارون الى الحرم الشريف، وهي الزيارة التي فجرت الانتفاضة؟& سؤالي الثاني هو: كيف تنظر الى مستقبل الصراع؟

الجواب على السؤال الاول هو:
لا لم اتعرض لاي ضغوط من اي طرف. لاننا لم نكن عازمين على الاقل ليس عن وعي على ارضاء طرف دون آخر. قررنا ان نتبع عدة خطوات منها ان نلتقي اكبر عدد من الجانبين ونمنحهم فرصة ان يقدموا اراءهم لنا خطية كانت او شفوية.
تبنينا المقولة الاميركية: الهدوء ثم الحل... في تعاملنا مع الامور وفق تجسداتها المادية امامنا، والا ننحاز الى طرف دون آخر وان نلتزم الحياد بكل ما اوتينا من مقدرة بشرية لتحقيق هذا الحياد.
كنا نعي ان اللقاء الذي جمع الطرفين في شرم الشيخ في اكتوبر 2000 هدف الى بلورة صيغة تنهي اعمال العنف فوراالصفة التي وسمت بها اعمال لجنة تقصي الحقائق تبحث في احداث وقعت وتسجل مخالفات التي حدثت على الارض، ثم بعد ذلك تم صوغ مقترحات تبين صور تفادي وقوع احداث مماثلة او مشابهة مستقبلا. ان ما حدث هو ان التدابير التي اتفق عليها في شرم الشيخ وعقدت عليها الامال لانهاء اعمال العنف لم تؤت ثمارها بل شهد الوضع تفاقما في الصراع بعدها. ساعتها قررنا ان نحول اهتماماتنا نحو وضع حد للعنف الذي يدور امامنا على قدم وساق بعد لقاء شرم الشيخ. كان لزاما علينا القيام بمهمتنا على وجه السرعة فعكفنا على كتابة التقرير فورا وكان الرئيس كلينتون اجرى اتصالا معنا حثنا فيه على انهاء التقرير بنهاية حزيران (يونيو) فاخبرناه &بان الوتيرة التصاعدية التي تلازم النزاع في هذه المرحلة هي من الخطورة بحيث لن تكون هنالك اية فائدة ترجى من صدور التقرير. فعجلنا في كتابة التقرير قبل ان تفلت الامور عن نطاق السيطرة، ونجحنا بالفعل في تقديمه قبل شهرين من المدة المقررة لتسليمه. هذه المباديء التي اتبعناها . ثمة مبدأ آخر لا يقل اهمية وربما يساعد في شرح موقفي بانني لست مولعا باجراء الاحاديث الصحافية ففي اول لقاء عقدناه في نيويورك في تشرين الثاني (نوفمبر) &اثار الطرفان طلبا بالتعليق على ما كان يجري على الارض حينها من خلال مؤتمر صحافي في يوم اللقاء كانت هناك اسئلة طلب مني الاجابة عليها معظمها يتعلق بما كان يجري من احداث في نفس اليوم او اليوم الذي سبقه. وبعد ان لمسنا صعوبة تقديم تعليقات حية للصحافةعلى مدى الاشهر الستة التي استغرقها وضع التقرير عن التطورات التي احرزت او العقبات التي حالت دون احرازها، سيكون تبديدا لطاقات اللجنة وسيصرفنا عن الاهم وهو الاجدر بالمعالجة والوقت ، فاتخذنا قرارا بعدم التحدث الى وسائل الاعلام عن ما يجري من احداث. وهو قرار التزمنا به وسابقى على التزامي به امامكم الآن!
عويضة:& وكيف ترى المخرج من هذا المأزق؟

