باستطاعة الزعماء في لبنان ممارسة مهنة quot;الاستقبالquot;؛ فهم في اليوم والليلة يستقبلون عشرات الأشخاص، سفراء، بعثات، وزراء خارجية..الخ. آخر الزوار كان الدكتور عمرو موسى ومعه quot;السلةquot; المتكاملة التي أصبحت أهم سلة في تاريخ لبنان، السلة اتفق عليها وزراء الخارجية العرب، بما فيهم المحامي الأول عن السلة quot;وليد المعلمquot; أصبحت السلة فوق quot;الطاولةquot; وبعد أن أقرّ الوزراء العرب مشروعية تنفيذ الخطة التي تحملها السلةquot; فأخذ عمرو موسى quot;السلةquot; معه إلى لبنان، استقبل الزعماء السلة وعمرو موسى وسكن عمرو موسى والسلة في (الفينيسيا) في بيروت، كل من في لبنان شدوا الأنظار إلى السلة التي يحملها عمرو موسى والتي لا يفهم أي أحد منهم ما هي السلة-برغم الدفاع المستميت من قبل الأطراف على ضرورة توضيح ما في داخل السلة- عمرو موسى أمين رائع شرح بكل حماس وإخلاص ما هي الخطة التي تقتضي تنفيذها الخطة وقال بوضوح هذه هي الورقة التي وضعت داخل السلة، اتضح فيما بعد أن الحكومة المقبلة داخل السلة، وأن كل الوزراء داخلها.


ميشيل عون وفي مؤتمره الصحافي أقسم ان الحكومة التي في داخل السلة هي حكومة quot;مثالثةquot; بينما اختلف البعض في تجزئة السلة لكن عمرو موسى خرج عن صمته وأوضح ndash;بعد أن أقسم أيمانه المغلظة- أن ما في السلة إلا الحكومة لكنها ليست حكومة quot;مثالثةquot; وإنما حكومة أكثرية وأقلية اما quot;الصوت الوازنquot; ndash;أخفاه الدكتور عمرو داخل السلة تحت الحكومة- فهو لرئيس الجمهورية، يعني أن ميشيل سليمان له من الجامعة العربية باقة وزراء وفوقها quot;صوت وازنquot; أصلي هدية له ولكل المسيحيين المعتدلين المخلصين للبنان.


الغريب أن لبنان يسكنه-بحسب رواية سليم الحص- 28 طائفة! كلها ستقتات على السلة المذكورة. وهو ما رُفض لأن لبنان بتاريخه كان يأخذ quot;السلالquot; المجانية من سوريا، فكيف لملايين اللبنانيين أن يلحقوا بسلة واحدة فقط وسلة عربية الصنع أيضاً. الشيخ حسن نصر الله ndash;فجأة-وجد الحل، فإيران لا تحسن فقط صناعة السجاد كما يتوهم البعض بل وتحسن حياكة السلال أيضاً خطب السيد حسن في يوم عاشوراء الكبير وبعد أن حمد الله وأثنى عليه، كشف أن في مستودعه الشخصي إضافة إلى الصواريخ، هناك سلة كبيرة quot;ستغير وجه المنطقةquot; وهي سلة سرية خاصة بنصر الله وميشيل عون-بشرط أن يدفع عون الخمس الذي حلّ عليه مراراً منذ توقيع الوثيقة- رأت الموالاة أن تأخذ هي السلة وحدها بعد أن أصبح لدى المعارضة سلة جيدة الصنع ومطرزة باليورانيوم المخصب ووصلت السلة آمنة بحافلة موديل 67 من الجيش السوري الشقيق، رأى الشيخ حسن أن على حكومة الوحدة الوطنية ndash;إضافة إلى الشروط المتناسلة التي تبرز كل يوم- أن عليها أن تضع ضمن أجندتها حماية quot;السلةquot; الوطنية وأن تضع بعض ميزانيتها في خدمة quot;السلةquot; خاصة وأن quot;اللُحمةquot; الوطنية قد تخثّرت وزنّ فوقها الذباب حتى شبع، ومع أن ميشيل عون أصيب بسعال حادّ بعد أن لمس quot;السلةquot; إيرانية الصنع غير أن جبران باسيل قام مقامه فلا عجب فهو الذي كلما شاهدته على التلفاز أشعر أنه يسكن في وسط quot;حلاقquot;!
فيروز كالعادة فنانة كونية، تصمت، تغني للقمر، والعشب، والخبز والمطر، تغني للأمل والحب، تغني لبيروت. فيروز تلك المراة اللطيفة البريئة أُدخلت ظلماً على خط التماس مع قضية quot;السلةquot; العربية، سوريا برغم تأكيدها على أن لا علاقة لغناء فيروز في دمشق بأزمة quot;السلةquot; إلا أن العزيز وليد بيك جنبلاط رأى أن غناء فيروز للقمر في دمشق يتضمن بالضرورة الغناء للسلة الإيرانية، المعارضة أكلت الضرب ورأت أن سوريا كالعادة تنفي لتثبت، وتتبرأ لتلتصق، لذا دافعت عن ذهاب فيروز إلى هناك، مع أن فيروز ستغني لدمشق quot;صح النومquot; بمناسبة اختيار دمشق عاصمة للثقافة العربية، فعلاً يا فيروز quot;صح النومquot;.


