بغض النظر عن الشروط والنتائج الفلسطينيون ملزمون بحضور المؤتمر الدولي


حيرتي فيما يحدث في الملف الفلسطيني اجبرتني على ان ألتزم الصمت وعدم الكتابة بعد مقالتي الأخيرة عن القضية الفلسطينية تحت عنوان الأرض المحتلة وخيار العودة إلى ألأردن في 15-6-07.. والتي أنهيتها بما يلي....


وفي ظل الأحداث الدامية التي تدور الآن ما بين فتح وحماس أضيف سؤالا واحدا.. هل أي من كلا الطرفان مؤهل لحماية المستقبل الفلسطيني..هل أثبت تفكير القياده الفلسطينية سابقا ولاحقا على قدرتها على إستقلالية قرارها وأن لا تكون لعبة في في أيادي خارجية همها إما الهروب والتمويه عن أفعالها الإرهابية في دول عربية شقيقة.. وأخرى تريد الوصول إلى نجومية عالمية لتحكم بإسم الدين...
الخيار ليس خياري فأنا في مأمن من الطلقات الطائشة.. ولكن يجب توعية الإنسان الفلسطيني والمواطن الأردني بكل الخيارات.. كل ما أقوله بأنه كفانا حروبا.. وكفانا كراهية للعالم... وكفانا تقديس غير المقدس... فلا مقدس غير حياة الطفل وإحترام الكرامة الإنسانية لكل البشر في كل مكان...
جاءني بعدها العديد من التعليقات كلها ترفض أن يتحمّل الأردن هذا العبء والمسؤولية إضافة إلى الخوف على الأردن من الفلسطينيون..


اليوم أعود لأكرر مسبقا بأن حلم الدولة الفلسطينية لن يفارق أي فلسطيني.. لأنه بمثابة رد إعتبار له.. وإحترام لخيارة في تقرير مصيرة.. بعد الحصول على هذا الحق ( الدولة الفلسطينية ) فمن حقه أن يختار أي شكل من أشكال التعاون أو الكونفيدرالية بما لا يتعارض مع مصالحة ولا يمس كرامته...مع كل العالم
ما حملني على الكتابة اليوم.. هو أن تتابع الأحداث على الساحة الفلسطينية يجبرني كإنسانة قبل كل شيء بأن أحاول قدر إستطاعتي تحليل ما يدور على أمل أن أصل إلى نتائج منطقية ومعقولة لمساعدة فلسطيني الداخل..
أصبح مؤكدا دعوة الولايات المتحدة إلى مؤتمر دولي بحضور كل من.. روسيا - الإتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة لحل هذا الصراع.. وبمشاركة أطراف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وحضور الدول العربية المعتدلة.. الأردن- المملكة العربية السعودية - جمهورية مصر العربية.. إضافة إلى تصريح عمرو موسى بأن سوريا ستدعى إلى هذا المؤتمر.. والتي أتت تصريحات الرئيس السوري مباشرة كالتالي.. laquo;أنا رئيس لسورية ولست رئيساً لفلسطين، وعليّ العمل لمصلحة بلادي. من المهم بالتأكيد أن يستعيد الفلسطينيون حقوقهم وأراضيهم لكن هذا ليس سلاماً شاملاً...


وأنا أؤكد أنه ليس سلاما شاملا.. وأن العرب والفلسطينيون أضاعوا فرصة السلام الشامل حين لم يتجاوبوا مع الرئيس السادات في دعوته عام 1978 والتي أسفرت عن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.. بعدها إستقلت الأردن في خيارها السيادي حين وقّعت معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية....
ربط القرار الفلسطيني بقرار دولة أخرى... سياسه فاشله وتأتي بعد فوات الأوان.. بل وخاطئه في حق الإنسان الفلسطيني تحت الإحتلال.. شتّان ما بين معاناة من هو تحت إحتلال بغيض وغير إنساني ومن يعيش رغم الإستبداد والفقر في إستقرار وحرية حتى وإن كانت نسبية..