المخرج يكون بانخراط الطرفين في مفاوضات مباشرة برعاية الولايات الامتحدة واية اطراف اخرى تحث المتفاوضين على تطبيق الاقتراحات التي رأتها اللجنة.
لكي اثير نقطة تتعلق بالحديث، اسمحوا لي ان اعرج قليلا على تجربتي في ايرلندا الشمالية...
كما تعرفون ان ما عرف باتفاق الجمعة العظيمة الذي تم التوصل اليه في العاشر من نيسان (ابريل) عام 1998، قلت في اليوم الذي اعلنت فيه الاتفاق للعالم بان الاتفاق لا يضمن سلاما ولكنه يمنح امكانية احلال السلام فرصا افضل. ستواجهنا مصاعب مستقبلا وسنكون امام قرارات صعبة ينبغي اتخاذها بالاضافة الى النكسات التي ستعترض طريق الاتفاق وهو ما حدث بالفعل حيث واجه مصاعب كبرى. بعدها بخمسة عشر شهرا وتحديدا في تموز يوليو 1999 وصلت العملية السلمية الى حافة الانهيار فتلقيت اتصالين من رئيس وزراء بريطانيا توني بلير ورئيس وزراء الجمهورية الايرلندية اهيران يدعواني فيها بان اهرع بالقدوم لاتخاذ اسرع الاجراءات للجم الموقف. التقينا بعدها بالاطراف المعنية جميعها في لقاء عرف باجتماع معاينة الاتفاق وهو هدف الى انقاذ الموقف واتخاذ اسرع التدابير لانقاذ عملية السلام من التداعي . بقيت في ايرلندا ثلاثة اشهر وامضيت خريف& ذاك العام فيها واستغرق الامر ثلاثة ايام قبل ان اضع يدي على الجرح واكشف مكامن الخلل... ما تبقى من الثلاثة اشهر صرف في حث الاطراف المعنية على مواصلة الاجتماعات واتباع النقاط التي حددتها وفق سياق منضبط بجدول زمني صارم لبلوغ الجلسة الاخيرة للتوصل الى معالجة ترضي كل الاطراف. امضيت القدر الاعظم من هذه الشهور الثلاثة في اعداد البيانات وكنت اكتبها بيدي ولم استعن بآلة كاتبة، لتحديد اي بيان سيتلى ومن الذي سيتلوه، في اي يوم وفي اي ساعة في اليوم ، ذلك ان العنصر المشترك الوحيد الذي جمع بين الاطراف المتصارعة في ايرلندا الشمالية هو انهيار الثقة التام بينهما وهوما نشهده الآن في الشرق الاوسط. وبالتالي يبدوا لزاما علينا ان نتبع خطة مماثلة مع طرفي النزاع في الشرق الاوسط. ذلك ان الخطوات التي اتخذت والسياق التتابعي الذي حدد العمل في اطاره وفق جدول زمني معين اثبت فعالية منقطعة النظير في طفع الامور نحو الاتجاه الصحيح
وهذا ما ذكرناه مرتين في تقريرنا، اما ما تبقى فيتوقف على رغبة الاطراف المعنية نفسها.

عويضة: الا تعتقد بان الفلسطينيين باتوا في وضع اكثر حرجا مما كانوا عليه بوصول شارون الى الحكم

