نظرات متوجسة.. ريبة تفوح من كلمات مرتعبة مقتضبة بين الأخ وأخيه..همس بين رأسين في السيارة..وحديث بالشفرة في الشارع عن مسلخ هنا وجوانتانامو هناك..الخوف يزحف ليلا بطيئا وثقيلا من أن تصبح أو تمسي ضيفا على أحد المقرات الأمنية معلقا كخروف العيد بالجنازير أو مشبوحا كبلال الحبشي على لوح زينكو في الشمس الحارقة..بسبب وشاية حاقد أو شهادة كيدية من حقير اختلف معك يوما ونسيت بالتقادم تلك الحادثة بينما لم ينسها العسس لك مستغلين الصلات والعلاقات بقادة العهد الجديد.. هذا الكابوس أصبح واقعا مرا.. الروايات كثيرة يتداولها الناس يوميا عن وقائع تعذيب الفلسطيني للفلسطيني بلا رحمة في غزة ورام الله على خلفية فصائلية..!!

كنت أتمنى أن تكون كل هذه الروايات مختلقة ومحرفة لكن لا مجال للتكذيب والسفسطة خاصة عندما تتعدد المصادر تكون الصور والأسماء حاضرة..

ربما تكون هناك بعض المبالغات ولكن كما يقال فان السنة الناس أقلام الحق.!!

ولماذا نبتعد كثيرا فالفيصل في هذا الشأن حتى لا نظلم أحدا أو نفتري على الله كذبا هو سجلات وإحصاءات منظمات حقوق الإنسان الوطنية والعالمية..!!

ولا أدري اين تسكن هذه المنظمات والجمعيات حقا..وهل أصيبت بالخرس و بالعشى الليلي التام والزكام بحيث لم تعد ترى أو تتكلم أو حتى تشم،وهي تمتلك أدلة على تجاوزات وممارسات لا إنسانية منهجية في الضفة وغزة على السواء..!!

وما جدوى كل هذه اليافطات الإنسانية البراقة إذا لم تمتلك الجرأة والشجاعة اللازمة و لم تتحرك وتكشف الحقيقة في وقتها وبكامل أبعادها قبل أن يضاف المزيد من الضحايا الى قائمة سوداء طويلة من المغضوب عليهم..!!

أنا مؤمن بأن المخبأ بندوق..!! وكل جريمة في حق الإنسان والإنسانية في هذه الأرض المقدسة ستكتشف آجلا أو عاجلا حتى لو ارتكبت في قبو فوقه مكان للعبادة أو في سجن تعلوه أروع شعارات السيادة.. ولسوف يخضع القتلة وأساطين التعذيب المحلي للمحاكمة العادلة جزاء ما اقترفت أيديهم وأتمنى أن أعيش لأرى هذه اللحظة..!!

ليس في الأرض من سبب يبرر أن نمارس بأنفسنا على أنفسنا من التعذيب والتمثيل والقهر ما كان يمارسه الاحتلال وإلا فإننا نكون بالقطع أسوأ وأ نكى..ولا نستحق ممن حولنا حتى الرثاء!!

لقد وعدنا قادة الحسم بعد ما فعلوا إن يحولوا جستابو الأمن الوقائي في غزة الى مسجد.. أو مركز تنوير أو حتى روضة للأطفال..!! وللآن فان هذا الوعد لم يتحقق بل ومع الأسف بقي المبنى على حاله باسيجته وقوالبه الإسمنتية الموحشة وسياراته وذكرياته المؤلمة..فقط تغيرت الوجوه والأسماء وحل الحاضر الأخضر مكان الماضي الأصفر.!!

إن على الممسكين بمقاليد الأمور في رام الله وفي غزة أن يتقوا الله فينا ويتوقفوا عن جعلنا نزلاء جوانتاموهات جديدة..وكبيرة.نكون فيها أشبه بفئران تجارب تخضع لأساليب تعذيب مبتكرة لم تخطر من قبل ومن بعد على بال الفرنجة..!!

ثم أين أولئك المشايخ والدعاة الذين لطالما صدعوا رؤوسنا بمقولاتهم الخشبية عن الإخوة والتسامح في الدين الاسلامى وان دم المسلم على المسلم حرام من هذه الممارسات وغيرها وأين دعاة الفتنة المحرضين على الثأر والقتل من أصحاب الفتاوى السوداء مما زرعوه في نفوس الصغار والكبار من كراهية وحقد حتى بين الأخ وأخيه في الأسرة الواحدة والبيت الواحد..!!

نحن كمواطنين نريد هنا موقفا واضحا لا لبس فيه من هنية كما نريد موقفا واضحا من عباس يرفض ويدين ويأمر بالوقف الفوري لممارسات التعذيب في أي مكان والتى تسيء الى كل ما هو فلسطيني وتعطي الدليل على أننا لا نستحق دولة ولا حتى بمساحة قن دجاج..!!

المواطن العادي يشعر بالخوف فلا أمن ولا أمان هناك للحمساويين في الضفة بعد قتل غير مبرر لطالب جامعة النجاح quot;رداد quot; وتفتيح كل شيء بالمداهمات والاعتقالات المستمرة في صفوف حماس تماما كما لا يشعر بهما هنا في غزة في ظل تحميس كل شيء بمطاردة الفتحاويين وتكسير العظام وضرب الأطفال والنساء في حالات معينة..!!

إني اخشي إن يتحول الممسكون بزمام الأمور هنا أو هناك يمرور الوقت وبممارساتهم غير الحكيمة الى محتلين جدد وبالتالي يجدون من المقاومة مالا يتوقعون ويرغبون،وهاهي البوادر للأسف بدأت تتحقق على الأرض..!!

إني اقترح إن يهدأ اللعب قليلا بين الطرفين ويرحمانا من قهر على قهر خاصة وان كل منهما أخذ يكثف اتصالاته الخارجية سرا وعلانية إما باتجاه مؤتمر الخريف أو هدنة التهدئة وفي كلا الأمرين قفز على طموحات هذا الشعب وانتقاص لحقوقه..!!

وكلنا بلا مزايدة في الهوا سوا والجميع بانتظار ما سيسفر عنه الخريف من حرب أو كرب..!!

توفيق الحاج