في حساب المصالح فالأهم للفلسطيني هنا ليست مشاركة سورية بقدر ماهي التحضير الجاد والكامل وبالتوافق بين جميع الفصائل للوصول إلى قرار واحد فيما يتعلق بإنهاء الإحتلال..
بدون شعارات.. وبدون شروط هدفها مزايدات في الوطنية لن تنقذ الفلسطيني وتوفر له فرصة حياة أو عمل.. الشرط الوحيد الذي يجب الإتفاق علية مع الدول العربية المشاركة هو الجدول الزمني للتنفيذ في حال نجاح هذا المؤتمر... ومن ضمن أفضل طرق التحضير.. هو الصدق والموضوعية..
علينا الإعتراف مسبقا بأن هناك أربعة رؤس للسلطة الفلسطينية كلها تتناحر لتقدم لإسرائيل الذريعة الكبرى (وهي ليست بناقصة للذرائع ) للخوف من مؤتمر الخريف وما قد يفرض على إسرائيل كإستحقاقات كنتيجة لهذا المؤتمر.. فهناك منافسة بين..


فتح وحماس في الداخل.. ولكن علينا الإعتراف بانه لا يمكن الذهاب لهذا المؤتمر بدون وجود حماس الداخل.. ومشاركتها الفعلية في التحضير لهذا المؤتمر مهما كانت الصعوبات والإختلافات بين وجهات النظر.فإذا قدّم خمسة مسؤولين سابقين في وزارتي الخارجية والدفاع الأمركية إقتراحا يدعو لمشاركة حماس.. أليس من الأولى للفلسطينيون أنفسهم دفن خلافاتهم وإعلاء المصلحة الفلسطينية للتشاور الفعلي لما ينقذ الإنسان الفلسطيني...


هناك منافسه بين السلطة الوطنية في الداخل وبين فاروق القدومي كممثل للمنظمة في الخارج والذي صرح مؤخرا في 5-10-07 للقدس العربي بأن العو دة أهم من الدولة.. وأنه سينتظر إلى حين العودة إلى يافا.. ألا يتنافى هذا مع تصريحات عرفات قبل وفاته في مجلتي نيوز ويك وهاآرتس حين د أكد وبما لا يدع مجالا للشك بأن الهدف الفلسطيني ينحصر في الحصول على إعتراف إسرائيلي بالمسؤولية المعنويه عن النكبه وأن هذا الإعتراف لن يتضمن التطبيق الفعلي سوى لعشرين أو ثلاثين ألفا.. حتى لا يؤثر على التعداد السكاني اليهودي والطابع اليهودي للدوله الإسرائيليه..

هناك منافسه بين خالد مشعل من مقرة المريح في سوريا.. وبين إسماعيل هنية من مقرة المحتل في غزة...
كلا الرجلين ( فاروق القدومي - خالد مشعل ) يستطيع الإنتظار والمزايدة لأنهم خارج الإحتلال.. ولأن أبناءهم في منأى من الطلقات.. ويدرسون في الجامعات الأميركية والأوروبية..
لقد تمسكت القيادات الفلسطينية بكل الشعارات وبكل المكابرات والإزدواجية في التصريحات والمزايدات.. ولكن الثمن يدفعه فقط القابع تحت ظلم وذل الإحتلال..


من يريد الإنتظار لحين إنهيار الدولة الإسرائيلية.. ولحين تحقيق حلم العودة فلينتظر.. أما أن يرتهن ما يزيد على ثلاثة ملايين إنسان في سجن كبير محرومون من التنقل وترفض زيارتهم جميع الدول العربية فهو منتهى الظلم والإجحاف بينما يتشدق الآخرون بالشعارات النمطية الرنانة والتنقل بين فنادق الدرجة الأولى.. وأعراس لأبناؤهم تكفي لسد رمق الآف في غزة وفي الضفة.. ليس من حقهم طلب المزيد من التضحيات.. والمزيد من المقاومة والتي ثبت عدم جدواها....


