[مهما كان حجم الإختلاف بينك وبين إبراهيم عيسى،لايمكن لك إلا أن تحبه،فلديه جاذبية خاصة وكاريزما جامحة ومكلمة مغناطيسية لاتستطيع مقاومتها، وأنا شخصياً مدين لإبراهيم عيسى بالكثير مهما إختلفت معه فى القليل،فبرغم أن ظروف الحياة باعدت بيننا وجعلت لقاءاتنا نادرة،إلا أن إحترامى وتقديرى لإبراهيم ظل كما هو لم يخفت بريقه،ولم يقتله لا بعد المكان ولا إختلاف الرؤى ولا حتى موبايله الذى لايرد.


كان إبراهيم عيسى صحفياً فى روز اليوسف فى عصرها الذهبى تحت رئاسة صانع النجوم عادل حموده،وكنت مازلت أتحسس طريقى حائراً مابين الطب والصحافة،ولهذا إخترت أن تكون أولى رسائلى إلى المجلة عن تأخير قانون زرع الأعضاء فى مصر،وكانت المفاجأة أن إنتقل الموضوع من خانة بريد القراء ليصبح موضوعاً مستقلاً،بل مانشيت على الغلاف،وتحدثت تليفونياً إلى المجلة لأطمئن قبل النشر،وكان على الطرف الآخر من الهاتف إبراهيم عيسى،تلاقت الكيمياء الروحية،وصرنا صديقين منذ تلك اللحظة، وعندما فكر إبراهيم فى الإصدار الأول للدستور كنت معه فى العدد زيرو،وقصر نجاح الدستور مسافة وزمن نجاحى الصحفى وإختصر منه سنوات وسنوات، وكان الفضل لإبراهيم الذى لم يحذف كلمة واحدة من مقالاتى برغم أنها كانت صادمة حينذاك،وكانت أحياناً تتخطى خطوط حمراء كثيرة من الممكن أن تزيد من عدد الأعداء المتربصين بالدستور.


[ إبراهيم عيسى أصبح الآن ضحية موهبته،وإيمانه بالليبرالية الكاملة،تربصت به الثعالب الصغيرة مفسدة الكروم،وإنضمت إليها الديناصورات العملاقة صانعة الفساد نفسه، آمن إبراهيم بفتح النوافذ كلها فأصروا على أن تكون النوافذ منصة للإنتحار وليست مكاناً لتنفس البهجة والحرية، آمن إبراهيم بأن الحقيقة ممكن أن تكون فى عقل وقلب وقلم شاب فى العشرينات،فدافعوا عن كراسى الكوليسترول المتصلبة التى يعيش عليها عواجيز الصحافة الذين جعلوا نجاحها منقطع الجماهير!،آمن إبراهيم بأن مصر لاتموت،فهاج وماج حانوتية النظام الذين جعلوا من الموت سبوبة وأكل عيش.


[ لن أقول التاريخ سينصف إبراهيم عيسى،ولكنى سأقول أن إبراهيم عيسى ومن معه هم الذين سيصنعون التاريخ وينصفونه وينقذونه من التجار والسماسرة.

د. خالد منتصر
[email protected]