نشرت صحيفة ايلاف الالكترونية تقريرا صحفيا عن مااسمته صفقة ايرانية ـ سورية ـ ليبية لتدشين محور جديد في المنطقة اطلق عليه ' المحور الفاطمي ' لمواجهة التمدد السلفي في المنطقة، وان الدوافع من هذا المحور تنحصر بمجرد الرغبة بالانتقام من السعودية وحلفائها في المنطقة، كما جاء في خبر ايلاف.

وبغض النظر من صحة هذا الخبر او عدم صحته، فان بدايات العام الجديد 2008 يبدوا تحمل لنا اخبار في اقل وصف لها انها جدا سيئة ومحزنة بذات الوقت. لان مثل هكذا اخبار لايتم تسريبها بدون مقدمات وخواتم مدروسة جيدا. اذن نحن امام اشكالية جديدة في منطقتنا الملتهبة اصلا ونحن اما خطوط طائفية جديدة في منطقتنا التي اصبحت بؤرة طائفية بتميز كبير برزت بشكل اكثر وضوح واكثر دموية بعد سقوط نظام الصنم الساقط في العراق. فلقد اصبح اللعب الطائفي على المكشوف كما يقال خاصة بعد عام 2003 ولم تعد امور او مواقف او اوراق غير مكشوفة فلقد تحولت كل الامور من تحت الطاولة الى فوقها وبشكل مسخ وفج والاخطر بشكل دموي وتدميري. بحيث وصلت الى حد اطلاق تصريحات استفزازية وغير مسؤولة من رؤساء ومسؤولين عرب، ناهيك عن اغلب الاعلام العربي الذي دخل هذه اللعبة الدموية بكل مااستطاع من قوة وكانت له صولات وجولات كبرى ميداينها الرئيسية ارصفة شوارع بغداد و دماء العراقيين وحرماتهم على وجه الخصوص اضافة الى اعمال ارهابية في السعودية ومصر والاردن وسوريا وتونس والجزائر والمغرب وحتى الصومال. وهذا في حقيقة الامر يشير الى غباء مركب وكبير لدى هولاء حينما تصور الجميع ان تحريضهم في العراق واشعال الفتن والنيران هناك سوف لن تصل اليهم وسوف يكون دورهم محصور فقط بالدعم المالي والتحريض الاعلامي وارسال عدد من البهائم عبر الحدود لتفجير نفسها وسط شوارع وازقة واسواق بغداد. لكن هذه البضاعة الدموية المعيبة والكاسدة والارهابية ردت الى منابعها الاصلية وستكون اخطر عليهم لانها اكتسبت خبرة في العراق واصبحت ايضا جزء من شبكات ارهابية متشعبة وسوف تفرخ لهم بهائم تدميرية باعداد لايستهان بها.


لقد اصبحنا الامة الوحيدة في كل التاريخ البشري التي تأكل بنفسها وتمضع لحم ابنائها وتفترس حرماتهم وتسفك دمائهم.

وها نحن بعد ان قسمنا انفسنا كمناطق سنية واخرى شيعية سوف يتم تقسيمنا مرة اخرى كخطوط عرض وخطوط طول فاطمية و اخرى سلفية واذا كانت بعض المطارات ونقاط التفتيش الحدودية العربية تسال المواطن العراقي بكل وقاحة وقبل ان ينزل ختم الدخول على جوازه، هل انت شيعي او سني !؟ فالقادم والمتوقع على ضوء الخطوط الجديدة المرتقبة سيكون السؤال بكل تاكيد هل انت فاطمي او سلفي !؟ ويبقى السؤال ومن لايريد ان يكون تحت خيمة هذه التقسيمات او هذه الخطوط ويحتفظ فقط بهويته العراقية الوطنية او قوميته العربية، ماذا سيكون مصيره واين سيكون في عالم عربي متخبط، لم يعد يعرف مايريد حتى من نفسه او من اصدقائه او من خصومه. في عالم عربي ثلثه بالضبط آمي حسب اخر احصائيات ثبتت ان مائة مليون انسان آمي بين صفوفه لايقرأ ولايكتب. في عالم كله تناقض مثير حد الضحك فهو يستقبل بوش في عواصمه بكل ترحاب وود وتقدير، لكن نفس هذا بوش لو ذهب الى العراق واستقبله المسؤولين العراقيين هناك لاصبحوا عملاء لامثيل لهم. لكن في نفس الوقت من يجلس في انابولس مع الصهاينة هو الوطني العربي المسلم القومي الحقيقي !! ولااعتراض لا على هذا ولا على ذلك، لكن فقط وضحوا لنا ماذا تريدون؟ واين ذاهبين بنا؟

ويبقى السؤال الاكبر اين مفكري هذه الامة، اين اصحاب الفكر الانساني في هذه الامة، اين اصحاب الفكر التنويري اين علماء الاجتماع والمجتمع و اين الطبقة المثقفة الحقيقية واين المبدعين !؟ اين ذهب كل هولاء اين اختفوا ولماذا فرض علينا قسرا ان نسمع الظلاميين والمتخلفين والقتله والمجرمين واصحاب الفكر الاحادي واصحاب كل شيء حرام، فقط الحلال ذبح البشر بالسكين او تفجير النفس وقتل الاخرين. ماذا حدث لهذه الامة العظيمة، ماذا اصاب هذا المجتمع العربي الغيور الطيب المثقف. اين ذهب كل هولاء لماذا فرغت الساحة منهم وبقيت لاصحاب الكهوف النتنه لاعداء الحياة وكل ماهو جميل. لماذا اصبحنا نحرم الموسيقى والغناء الانساني الجميل حتى في افراحنا ونستعين عنها بالتصفيق وترديد الاناشيد !! اي زمان مظلم هذا الذي نعيشه ولماذا علينا ان نقبل به. وطالما قبلنا بهذا وغيره اذن علينا ان نقبل الغاء الانسان في داخلنا والتحول الى وحوش ضمن تلك الخطوط المرتقبة ولاباس ان يكون الحكم الفاصل بيننا اخوتنا ' اولمرت وبيرز وحتى شارون ' فهذا ليس مهم، الاهم ان نقتل بعضنا ونسجل انتصاراتنا على بعضنا. ويبقى سؤال كبير يبحث عن اجابة، ماهو مصير اهلنا المسيحيين واليهود العرب وغيرهم من الاديان والقوميات الاخرى ضمن هذه خطوط العرض والطول الدموية، فالمسيحيين قبلها اصبحوا مطالبين بالفدية او دخول الاسلام او تلبس نسائهم ليس الحجاب فحسب بل حتى البرقع !!. بلا شك نحن نسير الى الهاوية وبلا شك نحن الامة التي منحت للانسان في داخلها اجازة طويلة ودخلت في سبات اطول. فنحن بحق امة عليها ان تخجل من نفسها لاننا نستورد من اصغر بلد اوربي ' الدنمارك ' فقط الجبنة والزبده بخمسة عشر مليار دولار سنويا. وبلا شك نحن اكثر الامم في الارض بحاجة الى اطباء نفسيين وعلماء تحليل نفسي لعلاجها. و بخطوط العرض والطول هذه او بغيرها بلاشك نحن الامة التي ضحكت من جهلها الامم. فلنكن صريحين مع أنفسنا حتى نشفى من اسباب جهلنا.

محمد الوادي
[email protected]