سيعلن في الواحدة ظهرا بتوقيت ستوكهولم يوم 11 أكتوبر عن الفائز بجائزة الأدب لعام 2007. هناك عدة أسماء مرشحة من بينها المرشح الدائم: أدونيس. وكما نعرف أن أدونيس يتحرك في كل الزوايا من أجل الحصول عليها، بل مستعد أن يغير جلده كأي أفعى وصولية: فهو، مثلا، يعلن في جريدة سويدية انه وثني وهذا يعني انه يؤمن بتعدد الآلهة، وفي الوقت ذاته، يشهد في القاهرة، بأن لا اله ألا الله... وعندما دعي إلى مؤتمر حول المنفى، ألقى محاضرة إنشائية طويلة ليبرهن بأنه يحترم الآخر منذ طفولته، طبعا ادعاء تفنده نصوصه كلها، من بينها قصيدته عن ثورة الخميني الإيرانية التي يقول فيها:

شعب إيران يكتب للغرب:
وجهك ياغرب ينهار
وجهك يا غرب مات

واليكم ما كتبه أدونيس في جريدة لسان الحال في عددها الصادر 15 أيلول 1968 تحت عنوان quot;الخيار الوحيد أمام العربي: أما أن يكون رصاصة وإما أن يكون عبداquot;
quot;... إن هزيمة العرب الكبرى، على جميع المستوبات، الإنسانية والحضارية، تكمن في سماحهم للعدو: ان يقرر السلم ساعة يشاء والحرب ساعة يشاء. فهذا يعني أنهم، وجوديا، عاجزون وأشباه موتى: راضون بما يصيبهم، قانعون بما كتب لهم. هكذا تتحول الضحية العربية في عدوان لا مثيل له في التاريخ، إلى أداة في اقامة دولة عدوانية لا مثيل لها في التاريخ. وفي تحول الضحية ذاتها إلى أداة بناءة في يد العدو، ذروة الاحتلال. إن شعبا يرضى بهذا التحول لايستحق أن يكون موجودا.
إن إسرائيل كيان يجعل من العدوان العنفي مؤسسة، يجعل منه دولة وجيشا. وهذا تجسيد لأدنى المجتمعات وأكثرها عداء للإنسان والقيم الإنسانية. إن قدرة العرب على أن تكون لهم شخصية خاصة أو حضارة معينة، مرهونة بقدرتهم على رفض هذا الكيان وتدميره. العنف، لذلك، هو وسيلة العربي، بامتياز، من أجل أن يشعر بوجوده، وأن يحيا غنيا كثيفا، وأن يتجاوز واقعه وحياته. إنه ليس حقا وحسب وانما هو كذلك شرط وجودي.
الأساسي الآن هو أن يمتلئ هذا العنف بمعناه الإنساني المحرر، هو أن يكون شعبيا أو جماعيا، هو أن يكون ثوريا. ذلك انه لايجوز أن يكون عنفا فرديا. فبقاؤه في اطار فردي، يجعله اقرب الى الارهاب منه الى الثورة.
هنا تكمن أهمية الحركات الفدائية في تحولها إلى ثورة، وفي اتجاهها إلى الوحدة. هنا يصبح العنف لهبا محييا يصهر الفلسطينيين في بوتقة نضالية واحدة. يعزلهم عن التجريدات والنظريات ويدمجهم بالواقع الحي. يحولهم من قوة تراكمية، خائفة، متباعدة، إلى قوة متفجرة، مهاجمة، مبادرة. يجعل منهم المحرك الأساسي للتاريخ في هذه المنطقة، الخيار الوحيد أمام العربي في هذه المرحلة التاريخية، وأمام الفلسطينيين بخاصة، هو هذا: إما أن يكون، بشكل أو آخر، رصاصة في قلب المغتصب المحتل، وأما أن يكون، بشكل أو آخر، خادما للمغتصب المحتل وعبدا.quot;

طبعا بفضل هذا النوع من الخطب الغوغائية التي كنا نسمعها، أصبح العرب اليوم في الحضيض. ذلك أنه رغم مئات آلاف الأطنان من الرصاص التي أطلقوها العرب على البشر، خلال خمسين سنة، هم اليوم أكثر عبيدية مما كانوا.
وخطاب أدونيس هذا لا يختلف عن كل خطب الإرهابيين والمجاهدين التي نسمعها في الفضائيات والجرائد العروبية، ويؤيده كل قادة حماس وحزب الله والقاعدة.. وطبعا هو عين خطاب بشار الأسد. أما رعاع العرب فسيجدون فيه تعبيرا حداثيا لمشاعرهم الدموية.
أريد فقط أطرح سؤالا واحدا على هذا الشاعر الطائفي أولا وأخيرا: أكان هذا الحل الرصاصي الحل السليم أمس، وهو اليوم وغدا؟ وإذا، فعلا، لا سمح الله، تفوز بجائزة نوبل لعام 2007، هل ستكون كلمتك أثناء تسلم الجائزة، بهذه الثورية الرعاعية، خصوصا الواقع العربي كله اليوم يعاني الاحتلال والاغتصاب، أم......؟

أحمد الهندي