دعني اخبرك بان كل خوف يخالج احد طرفي النزاع يقابله خوف مماثل لدى الطرف الآخر
ثمة شعور طاغٍ بخيبة الامل بين الاسرائليين الذين كانوا يتوقعون من اتفاق اوسلو ان يطوي هذا الاتفاق ملف النزاع بينهم وبين الفلسطينيين والى الابد، وان الفلسطينيين قد وطنوا انفسهم مع وجود اسرائيل كجزء من المنطقة وتقبلوها كشعب وكدولة واصبحوا يتعاملون معها بوصفهم شركاء.
الآن الامور اسوأ مما ظن هؤلاء والغالبية العظمى من الاسرائليين يؤمنون بان السلطة الفلسطينية ومعضم الفلسطينيين يضمرون لهم كرها عميقا ويريدون اقتلاعهم من الوجود.
في الجهة الاخرى من المعادلة نجد ان المخاوف الفلسطينية لا تقل عن المخاوف الاسرائيلية، فالفلسطينيون بدورهم كانوا يعتقدون ان اسرائيل قد وطنت نفسها مع حقيقة وجودهم كشعب مستقل لكنهم الان يؤمنون بان الاسرائليين يمواصلتهم عمليات الاستيطان يهدفون الى الغاء وجودهم الديموغرافي... وهكذا دواليك. اذ عبرت هذه المخاوف في سياق زمني مختلف وعُبِّر عنه بنحو مختلف فالامور كالتالي: الاسرائيليين قالوا لي اذا قبلنا بتنفيذ كل مقترحات التقرير الذي رفعته سيعود الفلسطينيين لزرع المتفجرات في تل ابيب والقدس في ظرف ايام، فالانسحاب من طرف واحد من جنوب لبنان وهي خطوة تنم عن قوة يساء فهمها وينظر اليها بانها ناتجة عن ضعف. ان القبول بكل ما جاء في تقريرك(والحديث لا يزال للاسرائليين) سيتم النظر اليه بالطريقة ذاتها ومن الزاوية نفسها دون ان تتلقى اية ضمانات بالمقابل فان اي خطوة تنم عن ضعف يؤدي الى تصعيدات اخطر للنزاع.
المخاطر الفلسطينية بعد وضعها في سياق مشابه التي جاءت على لسان الفلسطينيين على هذه الصيغة: حسنا سيناتور ميتشل سنأخذ مقترحاتك بحذافيرها مهما كانت الصعوبات التي ستتخللها، سنلقي القبض على كل من ورد اسمه في القائمة ونصرح بكل البيانات التي تراها مناسبة لاحلال السلام ونتخذ كل الاجراءات التي تود ان تراها وستكون تبعات كل ذلك ان تجرجر اسرائيل خطاهم وستذهب ثمانية سنوات من التنازلات في عملية السلام هدرا، وسنرى المزيد من المستوطنات التي ستتضاعف اكثر واكثر... الخ
المشكل يكمن كما نرى بان اهداف الطرفين لا تتلاقى اطلاقا، الاسرائيليون لديهم دولة والشيء الذي يولونه الاهمية هو توفير الامن والاستقرار الامني. اما الفلسطينيون فانهم لا يملكون دولة ويولون الاهمية لاقامة هذه الدولة .
في مثل هذه الاجواء لن يكون واقعيا ان يتخذ اي من الطرفين خطوة من جانب واحد لاحلال السلام ولن يستطيع الجميع اتخاذ خطوة مثل هذه سياسيا.& ويتعذر الامر عليهما، فكل طرف يريد ضمانات بان التنازلات التي سيقدمها ستؤدي الى حل شامل للصراع.
في ظل هذا الاحساس بالعداء والريبة لا نعتقد ان الامور ستمضي قدما مالم تحدد فترة تهدئة تجعل اعادة بناء الثقة بينهما امرا واردا.
الامر لا يقتصر على القادة وحدهم، لان استطلاعات الرأي العام التي اجريت اثبتت ان انهيار الثقة حاصلة بين الشعبين ايضا.

اسئلة من قراء ايلاف:
كما ترى سيناتور ميتشيل...فإن الاسئلة التي ستتكرمون بالإجابة عليها ترد الينا عبر الإنترنيت...ما الاهمية التي تعزوها لهذا الوسيط الالكتروني الذي يصبو لإختزال المسافاة بيننا والاخر؟
يمكن القول وحقيقة، دون ان يقتضي الامر أي تفكير، بان هذه الثورة المعلوماتية تمثل حدا فاصلا في حياة البشرية لانه ابرع إكتشاف تم التوصل اليه في زمننا هذا. كان على جهاز الراديو ان ينتظر 38 سنة لكي يبلغ عدد مستخديميه ال50 مليون شخص، اما جهاز التلفيزيون فقد تمكن من بلوغ ذات ال50مليون من المشاهدين خلات 13عاما، اما الإنترنيت فقد حقق ذلك في خلال فترة ال 4 سنوات وهي فترة وجيزة بكل المقاييس ، وهنا مربط الفرس : ان كنت تصبو للوصول الى اكبر عدد ممكن من الناس وفي اقصروقت ممكن.... فالمكان هو الإنترنيت
سيناتور : عضو من ندوة ايلاف يوجه السؤال التالي: هنالك مجهود سلام يقوم به بعض الناشطين من اليهود ومن الفلسطينين خارج فلسطين اواسرائيل، وينادي بالوفاق بين الطرفين ومحاولة الرجوع للإتفاقات السابقة، ولكن تلك الجهود لم تحض بالنجاح، وقبلها وبعدها مجهودات سلام كثيرة باءت بالفشل. فهل ثمة مقترحات جديدة وعملية قابلة للتطبيق ترضي الطرفين؟
احد الاقتراحات التي تضمنها التقرير هو ان يشجع طرفا النزاع جهود إحلال السلام التي تصدر عن المجتمع المدني الفلسطيني والمجتمع المدني الاسرائيلي إذ من شأن مبادرات كهذه ان تجسر الهوة بين المجتمعين.....فإنهيار الثقة الذي انتجه النزاع ...سيؤبد النزاع الى ما لانهاية .
اثمن هذا النوع من المحاولات...وادعوهم بان لا يفقدوا الامل، للحكومات التي تحظى بتفويضات من شعوبها مطلق الحرية في التوصل الى إتفاقيات سلام ...مشاركة المجتمع المدني في صنع السلام هو الذي يعزز من مقدرة السلام على تجاوز العقبات التي نشاهدها بالشرق الاوسط.

