وزير التجارة والبرلمان مثالا


تثار هذه الايام في العراق قضية اتهام وزير التجارة العراقي عبد الفلاح السوداني بقضايا الفساد المالي والآداري وايضا تهديد المفتش العام بالوزارة وعائلته بالتصفية الجسدية. وعلى اثر ذلك وجهت دعوة الى الوزير المعني لغرض الاستجواب في البرلمان. وهنا للامانة يجب ان اشير الى اني غير مطلع على القضية وغير متاكد من صحة الاتهامات او عدم صحتها. لكن الفكرة نفسها تستحق المناقشة والتحليل وحتى quot; الاستهزاء والاستخفاف بها والضحك كثيرا عليها quot; لانها تجري في العراق اليوم على وجه الخصوص. فقط يبقى للتوضيح ان هذا الضحك الكثير هو احد انواع البكاء المر الذي تعودنا عليه نحن العراقيين.
لكن المثير في الموضوع ان البرلمان العراقي البائس بكل معنى الكلمة، والذي نال باستحقاق لقب البرلمان الخائب، برلمان الحج، برلمان الصفقات الارهابية، برلمان الامتيازات المالية الضخمة. برلمان الغيابات المزمنة. يريد ان يحاسب وزير المفروض انه سارق، ولااعرف كيف برلمان سارق يحاسب وزير سارق!؟ وان اختلفت نوعية السرقات بشكل قانوني كانت او بشكل غير قانوني فالحالتين في نفس وطيسة الاختلاسات الجارية في العراق والتي اصبحت رائحتها تزكم الانوف. لقد كانت بغداد عاصمة الجلاوزة من اقرباء واصحاب الصنم الساقط، واليوم غالبية الوجوه الموجودة والتي تتصدر الواجهة السياسية تستحق بجدارة لقب لاينافسها عليها احد ولايتشرف به هو quot; حرامية بغداد quot;. كان العراقيين سابقآ يتداولون اخبار حرامي بغداد الشهير خير الله طلفاح خال الصنم. واليوم يحتار المرء يؤشر على من ويترك من، من حرامية بغداد الجدد. فلقد اصبح طلفاح صفر على الشمال امام هولاء الجلاوزة الجدد. فلولا القلة النادرة في البرلمان الحالي من الاشخاص الشرفاء لاستحقت قاعة البرلمان لقب اخر من النوع quot; المتدني quot; الذي يلق بهم. هولاء الذين لايقل شرهم عن شر الارهاب شيئآ اذا كان لايزيد عليه شرا وسؤآ. فلقد تقاسم الاثنين الفتك بالعراقيين وطموحاتهم الانسانية كلآ على طريقته وكلآ يكمل الاخر.

الان تذكر بعض اوباش البرلمان ان الشاي المستورد قبل عدة اشهر كان فاسدآ وان صلاحيته انتهت منذ عام 1988!! والان عرف هولاء الاوباش ان هذا الشاي الذي دفع له خمسين مليون دولار من ثروات العراقيين لايعادل سعره الحقيقي اكثر من عشرين الف دولار، حسب مايقول بعض اعضاء البرلمان!! الان تذكر اوباش البرلمان ان السكر الذي تم توزيعه على العراقيين فاسدا quot; ومتكتل quot; احتاج حرامية البرلمان عدة اشهر ليتذكروا هذه الجرائم الانسانية وبعد ان فتكت المواد الفاسدة بالعراقيين!؟ لكن لحد الان لم يكتشفوا ان فقرات الحصة التمونية لم تكتمل يوما للعراقيين. رغم انهم يفتتحون كل جلسة بسورة من القران الكريم!!ولن ازيد بهذا الجانب.

