أعتادت الدول والأقوام والقبائل منذ القِدم بوضع رموز لها مشتقة أما من إرث حضاري أو فكري أو لبسالة القبيلة أو لوضعها الجغرافي أو لتاريخها العريق وهذه الرموز متعددة ومن ضمنها العلم الذي هو أهم رمز تعتز وتفخر به الأمم ولا توجد أمة حضارية راقية رصينة تقوم بتغيير علمها بأستمرار، لأنه رمز حضارتها ومجتمعها وليس رمز لنظام حكم ما.لكن هناك حالات مستثناة فمثلا اذا كان العلم يرمز الى نوع من العنصرية أو يمثل حقبة من تسلط نظام دموي ويرمز له ويمجده فالأتفاق على تغييره أو تغيير بعض من دلالاته أو معانيه يتم بالإتفاق والتراضي بين جميع مكونات الشعب والأستعاضة عنه برمز يمثل الجميع ويبرز الوجه الحضاري أو الجغرافي أو موروث ما يمثل قيمة عليا لجميع مكونات الشعب.

أما في الحالة العراقيه وفي ظل الإحتقان الذي يشهده المجتمع العراقي والظروف المصاحبة لهذا الإحتقان فلا يمكن الحديث عن تغيير أشياء تمثل رموز مهمة بالنسبة لكثير من العراقيين وأهمها العلم،هذا العلم الذي تمثل ألوانه رايات المسلمين التي كانت ترفع والأصرار على تغيره يعني الأصرار على جر العراق الى مشاكل لا أول لها ولا أخر وهذا ما يفعله البعض الان.

ومع اقتراب عقد ما يسمى بمؤتمر البرلمانات العربية في العراق في مدينة أربيل تتجدد مشكلة العلم العراقي، وتجدد معها مشاكل العراق وهذه المرة بدفع من الكويت ومن قبل رئيس البرلمان العربي المؤقت محمد جاسم الصقر،حيث كانت لهذا الرجل زيارات مكوكية الى أربيل أضافة الى زيارات قام بها قادة الميليشيات الكرديه الى الكويت، وقد تم نتيجة لهذه الأتصالات أختيار مدينة أربيل مكانا لعقد هذا المؤتمر دعمتها توصيات صدرت من محمد الصقر بأن أربيل مكانآ مفضلا لعقد مثل هذا الأجتماع، والهدف الخفي لأنعقاد المؤتمر وفي العراق بالذات ليس نبيلا أبدا خصوصآ وأنه يصدر من جهة معادية للعراق لجملة من الأسباب منها معرفة الجانب الكويتي بأن أنعقاد المؤتمر في أربيل سوف يجدد الصراع بشأن العلم العراقي وضرورة رفعه لأنه يمثل رمز العراق وسيادته على كامل أراضيه،وهو ما لم يقبل به قادة الميليشيات الكرديه التي تسيطر على شمال العراق، حيث أن قادة الميليشيات لهم حساسية مفرطة بشأن رفع العلم العراقي حيث يوظفون مسالة العلم لأسباب دعائية لأثارة عواطف البسطاء من أبناء الشعب الكردي المظلوم وللتغطية على فسادهم الذي أصبح يزكم الأنوف،فهم لم يستطيعوا توفير فرص عمل وحياة رغيدة لقطعات واسعة من شعبنا الكردي،بل عملوا على تكيم الافواه وكرسوا الدكتاتورية بابشع صورها ويستغلون أي مسألة لحرف الانظار عن جرائمهم التي ترتكب بحق الشعب الكردي خاصة والعراقي عامة.

لا يخفى على الكثيرين بأن الأحزاب الكرديه ونقصد بها الأحزاب العميلة التي تسير بالضد من توجهات الأكثريه الكرديه الوطنية وتطلعاتهم أصبحت تقلد الكيان الكويتي وتسير على نفس خارطة الطريق التي رسمت للكويت للأنفصال عن العراق وتسعى جاهدة الى الأستفادة من تكًوًن الكويت تاريخيا مستغلة وضع العراق الحالي، لغرض فرض واقعا على الأرض كما فرضت الكويت على الأرض العراقية مع أختلاف الظروف والأحداث، أضافة الى أن الكويت من جانبها تدعم كل جهد يصب في مصلحة تمزيق العراق، فالكويت مستقتلة على تقسيم العراق لتعفى من المٌسائلة التاريخية بعائديتها للعراق أو على الأقل الجزء الكبير منها أذا أفترضنا على سبيل المثال وجودها وهذا مناف للتاريخ والجغرافية، وهي تحاول جاهدة تشطير العراق الى فيدراليات فمن مساعدتها اللامحدودة للطموحات الأنفصالية في شمال العراق الى تشجيعها ودعمها الكبير لبعض الجهات في الجنوب لحثها على تشكيل فيدرالية في الجنوب أو على الأقل الظفر بفيدرالية بصرية كما يدفع بأتجاهه الان لتسهل عليهم الأستيلاء على البصره وطرد أهلها الشرفاء منها أو جعلهم عبيدا تتحكم بهم عن طريق أستثماراتها الكبيره الأن في العراق وخاصة في الجنوب.

أن الأطماع الكويتية حقيقة وليس وهما، فالكويت توسعت على حساب العراق وقضمت أجزاء كبيرة من أراضي العراق، فلا يعقل بأن بلد كالعراق ضارب في جذور التاريخ تكون منافذه على البحر شبه معدومة، فمن مساحة 13 الف كيلوا متر هي مساحة الكويت المفترضة، يحيط بها سور يسمى بسور كاظمة طوله الكيلو متر تقريبا الى مساحة 23 الف كيلو متر بسور طوله 217 كيلو متر يقف على أبواب الزبير ويقضم نصف أم قصر أضافة لأستيلاءها على كثير من الابار النفطية والموانئ العراقية،نحن نتسائل كما يتسائل معنا الكثيرين،هل تمددت الكويت بفعل درجة الحرارة العالية؟ أم قامت بردم لمياه البحر كما تفعل دول متقدمة مثل بريطانيا وهولندا والامارات حاليا؟ طبعا لا هذا ولا ذاك أنما هو توسع تم على حساب العراق وفي مراحل متعددة وظروف متقلبة.

أن حلقات التأمر على جنوب العراق وشماله لا زالت مستمرة طمعا في ثروات هذا البلد أولا وثانيا لإزالت وغلق حقوق تأريخيه كبيرة وما المحاولات الجارية الآن لفرض واقع حال وألزام العراق الجريح الضعيف بتوقيع تنازلات ومعاهدات وفرض مواد على دستور غير شرعي، الا تأكيدا على عدم شرعية ما يقومون به، ظنا منهم بأنه بمثل تلك الأتفاقات والمعاهدات سوف يحمون أنفسهم مستقبلا من المسائلة العراقيه والتي هي أتية لا ريب ويشرعون ما أستولوا عليه بصوره غير شرعية وبغفلة من الزمن.


حيدر مفتن جارالله الساعدي
[email protected]