يکاد يکون هناك شبه إجماع دولي على أن الامور کلها تسير في سياق يفضي الى المواجهة الحتمية بين الغرب و الجمهورية الاسلامية الايرانية، و مع إرتفاع أصوات قرع الطبول تجد في موازاتها إشتدادquot;وتيرةquot;القلق و التوجس من تداعيات المواجهة بين دول المنطقة و في مقدمتها المملکة العربية السعودية التي طالما سعت وبکل ما أوتت من جهد و إمکانية لنزع فتيل المواجهة عبر السعي لإيجاد طرق و أساليب أخرى غير لغة الدمار و الخراب، لکن يبدو أن إمکانية التوصل الى لغة أخرى غير الحرب مع طهران باتت تتضائل مع مرور الايام.


ومع أن التقارير الاستخبارية القادمة من المنطقة تتحدث عن سعي أمريکي حثيث لإنشاءquot;شبکةquot;طرق لوجستية عبر عدة منافذ من شأنها تسهيل المهمةquot;الحربيةquot;الجديدة للجيش الامريکي، فإن هناك أيضا بالمقابل جهد إيراني دؤوب للتحصن و إعدادquot;القروش الايرانية البيضاءquot;ليوم المواجهةquot;السوداء التي تنتظر طهران، وبين ذينکما السعيين هناكquot;رأي عامquot;قد أعد بأفضل ما يکون من طرق لتقبل هذه المواجهة وحتىquot;تفهمquot;دواعيها و أسبابها.


و الامر الآخر الذي يجب التوقف عنده قليلا و منحه شيئا من الاهتمام، هو أن الاتصالات الامريکية بأطرافquot;معينةquot;من المعارضة الايرانية و التباحث معها عنquot;صيغةquot;وquot;حجمquot;الدور الذي من الممکن أن تلعبه فيما لو وقعت الواقعة، فيما هناك قوىquot;إيرانيةquot;أخرى تتحدث في مجالسها الخاصة و الى أنصارها بأنها سوف تکون في طهران قبل شهر نيسان القادم!


و مما لاشك فيه إن إدارة الرئيس جورج بوش جادة تماما في کل ماتقوله و تعلنه بهذا الصدد و إنها عاقدة العزم على نفض يديها من الملف النووي الايراني قبل أن تأذن ساعة رحيل بوش من البيت البيضاوي، کما أن قادة الجمهورية الاسلامية الايرانية جادين أيضا في کل تهديداتهم و لاسيما في تحريكquot;خلاياهم النائمةquot;في أرض الله الواسعة و يجعلونهاquot;عليهم و على أعدائهمquot;، بيد أن الامر الذي لابد من ملاحظته و التمعن فيه بملية أيضا، هو أن طهران لا تحبذ المواجهة و تتمنى لو أن صدفة أو أمر ما يحول دون ذلك، رغم أن أطرافا فاعلة في المعارضة الايرانية تؤکد على أن قادة طهران لا يملکون من خيار آخر سوى دفع الامور بإتجاه المواجهة. غير أن إزدياد الاحتمالات في نشوب حرب جديدة في المنطقة قد يدفع الوضع بسياق قد يکون مأساويا و کارثيا مع ملاحظة إنه و في کل الاحوال سوف يجدونquot;آيات اللهquot; في طهران أنفسهم في مصير مشابه تماما لمصيرquot;الملا عمرquot;، کل هذا قد لا يکون في نهاية المطاف مفيدا وquot;حاسماquot; خصوصا فيما لو کانت هناك أرضية مهيأة سلفا لقادة طهران کي يصبحوا في النهاية أبطالا و نماذج مثالية في مقارعة الاعداء، إذ أن الوضع الاقتصادي ـ الاجتماعي المزري داخل إيران يرافقه حنق و سخط غير عاديين على الحکم الايراني برمته، فقد تجاوزت وخامة الاوضاع کل الحدود المألوفة و باتت أسواق العديد من الحالات السلبية تزدهر بشکل غير عادي أو مسبقو من قبل، فإنتشار المومسات في طهران بوجه خاص(تؤکد تقارير واردة من داخل إيران بأن هناك أکثر من نصف مليون مومس في طهران لوحدها)، کما إن الارتفاع الاستثنائي في عدد المدمنين على المواد المخدرة و إتفاع نسبة البطالة بصورة تکاد تکون خيالية قياسا الى بلد نفطي ناهيك عن ظواهرquot;مضحکة ـ مبکيةquot;أخرى من قبيل الشباب الايراني الذين يعرضون قدراتهم الجنسية للبيع الىquot;سيداتquot;متمکنات و ماذکر عن عن تصديرquot;فتيات إيرانياتquot;لدول نفطية مجاورة و و و قضايا أخرى کثيرة تشد کلها على خناق السطة الايرانية و تمنع عنها هواءا نقيا للتنفس خصوصا وأن تسرب تقارير تتحدث عن أن طهران قامت بتقديم مبلغ 14 مليار دولار لحزب الله بعد حرب تموز 2006 مثلما أنها قدمت مبالغ تتراوح بين 12 الى 14 مليون دولار لکل مرشح نيابيquot;مفضلquot;إيرانيا في لبنان، ساهم في رفع درجة السخط الشعبي على نظام حکم يغامر بقوت شعبه في طرق لا يعلم بنهاياتها سوى الله وحده.


في هکذا أوضاع، قد تکون الحرب بمثابة هدية لقادة طهران کي يتملصوا من فشلهم في الداخل و يعلقوا الاسباب على شماعة quot;الشيطان الکبيرquot;، وهنا نجد أن الابقاء على سياسة الشد على مخلتف الاصعدة قد يکون هو الخيار الافضل مع تطعيم ذلك بمنح مساحات و فضاءات أوسع و أرحب للمعارضة الايرانية و لاسيما المجلس الوطني للمقاومة الايرانية و تحديدا منظمة مجاهدي خلق التي کانت و لاتزال بمثابة الکابوس الذي يقض من مضجع آيات الله في طهران. وبرأينا أنه ومع أهمية تلك القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي ضد طهران، لکنها قد لا تکون مؤثرة و فاعلة مثل قرار رفع منظمة مجاهدي خلق من قائمة المنظمات الارهابية فذلك ما سيشکل صفعة قوية جدا لطهران على الصعيدين الداخلي و الخارجي وسوف تکون بمثابة البوابة التي تفتح جحيم النهاية بوجه قادة الجمهورية الاسلامية.


وهناك أکثر من مبرر لرفع تلك المنظمة من قائمة الارهاب سيما و إنها لم تقم بأي عمل عسکري منذ أکثر من أربع سنوات ناهيك عن أنها مستعدة للحوار و التفاهم مع کل الاطراف الايرانية الاخرى للوصول الى صيغ بديلة ترضي الجميع هذا الى جانب أنها تؤکد حرصها على جعل إيران صمام أمان و إستقرار في المنطقة و ليس برميل مملوء بمادةquot;T.N.Tquot;قد ينفجر في أية لحظة و بالامکان إجراء إتصالات عربية معها لمعرفة مواقفها من العديد من القضايا التي تهم الجانبين.

نزار جاف
[email protected]