اما وزير التجارة quot; المغوار quot; فلقد تذكر وتنبه فور انطلاق هذه الاتهامات ضده وجود هيئة النزاهة فعقد كما نقلت الاخبار لقاء فوري ومستعجل مع رئيس الهيئة وصرح بعدها مباشرة ان الوزارة وضعت خطة لمحاربة الفساد ومرتكبيه. يبدو انه كان في سبات quot; اختلاسي وانساني quot; لايقل عن حرامية البرلمان. كما يبدو ان هذا الوزير يحب نفسه كثيرا و quot; اناني كبير quot; والا كان قادر على تجاوز كل هذه الضجة من البداية واعطاء حصة البرلمان من quot; الاتوات quot; مثلا كاقتراح يتقدم به صاحب هذه الاسطر وكحل توافقي. لكل عضو برلمان شهريا عشرة أطنان رز ومثلها طحين وسكر وشاي، حاله حال زميله وزير النفط الذي يوزع من أرث اهله شهريا صهرجين وقود لكل عضوء برلمان يباع فورا في السوق السوداء بسعر 60 الف دولار للصهريج الواحد. لذلك ترى بعض حرامية البرلمان ورغم مأسات العراقيين مع النفط ومشتقاته لكنهم صم بكم. واذا كانت من ضمن التهم الموجهة لوزير التجارة ان شقيقيه وابنه هم الموردين لهذه المواد وغيرها، فرفيقه وزير النفط وقبل صدور قرار استيراد المشتقات النفطية من الخارج أسس شقيقه شركة في دبي وعمان لتوريد هذه المشتقات. لكن ابو النفط يعرف الدرب جيدا احسن من ابو التجارة ويبدو انه اكثر كرم وتسامح مع اخوته الحرامية في البرلمان من انانية ابو التجارة. ثم يبقى سوال يبحث عن اجابة، هل اصاب العراق العقم من الرجال والكفاءات ولايوجد غير هذه الوجوه المتنقلة من وزارة الى اخرى من التربية الى التجارة ونفس الشيء الشهرستاني ومثلهم الكثير!!؟ من جانب اخر مستعد ان اعطي قوائم وليس مجرد اسماء من عوائل و عشائر الوزراء و البرلمان و المسؤولين الذين هيمنوا على المناصب او على عقود التوريد المختلفة. فاين الاصوات الوطنية الشريفة في البرلمان، رغم يقيني بقلتهم، لكن اين اصواتهم وقد وصلت الرائحة النتنه الى حدود لاتطاق!؟

في الوقت الذي نكرر دعمنا للعملية السياسية والدستورية لايمكن ابدا ان ندعم هكذا نتائج فاسدة ولامن يدعمها او يتستر عليها.
لذلك على السيد المالكي رئيس الحكومة العراقية ان يتخذ قرارت وبصوت عالي يسمعها الجميع والا ان الامور اذا سارت بهذه المنهجيه الفاسدة فهي ليس بصالحه على الاطلاق ولا بصالح تاريخه الشخصي. لذلك اذا ثبتت هذه التهمة او غيرها فيجب ان تكون عبرة للاخرين من خلال محاكمة علنية منقولة على الفضائيات بشكل مباشر، حالهم حال محاكمة الصنم الساقط واعوانه فهولاء ليس اقل جريمة ولااقل شر بحق العراقيين، ولاهم اشرف من المجرم الكمياوي فذاك رش الكمياوي على اهل كردستان والاهوار وهولاء رشوا السم في بطون جميع العراقيين. واذا كانت فعلا محاكمة عادلة وعلنية فبالتاكيد ستصل لنفس نتيجة الصنم فلاباس حينها اذا تم استخدام نفس حبل المشنقة وتم ايضا نقلها بالتلفزيون. لانه يبدو هذا هو قدر العراقيين ان يتعايشوا مع الحبال والموت العلني. ولعنة الله على على من يدافع او يتسترعلى متهم ارهابي او فاسدا سنيآ كان او شيعيآ. مقدمآ اقولها لاصحاب الأفق الضيق.

محمد الوادي
[email protected]