سؤال آخر: هل ترون شرعية قانونية لاستخدام الفلسطينيين للاطفال في المواجهة مع الاسرائيليين، وكيف ترون الامر؟
اكثر التجارب مدعاة للحزن هي تلك التي جمعتني مع امهات واباء لاطفال قضوا بسبب هذا النزاع، كالام الفلسطينية التي اودت رصاصة طائشة بإبنها ذي التسع سنوات وهو جالس على سريرفي عقر داره ، ثم التقيت بأب اسرائيلي فقد اطفاله الثلاثة في عملية تفجير حافلة تقل اطفال المدارس ، حينما ترى الاطفال يقتلون بهذه الطريقة ينتابك إحساس بجسامة المسؤلية... ويثبط عزمك على إيجاد حل سريع لهذه المأساة... وكما اشرنا في التقرير بانه حينما يتعلق الامر بحياة الاطفال فعلى الكبار ان يوقفوا عنفهم هذا.
سؤال من عضو ندوة ايلاف (&الدركال) السيد ميتشل من المعروف ان تقرير لجنتكم لم يطبق الى الان رغم موافقة كلا الطرفين على ما جاء فيه...فمن المتسبب في عدم التطبيق؟ ولم لا نسمي الامور باسمائها؟

اولا ان طرفي النزاع قد قبلا تقريرنا، ولااستبعد بان خلو التقرير من إلقاء الوم على طرف دون آخر لم ينل رضا الجميع الاطراف المعنية وجدت التقرير بناء يؤدي الى مفاوضات قد تعبد طريقا سالكة نحو إحقاق السلام وإعادة بناء الثقة المعدومة اصلا .
النقطة الثانية التي ارغب في إثارتها هي ان هذا التقرير لم ينل قبول طرفي النزاع وحسب بل معظم اعضاء المجتمع الدولي، الدول الاوربية، اليابان، روسيا، كندا واستراليا... وغيرها...&وما من دولة رفضته.
إعتقادي هو ان تقريرا يتبنى مقاربة "توجيه اصابع اللوم" لن يسهم في إيجاد حل للازمة ...بل سيضيف لها تعقيدات هي في غنى عنها.
ولكن هناك من يرى ان احد جوانب الإخفاق الاساسية في تقريركم لم يشر لإسرائيل بوصفها قوة إحتلال ؟

يتضح لي من خلال هذه الاسئلة بانه يصعب ان نرضي الجميع ، بعض المقالات التي تنشر في اميركا تعتقد بان تقريرنا &لم يكن حازما بما فيه الكفاية إزاء عرفات لانه حسب هذا الرأي قام بإهدار فرصة حقيقية لإبرام اتفاق سلام شامل..في الجهة المعاكسة نسمع باراء مماثلة ولكنها تنحي باللائمة على الجانب الاسرائيلي...دعني أذكر هنا باننا لم نتلق تفويضا لمراجعة العملية السلمية منذ" كامب ديفيد" اوتحليل المبادرات التي تقدم بها هذا الطرف او ذاك او على من تقع اللائمة.
تحديدا طلب منا ان نتقصى الحقائق منذ ايلول (سبتمبر) فقررنا ان نحصر إهتمامنا ضمن الاطر التي حددها لنا التفويض وهي ان نعيد الاطراف ،في التحليل الاخير ، الى الجلوس على طاولة المفاوضات، ان ننخرط في مهام غير التي اوكلت لنا هو بمثابة ضرب من العبث، لتلك المهام من يقوم بها إنها المجال الحيوي لإنشغالات مؤرخي النزاعات او ربما تشكيل لجنة اخرى لهذا الشأن لكنها ليست ضمن الاسباب التي شكلت لاجلها لجنة ميتشل.

&