أكثر من أي وقت مضى القيادة الفلسطينية بحاجة إلى لغة سلام.. وشعار سلام لإحداث أختراق بين يهود العالم.. ليصل إلى يهود إسرائيل.. الفلسطيني تحت الإحتلال وبرغم معاناته المستمرة واليومية نجح في إختراق الرأي العام العالمي ليقف معظم العالم معه ومع حقوقه.. ليست العمليات الإنتحارية التي حققت ذلك.. وإنما هي المعاناة الصامته والرافضه لإذلالة كإنسان.. التي إخترفت وأخجلت يهود العالم لما تقترفه الحكومه الإسرائيليه.. هي التي نجحت في جعل يهود بريطانيا يتبرؤا من مجلس الوصاية اليهوديه ا حين وقع ما يقارب 350 شخص يهودي على رسالة ترفض هذه الوصاية وتستنكر العمليات الإسرائيلية المتوحشه في معاملة الفلسطينيون في وثيقة الأصوات اليهودية المستقله.. وهي التي جعلت يهود من اجل العداله للفلسطينين تنشر الرساله إلى الوزير البريطاني اليهودي ديفيد ميليباند تحثه على رفض قرار إسرائيل محاصرة غزة وقطع الماء والكهرباء عنها لتخلف مصيبة إنسانية أكبر.. ليس أمام الفلسطيني سوى الإستثمار في مثل هذه الجهود للوصول إلى تعرية الحكومة الإسرائيلة لحملها على مراجعة نفسها والإلتزام بشيء من القوانين الدولية..
تهرب إسرائيل من اي إستحقاقات قد يحدث وهو أمر معهود.. وقد يفشل المؤتمر.. ولكن الجديد هو مراقبة الرأي العام العالمي وصحوته للحقوق الفلسطينيه.. وصف السفير النرويجي ياكين ليئان إسرائيل بأنها دولة تعذيب.. تقرير منظمة بتسيلم الإسرائيليه عن إنتهاكات إسرائيل.. تقرير اللجنة الشعبية الإسرائيلية ضد التعذيب..


البحث الذي أعدة أكاديميون من معهد هيبرو يونيون كوليج - كاليفورنيا والذي شمل 1700 شخص.. عن تراجع الشعور بالإنتماء لإسرائيل..
المقالة اللاسعه التي كتبها وليام هيوز جمع فيها 25 نقطة ربطها بقيام اسرائيل التي قال انها تحوّلت الى آلة احتلال عنصرية تقتل الفلسطينيين.


الكتاب، الذي كتبه البروفسور جون ميرزهايمر، من جامعة شيكاغو، والبروفسور ستيفن والت، من جامعة هارفارد والذي ينتقد قوة اللوبي اليهودي في واشنطن.. ويؤكد فيه بأن الأميركيون لا يخدمون إسرائيل في الدعم الأعمى لسياساتها..


سوريا لن تنقذ الفلسطيني أو تخفف من معاناته.. وهي التي لم تسمح لفلسطيني العراق بالدخول إلى أراضيها.. وهي التي لا تسمح لمواطني الضفة او غزة بالزيارة.. وهي التي ترفض إعطاء تأشيرة إلى حاملي الجوازات الأجنبية من مواليد الضفة الغربية..


إيران لن تنهي الإحتلال بل ستزيدة ضراوة وبؤسا.. الطريق الوحيد لإنقاذ ما تبقى من فلسطين وإنهاء الإحتلال هو التحضير الجيد والتوافق بين حماس وفتح الداخل... وحشد جهود العديدين من قيادات المجتمع المدني في العالم وحملة جوائز نوبل السلام الدولية أمثال ديزموند توتو - ونلسون مانديلا وميريد كوريجان ماجواير وجيمي كارتر ووانجان ماتيا وغيرهم من المنظمات اليهودية العالمية التي تنادي بالسلام ا لزيارة إسرائيل.. وإقناعها بالعدول عن سياساتها العدوانية.. وإحقاق الحق الفلسطيني..


لست متفائله بنتائج المؤتمر ولكني أرفض أن أضم صوتي للمتشائمين.. فالنتائج كارثية حال الفشل.. ولكنها لن تكون المرة الأولى ولا الأخيرة لمحاولة حل الصراع. إسرائيل قطعا غير جادة في الوصول إلى السلام.. ولكنها أيضا تقترب من كماشة المجتمع الدولي. والرأي العام الذي أصبح يصفها بأنها عدوة للسلام العالمي.....

أحلام أكرم

باحثة وناشطة في حقوق الإنسان