كلمة المفتي الأكبر للملكة العربية السعودية عبد العزيز بن عبد الله بن محمد ال الشيخ المفتي والتي إعتبر فيها ما يسمى بعمليات الجهاد التي ينفذها الشباب السعودي في العراق من كبائر الذنوب، وخروجا على ولي الأمر، تعتبر من المواقف الشجاعة التي تنم عن معرفة عميقة وأساسية برسالة الدين الاسلامي والتي هي من دون شك رسالة تسامح وتسامي وسلم وأمان، كما تدل هذه الكلمة عن حرص حقيقي على ارواح المسلمين، فمعروف أن أغلب العمليات التي نفذها شباب سعوديون تم خداعهم وتوظيفهم من قبل جماعات ارهابية انما استهدفت الأبرياء من أبناء الشعب العراقي، وتكشف هذه الرسالة عن ضمير حي في داخل المؤسسة الدينية حيال هذه العمليات، بعد صمت طويل ومواقف ملتبسة، وتشير ايضا الى تسامح الخطاب الديني حتى في أكثر اتجاهاته سلفية وراديكالية بالمقارنة مع الأحزاب القومجية التي مازالت تؤيد وتساند العمليات الاجرامية البشعة بحق أبناء الشعب العراقي باسم مقاومة الاحتلال / وهي ذات الأحزاب التي لاتتوانى للحظة واحدة من عقد صفقات مذلة مع المحتل من أجل مكاسب رخيصة (ألم يشكو رمزها الجرذ صدام حسين من خلو وجبته الصباحية في السجن من الكعكة والسمسم؟quot;


القومجيون العرب انتهازيون في مواقفهم من الدين، سواء في مصر او العراق أو سوريا، يشنون عليه أعنف الهجمات حينما يعارض طموحاتهم المريضة وممارساتهم الاجرامية وعمالتهم للاجنبي على حساب مصلحة الشعوب العربية وشن الحروب على ضد شعوب مسلمة اخرى، ويتحالفون مع التيار الديني ويسعون الى استغلال العاطفة الدينية حينما تتعارض مصالحهم مع مصالح الاجنبي، وكلمة مفتي المملكة تؤكد هذه النقطة تحديدا واذا كان تاريخ القومجيين العرب حافلا بالجرائم الوحشية الفظيعة تجاه الشعوب والأقليات رغم شعاراته البراقة بالوحدة والحرية والاشتراكية والتقدمية و....فان ما يثير الحيرة هو موقف المثقفين العرب من وحشية العصابات الارهابية في العراق، فقد لزموا الصمت في الأعوام الأولى من سقوط الديكتاتور لأسباب طائفية، وأيدوا العنف الوحشي لما يسمى بالمقاومة علانية بعد اعتراف الادارة الاميركية والحكومة العراقية بتدهور الوضع الأمني.


ان موقف مفتي المملكة من العمليات الارهابية التي تسمى خطأ جهادا، موقف شجاع ومؤثر وان جاء متأخرا، ولكن ماذا عن مواقف المثقفين والاعلاميين العرب الذين لم يحركوا ساكنا في السنوات الثلاث الأولى من تحرير العراق حينما كان الارهاب مستفحلا من جانب طائفي واحد، فليس من الموضوعية ولا من النبل ان نصمت حينما يكون الارهاب صادرا من المذهب العقائدي الذي ننتمي اليه، وأن ندينه حينما يضطلع فيه أكثر من مذهب وتيار، فهل كان الارهاب والعنف الطائفي سيأخذ هذا المدى من التهور والانفلات لو أن المثقفين العرب في غالبيتهم الساحقة قد أدانوا أرهاب أبناء معتقدهم المذهبي في السنوات الاولى من العنف الطائفي في العراق؟


وردا مسبقا على الأصوات الموتورة المصابة بمرض ايران فوبيا التي ستتهمني بتهمة سخيفة هي الولاء لايران بسبب أسمي الفارسي أقول أن حكومة ايران هي حكومة مذهبية دينية ولاشك في ذلك، لكن تعيش تحت سيادتها وبسلام تام اكبر جالية يهودية في الشرق الاوسط بعد اسرائيل بالطبع،الا أن العنف الطائفي من قبل من يدعون الجهاد واستهداف الشيعة الابرياء في الأماكن العامة هو ما زود الراديكاليين الشيعة في ايران باستغلال مأساة شيعة العراق، ودفعهم لعنف طائفي مضاد، أما مواقف طهران وحسب التصريحات الرسمية للحكومة الايرانية فقد كانت داعمة للعملية السياسية السلمية ومؤيدة للحكومة العراقية المنتخبة، فيما مثل الارهابيون القادمون من بعض البلاد العربية بلدانهم عبر جرائمهم البشعة وسياراتهم المفخخةبعد أن رفضت حكوماتهم اقامة علاقات ديبلوماسية مع بغداد.

خسرو علي أكبر

طهران
ملاحظة كاتب المقال مواطن عراقي من أصول فارسية
[email protected]