لو كنت من جنبلاط لعلمت أن فيروز برغم صمتها واحترامها الأمومي لما أسماه الكاتب الكبير سمير قصير quot;شقاء العربquot; غير أن بإمكان وليد جنبلاط أو أكرم شهيب حسب الإمكان أن ينتجوا-بالتنسيق مع فيروز طبعاً- شريطاً يُعنى بأغاني فيروز الربع عشر من آذارية، مثلاً أغنية quot;الطريق إلى السرايquot; أثق أن الرئيس الخلوق فؤاد السنيورة يسمعها كل صباح يتخيل بهدوء حسن نصر الله وهو يداعب سلته الإيرانية، كما يمكن لجنبلاط أن يستمع ndash;بنفس مستوى هدوء السنيورة سواء كان في المختارة أو في بيته الشتوي -إلى أغنية quot;نحنا والقمر جيرانquot; فيروز في هذه الأغنية تقول نفس كلام جنبلاط، تقول بوضوح: إن الجار الحقيقي للبنان هو quot;القمرquot;! لا سوريا ولا إسرائيل، جار لبنان الحقيقي هو quot;القمرquot; بعيداً عن سلاح سوريا التخريبي الذي يمرّ quot;تحت الأرضquot; وسلاح إسرائيل التخريبي الذي يمرّ عبر الطائرات quot;فوق الأرضquot; وهو ما لم يعلمه حتى الآن وليد المعلم الذي أثق أنه الآن يواصل اتصالاته من أجل تعطيل quot;السلة العربيةquot; يبدو لي أن فيروز أنكرت الإيمان بالسلة العربية والسلة الإيرانية معاً، وأنها تكتفي بالجلوس مع ابنها المشاغب quot;زيادquot; وتستمع بإخلاص أغنيته بصوته الأجشّ quot;يا زمان الطائفيةquot; أو أنها تضع رأس أصبعها على أسفل وجهها تنتظر ابنتها المخرجة ريم أن تأخذ لها صورة quot;الشتاءquot;.


أقدّر كثيراً ذكاء الأمير سعود الفيصل فهو مثلي أنِف من كلمة quot;سلةquot; وشعر أنه في سوق خضار وليس في موقع بحث سياسي، هذا مع تمسك وليد المعلم بكلمة quot;سلةquot; لأنه يرى أن quot;الخطةquot; إذا كانت في السلة أكثر أمناً داخل السلة، الأمير سعود الفيصل الذي تولى أعلى منصب دبلوماسي في السعودية منذ ثلاثة عقود هو أحد عباقرة الدبلوماسية العالمية، لذا أصرّ على تسميتها بـquot;الخطةquot;، لأن الهدف ليس إخفاء quot;الخطةquot; داخل السلة لتتعفن كما يريد المعلم، وإنما لطرحها على اللبنانيين ليتصالحوا، ولا زال الصراخ بين اللبنانيين والعراك، خاصةً وأن quot;السعالquot; بدأ يدب في بلاعيمهم شيئاً فشيئاً بعد طول صراخ وزعيق.

فهد الشقيران
كاتب سعودي
[email protected]